الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

صناعة «الخيال»

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

أول ما يتبادر للسؤال عنه: ما هو الخيال؟!

إن كان هو ذلك الطيف الذي يمر على الإنسان في عقله! فهل يمكن أن يتحول لصناعة؟!

اضافة اعلان

إنه سؤال مشروع وطبيعي جدًّا!...

لنبدأ القصة من البداية....

الإنسان يعيش - بطبيعته - عالمين مختلفين: عالم الحقيقة وعالم الخيال...

الأول مرتبط بحياته اليومية وحركته الشخصية من عمل وعبادة وسفر وزيارة، والآخر ما يطيف بعقل الإنسان ويجعله يعيش في عالم آخر اصطلح على تسميته "الخيال"..

الخيال - باختصار شديد - هو عكس "الحقيقة"، وإن كان الوصف الأليق بالثاني هو الواقع الصادق المعاش فإن الأول هو الواقع الكاذب - إن صحت العبارة - أو الواقع "المفتعل" بمعنى أنه لم يحدث أبداً...

كيف يمكن أن يكون الخيال "صناعة" والصناعة عادة مرتبطة بالإنتاج‏ وهذا مرتبط بالاقتصاد والأموال!..

الأمر يسير... "صناعة الخيال "هي" صناعة القصة "من وجه آخر.. القصة التي تحولت من حكايات "الجدات" للصغار وقت النوم! إلى صناعة متكاملة لها مؤلفيها، وكتابها وناشريها وقرائها...

صناعة لها أصول علمية وتعتمد الأساليب التجارية..

صناعة مستقلة تحركها ملايين الدولارات بل ما يفوق عن ألف بليون سنوياً..

أنها صناعة من الوزن الثقيل.. مصدر دخل للبعض وميدان متعة للبعض..

صناعة تحركها شركات أخطبوطية حول العالم..

أمامي قصة بعنوان "لماذا لا يسألوا أيفانز؟" للكاتبة الشهيرة أجاثا كريستي والتي طُبع من قصصها أكثر من ألف مليون نسخة خلال السنوات الماضية!.. أليست هي صناعة يشارك فيها الكاتبُ بقلمه.. ومنضدُ الحروف بجهازه، والمخرج بفنه، والطابع بمطبعته والناشر بوسائل نقله والبائع بمكتباته وأخيراً القارئ الذي يدفع ثمناً ليس هيناً مقابل "خيال"!.

صناعة القصة ليست بجديدة لكنها تحولت إلى نمط جديد بالكامل...

كانت القصة مجرد كلمات على ورق لكنها تحولت اليوم إلى شيء مختلف تماماً...

القصة التي نسمع حوار أبطالها في الإذاعة ونستمتع بأحداثها ونتفاعل مع شخصياتها أليست نمطاً جديداً...!!

القصة التي تحولت إلى عالم "التجسيد" من خلال المسرح: يتفنن أبطالها بسرد الوقائع والحوادث ليشد المتفرج ويثير المشاهد ويسهل عليهم استيعاب أحداثها ويُقرب لهم معانيها أليست صناعة بالكامل!.. لها مسارحها ومهندسوها وفنانوها وتقنيوها.. !!

الحدث الأكبر والأخطر هو تحول القصة إلى تجسيد جديد من خلال الشاشة حيث يجتمع الصوت والصورة، وتتحول الكلمات البسيطة المسطرة على الورق إلى حركات وانفعالات وحوادث يجسدها أبطال حقيقيون (وأحياناً رسوم) ينقلون "الخيال" إلى عالم آخر جديد.. ينسى الإنسان نفسه أمامه فهل ما يشاهد "حقيقة"

أم "خيال"؟!

الصورة المتقنة والصوت الأخّاذ وتقنيات التجسيد والخدع الفنية جعلت القصة المصورة أقرب إلى المشاهد وأكثر تأثيراً وأبلغ في الإثارة...

العيون قد تدمع... والوجه قد يتملكه الرعب... والقلب تزيد دقاته... والنفس مستثارة والفم قد يضحك كل هذا من خلال الخيال الصناعة وليس الخيال ما يدور في ذهنك!

صناعة "الخيال" استغلت حاجة النفس البشرية للاستمتاع والعيش بعيداً عن عالمه "الحقيقي" الذي قد يكتنفه الكثير من الصعوبات والتعب والألم.

شركات "الخيال" من أبرز أمثلتها شركات إنتاج‏ الأفلام ذات الميزانيات الضخمة والتي تفوق أحياناً مئات الملايين، وها هي الجموع تلهث بحثاً عن "الخيال" وتدفع مقابله وتخصص وقتاً لمتابعته في وضع أقرب ما يكون إلى السحر!

إن صناعة "الخيال" تنافس اليوم كبريات الصناعات "الحقيقية"، والاستثمار في "الخيال" أصبح ضمن أربح مجالات الاستثمار، فالمستهلك موجود والدافع متاح وحُب "الخيال" فطرة لا يمكن دفعها، والمال متوفر فلم لا تنجح صناعة الخيال؟!

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook