الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

استشهاد «الدرة» في انتفاضة الأقصى.. التاريخ يعيد نفسه

محمد الدرة
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - الأناضول:

حَجَر وكفى.. سلاح في يد شاب فلسطيني مقاوم، يواجه به بندقية جندي صهيوني محتل يسعى لطمس هوية المسجد الأقصى المبارك بشتى الوسائل، ليعيد للذاكرة انطلاقة الانتفاضتين الأولى والثانية.

اضافة اعلان

فقبل 15 عاماً، وفي 28 سبتمبر 2000، اندلعت شرارة انتفاضة الأقصى، عقب اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني، أرئيل شارون، المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من جيشه.

وتجول شارون آنذاك في ساحات المسجد، وقال: إنّ "الحرم القدسي" سيبقى منطقة صهيونية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين وقواته، أسفرت عن سقوط 7 شهداء، و250 جريحاً في صفوف الفلسطينيين، فيما أصيب 3 جنود صهاينة.

وشهدت مدينة القدس، حينها، مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات، سرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية، وقطاع غزة.

ويعتبر الطفل الفلسطيني، محمد الدرة (11 عاماً)، رمزاً لهذه الانتفاضة، فبعد يومين من اقتحام المسجد، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، في الـ 30 من الشهر نفسه، مشاهد حية لإعدام الطفل الدرة وهو يحتمي بوالده إلى جوار برميل إسمنتي، عند مفترق "نتساريم" (إحدى المستوطنات الصهيونية قبل انسحاب 2005) جنوبي مدينة غزة.

وأثار مقتل الدرة، مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم بالخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

وتميزت "انتفاضة الأقصى"، بكثرة المواجهات التي استخدم في بدايتها الشبان الفلسطينيون، الحجارة، وتصاعدت وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.

وبحسب أرقام فلسطينية وصهيونية رسمية، فقد أسفرت هذه الانتفاضة عن استشهاد 4412 فلسطينياً وجَرْح 48322 آخرين، فيما قتل 1069 صهيونياً وجُرح 4500 آخرون.

وتعرضت مناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة خلال هذه الفترة، لاجتياحات عسكرية، وتدمير لآلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية.

ومن أبرز أحداث الانتفاضة، كان اغتيال وزير السياحة في الحكومة الصهيونية آنذاك، رحبعام زئيفي، على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة، ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

وشهدت الانتفاضة، تطوراً في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987، التي كان أبرز أدواتها "الحجارة"، و"الزجاجات الحارقة".

كما عملت فصائل المقاومة على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، بتطوير سلاحها، وتمكنت من تصنيع صواريخ، لضرب المدن والبلدات الإسرائيلية.

وكانت مستوطنة "سديروت" جنوبي الدولة الصهيونية، على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب القسام، بعد عام من انطلاقة انتفاضة الأقصى (26 أكتوبر)، لتطور بعد ذلك وعلى نحو متسارع من قدراتها في تصنيع الصواريخ، ووصولها إلى كبرى المدن المحتلة.

كما قامت العديد من الفصائل الفلسطينية، بعمليات استهدفت حافلات للمستوطنين أدت إلى مقتل وإصابة العشرات منهم.

وعن أبرز العمليات العسكرية التي قادتها إسرائيل، خلال انتفاضة الأقصى، كانت "السور الواقي" التي بدأتها في 29 مارس وانتهت في يوليو من العام نفسه، أسفرت عن مقتل المئات من الفلسطينيين.

كما فرضت الدولة الصهيونية، آنذاك، حصاراً على مقر الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في مقر المقاطعة، برام الله وسط الضفة الغربية، لعدة أشهر، ومنعته من التنقل والسفر.

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالمسؤولية عن وفاة زعيمهم التاريخي ياسر عرفات، في 11 نوفمبر عام 2004، عن عمر ناهز 75 عاماً، في مستشفى عسكري في ضواحي باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره في مقر المقاطعة.

وفي 25 نوفمبر ثاني 2012، أخذ خبراء روس وفرنسيون وسويسريون، عينات من جثمان عرفات، بعد فتح ضريحه برام الله، لفحص سبب الوفاة.

واستبعد الخبراء ذاتهم فرضية الاغتيال، وقالوا إن وجود غاز "الرادون" غاز طبيعي مشع في البيئة الخارجية، قد يفسر ارتفاع المواد المشعّة.

لكن معهد "لوزان السويسري" للتحاليل الإشعاعية، كشف في تحقيق نشرته قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية، عن وجود بولونيوم مشع في رفات عرفات، وسط تقديرات تقول إنه مات مقتولاً بهذه المادة المسممة.

وتوقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير عام 2005، بعد اتفاق هدنة بين الاحتلال والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ" المصرية، إلا أن مراقبين يرون أنها لم تنتهِ لعدم توصل الجانبين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة، التي ازدادت وتيرتها مؤخراً.

وفي 8 ديسمبر 1987، اندلعت الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة الحجارة" كما يسميها الفلسطينيون، في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين.

ويعود سبب الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة، إلى قيام سائق شاحنة صهيوني بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز بيت حانون "إيريز"، شمالي القطاع.

واشتعلت أحداثها لاحقاً، احتجاجاً على أوضاع المخيمات التي شهدت في تلك الفترة، انتشار البطالة، وما اعتبره الفلسطينيون إهانة الشعور القومي، والقمع اليومي الذي تمارسه السلطات الصهيونية ضدهم.

وشهدت الانتفاضة الأولى، عدداً من العمليات ضد الأهداف الصهيونية، كما عرفت ظاهرة حرب "السكاكين" إذ كان الفلسطينيون يهاجمون الجنود والمستوطنين بالطعن، بحسب مصادر فلسطينية.

وتقدر حصيلة الضحايا الفلسطينيين الذين قضوا على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني أثناء انتفاضة الحجارة، بنحو 1، 162 قتيلاً، بينهم حوالي 241 طفلا، ونحو 90 ألف جريح، فضلاً عن تدمير ونسف 1228 منزلاً، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية، أما من الجانب الصهيوني فقُتل 160 فقط.

وتم اعتقال ما يقارب من 60 ألف فلسطيني من القدس، والضفة، والقطاع، وفلسطينيي الداخل، وفق إحصائية أصدرها مركز الأسرى للدراسات (فلسطيني مستقل) في مارس.

وهدأت هذه الانتفاضة، عام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية أوسلو بين الدولة الصهيونية ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

وخلال الأيام الماضية، شهدت العديد من الأحياء الفلسطينية، في القدس الشرقية، مواجهات بين قوات الشرطة الصهيونية وعشرات الشبان الفلسطينيين الغاضبين، جراء الاقتحامات المتكررة لساحات الأقصى، التي لقيت تنديداً إسلامياً ودولياً.

وتبنى المجلس الوزاري الصهيوني المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، الخميس الماضي، في اجتماع عقده برئاسة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء "تفويض الجنود الصهاينة إطلاق النار على الفلسطينيين، في حال تعرض الجيش أو مواطن يهودي للخطر".

وأعادت حوادث رشق الحجارة في المدينة إلى الأذهان، الانتفاضة الأولى التي استخدم فيها الشبان الملثمون الحجر والمقلاع اللذين كانا من أهم الأدوات التي يستخدمونها للدفاع عن أنفسهم، ومقاومة الإسرائيلي عندما يدخل للأزقة والشوارع بالعربات العسكرية، إلى جانب استخدامهم الإطارات، وحاويات النفايات الكبيرة لإغلاق الشوارع التي تقع فيها المواجهات، وكذلك انتفاضة الأقصى.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook