الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

رسالة عمر من بيت المقدس

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

لا تستطيع أمة من الأمم أن تحافظ على وجودها من الضياع وهويتها من الذوبان في بحر الدفء الذي قد يلف حيناً من الدهر علاقاتها مع أعدائها إلا بالحفاظ على ثوابتها وعدم التفريط فيها.

اضافة اعلان

ومن المعلوم بداهة أن الهزيمة التي تلحق بالأمم إذا ما استدرجها عدوها إلى التخلي عن ثوابتها بدعوى 'الواقعية' و' فن المفاوضات ' لا تضاهيها هزيمة أخرى، بل هي أشد وقعاً من الخسائر الحربية واحتلال الأرض، التي قد تسترد يوماً، ولكن من يستطيع أن يعيد للأمة ثوابتها يوم أن تضيع بأيدي أبنائها.

وإذا كان التاريخ قد حفظ في صفحاته السود أولئك الذين فرطوا في الأرض بتخاذلهم عن إعداد العدة والذود عن الديار، في أعوام النكبة والهزيمة المنكرة على يد حفنة من الصهاينة، فلن تكون صفحات التاريخ إلا أكثر سواداً لأولئك المتربحين بثوابت الأمة وعقيدتها ومنطلقاتها.

والذي دعانا للحديث عن الثوابت التي تجب مراعاتها فيما يخص القضية الفلسطينية هو ما نراه من موجة جديدة من موجات تكفين القضية ودفنها بأي صورة من الصور ولو على حساب تلك الثوابت، وما استتبع ذلك من محاولات إسرائيلية محمومة لفرض كلمتها على المقدسات الإسلامية، وفي مقدمتها القدس الشريف.

فحسب معتقدات الصهاينة لابد من إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى ولو بعد حين، ومن ثم فإن القدس ليست بحال من الأحوال مجالاً للنقاش آنياً أو مستقبلاً.

وقد أرسلت 'إسرائيل' بالونات اختبار متعددة في الآونة الأخيرة لجس نبض الشعوب حيال المسجد من خلال الاقتحامات المتوالية التي تستهدف -على المستوى القريب- إخلاءه من جماعات "المرابطين والمرابطات"، الذين أعلن وزيرُ الحرب الصهيوني موشيه يعالون، أنهم يشكلون "تنظيماً غير مشروع".

والمرابطون والمرابطات هم مصلون من القدس الشرقية، يتواجدون في المسجد الأقصى بهدف منع المغتصبين اليهود من اقتحامه وأداء طقوس دينية يهودية فيه، ويمارسون ما يمكن وصفه بالجهاد السلمي، بالرباط في المسجد الأقصى.

وعلى المستوى البعيد تستهدف الاقتحامات الصهيونية المتكررة للمسجد الأقصى محاولة فرض واقع جديد في المسجد بالقوة، وتقسيمه زمنياً ومكانياً، وأن يظل الأمر كله بيد الاحتلال، فهو من يتحكم في المسجد ويفرض فيه كلمته.

وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن على وضع قِبلة المسلمين الأولى، وقد انفض عنه ساسةُ العرب، وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء، وقد ذهبوا في التآمر على المقاومة المشروعة ضد الاحتلال كل مذهب، فيما سلم منهم الاحتلالُ ذاته.

فحركات المقاومة الفلسطينية لا تجد أيَّ عون أو مدد من قِبل الحكومات العربية، التي تناصب المقاومة -وخاصة حركة حماس- العداءَ، وتضع العصا في دولاب العمل في غزة بهدف عرقلة المقاومة وإسقاط الحركة.

ونظرة أخرى على حسابات علماء الأمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ستدرك أن غالب هؤلاء العلماء ما زالوا في غلفة عما يحدث، ولا زالت الحساباتُ الضيقة تسيطر على بوصلة تفكيرهم، ومن نجا منها ذهب ليغرد بعيداً عن جمال الطقس وبديع الزمان!

نعم ذهب غالبُ علماء الأمة -إلا من ندر- ليبحثوا في المسائل الكلامية والفلسفية وتركوا الحديث عن واقع الأمة إيثاراً للسلامة، ذهبوا ليتحدث في الفضاء الواسع الذي يأتي لهم بمتابعين ومغردين، وتركوا الحرائق تشتعل في جسد الأمة.

إن التاريخ سجَّل أقوالاً لعمر بن الخطاب أثناء وجوده في بيت المقدس، بيَّن فيها أن هذه البلاد فُتحت بالإسلام، وأنها لا تضيع إلا بالتخلي عنه، حيث قال: ' يا أهل الإسلام إنّ الله تعالى قد صدقكم الوعد، ونصركم على الأعداء، وأورثكم البلاد، ومكن لكم في الأرض، فلا يكون جزاؤه منكم إلا الشكر، وإياكم والعمل بالمعاصي، فإنَّ العمل بالمعاصي كفرٌ بالنعم، وقلما كفر قومٌ بما أنعم الله عليهم، ثمَّ لم يفرغوا إلى التوبة إلا سُلبوا عِزَّهم، وسَلّط الله عليهم عدوهم'.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook