الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أنا امشي إذا أنا حي

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

اطلعت مؤخراً على بحث علمي مدهش نشر في مجلة "لانسيت" الطبية يتحدث عن أن تغيير النمط المعيشي أفضل في تجنب مضاعفات السكري من الأدوية وتحديداً مركبات المتفورمين مثل الجلوكوفاج الذي يعتمد عليه كثير من مرضى السكري عندنا. وفي نفس الأيام تواصل معي صاحب قصة حقيقية تجسد هذه الحقيقة من واقعنا. وفيما يلي نص القصة. لي ذكريات وصراع متجدد بين السمنة والرشاقة، والرياضة والكسل، والصحة والأمراض المزمنة. وكنت أعاني من السمنة، حيث وصلت إلى أعلى وزن لي 110 كجم عندما تجاوزت الأربعين عام 1412هـ. وفي ذلك العام تحمست للرياضة وبعنف. من ذلك أني كنت أذهب يوميا على الدراجة الهوائية من الخبر إلى الدمام في يوليو وأغسطس ظهراً،بالإضافةإلى الجري على السير الكهربائي،، وهكذاحتى فقدت ٢٦ كيلو من وزني خلال ٧٥ يوم. لكن صعوبة الاستمرار على هذه الوتيرة، وسرعة الانقطاععنها جعلها مجرد ذكريات، وأعادني إلى المربع الأول،ولم تشفع لي من الإصابة بالأمراض المزمنة ومضاعفاتها. بل تكالبتعلي العديد من الأمراض، حتى أني عملت خمسة عمليات جراحيه مختلفة، وليس من مجال هنا للتفصيل في ذلك. في عام 1420هـ عرفت أني مصاب بارتفاع ضغط الدم،كما أبلغني الطبيب بأن لدي ارتفاع فيالكوليسترول والدهون الثلاثية. ثم عرفت أني مصاب بالسكري عام 1423هـ.وقد قضيت أربع سنوات وأنا أجهل ماهوالسكري، وما يجب عليتحديداً فعله. وإذا أضفت عزيزي القارىء لذلكتوجهات سيئةومتشائمة من الطبيب الذي تراه أول مرةليخبرك بإصابتك بالسكري، فستكتمل لديك الصورة. وفي خضم إهمال هذه المشكلات أصبت بجلطة في الدماغ عام 1426هـ وعندما كان عمري حوالي 55 سنة، فقدت على إثرها السمع في الأذن اليسرى. ومشكلات صحية أخرى أصابتنيبإحباط ويأس وضغط نفسي مع مسؤوليات حياتية كثيرة اعتقدت معها أنهذه هي خطواتي الأولى إلى القبر. لقد كان شعوري بالاقتراب من القبر. في عام 1428هـوبعد أن تعافيت منآثار الجلطةما عدا السمع،بدأت بالمشي،ولكني كنت أتوقف لأني كنت أقيد نفسي بملابس رياضه ووقت معين.ثم قررت ألا أتوقف لأي سبب ولا في أي حال، حتى أني كنت أمشي في العمل في ساعة الغداء ظهرا وأمشي ساعة ليلاًأيضا.كما قررت أن أعرف ماهو السكر؟ وأن أعرف قدر الإمكان عن كل مرض أعاني منه.قرأت وعرفت الكثير بحمد الله.واتضح لي أيضا أن السكر من النوع الثاني ليس له علاج إلا الرياضة والحمية. مرت ستة أشهر وأنا أمشي بانتظام حتى بدأت أشعر بالإدمان على المشي،فكنتإذا لم أمش يوماًأشعر وكأني فقدت شيئاً مهماً ذلك اليوم. واستمريت على المشي اليومي عدا يوم الجمعة منذ 1428هـ ولسبعة سنوات حتى الآن،إلا ماشاء الله بسبب مرض أو التزام مهم.وعاهدت نفسي أن أمشي يومياً حتى وإن بدأت المشي آخر الليل أو تركت بعض مسؤولياتي من أجل المشي. أسباب كثيره جعلتني أختار المشي، منها صعوبة الرياضات العنيفةبعد إصابتي الجلطة وغيرها. ومنها أن لي أصدقاء أصحاب ثقافة عالية وشهادات عليا وأكثرهم مهتمون برياضة المشي، وقد كان لهم دور في استمراري على المشي، ولا زلنا نمشي سوياً في كثير من الأحيان. مع دوافع وتحفيز الأصدقاء، إلا أن إدراكي أنه لا خيار أماميكان هو نقطة التحول ودافع الاستمرار حتى اليوم. كماأن المشي بانتظام كان يجعلني أشعر بالحياة من جديد بعدما كانت صورة القبر لا تفارق مخيلتي. لقد أصبَحَت العلاقة بيني وبين المشي علاقة وجود،أمشي أو أتلاشى وأضمحل. ومؤخراً أصبحت أمشي بعد صلاة العشاء يوميا في بعض المجمعات التجاريةبالدمام صيفا وشتاء،وأمشي أمام منزلي لوجود مناسب معد للمشي. أشعر بحمد الله إني عدت 10 إلى 15 سنةإلى الوراء.فمظهروجهي، ولون بشرتي وراثيا يتجعد مبكرا، ولكن مع استمرار المشي وشعوري بالنشاط وتماسك العضلات وسريان الدم بصورة صحيةفي جلدي قلل التجاعيد أو على الأقل أوقف تدهورها. من المعروف أن النشاط الجنسي يتأثر باضطراب السكرعلى المدى البعيد والقريب. وبما أن المشي العدو الأول لمرض السكر والضغط والكولسترول فإن مدمن المشي أنشط من هذه الناحية من الخامل، وهذا ما لمسته. بسبب المشي المتواصل أصبح نوميعميقاً، ويشعرني بالشبع حتى وإن كان أقصر من المعتاد، بالإضافةإلى أن المشي أنساني الأرق،ووجدت بعد انتظامي على المشي أن النوم أصبح أسرع تسللاً إلى عيني. حتى مع شرب المنبهات من شاي أوقهوه. وعلمني المشي كيف أجعل أكلي منتقى ومنظماً،وفي أوقات معينة. والسبب أن الالتزام بالمشي يصاحبه التزام بالأكل نوعاً وكماً، وإلا فالفائدة من المشي ستكون أقل، والبرهان على ذلك أن وزني يتناقص ببطء (اثنين الى ثلاثة كيلو في السنة) وهذا ما حدث لي. إن ما فعله المشي بي المشي المنتظم على مدار السنوات الثمان الأخيرةقد يصعُب تصديقه. فمع المشي أصبحت لا أحتاجإلى أدوية الضغط والسكر خصوصا إذا صاحب المشي حمية،كما استطعت التوقف حتى عن أدوية كنت أتناولها بسبب زيادةأحماض اليوريا أو ما يسمى بداء النقرس.حتى الخفقان وضعف عضلة القلب الخفيف الذي كنت أعاني منه لم أعد أعالجه ولا أتعاطى له أية أدوية. كما كنت أعاني من آلام في الركبة اليسرىبسبب احتكاكبسيط والتهابات،وعالجتها عدة مرات بالأدوية والعلاج الطبيعي. أما الآن فلم أعد أعاني من شيء من ذلكإلا "صدى" يعتادني حيناً فحينا.وللمعلومية، فإن كل ما أفعله هو بعلم ومباركة طبيب السكر،فمن طبعي ألا أتناول دواء إلا من طبيب ولا أفعل شيئاً له علاقه بصحتي دون استشارة طبيب. المشي المنتظم على مدار السنوات الأخيرة جعل السكر التراكمي لدي مستقرا مابين ٦ إلى 7% وهذا مهم جداًلمنع مضاعفات السكر، وبمعنى أوضح أن معدل السكر في دمي ليس عالي التذبذب وفي هذه الحالةفأنا أقرب إلى الشخص غير المصاب بحمد الله. الخمول وقلة الحركة ووهن العظم شر لا بد منه لكبير السن، فكيف بمن تخطى الستين بأربع. ومن المشكلات التي لازلت أعاني منها هي (الكرش) إذ من الصعب علي تنحيفه إلا ببطء شديد،وأعتقد أن ضبط التغذية الذي أقوم به يتناسب مع الكيلوات التي خسرتها من وزني خلال السنوات السبعة الماضية، فلا زال وزني للآن بحدود 90 كجم. ولا يزال أكبر تحد أمامي هو إغراء الأكل والميل إلى الكسل، وإحباط بعض الجلساء. عندي شغف أن أتواصل مع أكبر عدد من الناس حول رياضة المشي. وعندما فتحت حساباً فيتويترطلبت من طبيب زميلأن يكون "طبيب الحساب"لنتعاون في التوعية ومساعدة الناس في الالتزام بهذه الرياضة، فنصحني بالتواصل مع الدكتور صالح الأنصاري. وفعلاً وجدت ضالتي في الدكتور صالح مثل أم وجدت صغيرها. وأنا سعيد بالتواصل معه، وبما وجدت لديه من بصيرة عميقة في هذه الرياضة وبمعلوماته عنها. الخلاصة أني بعد إدمان المشي أصبحتأشعربالحياةوأتلذذ بها كما كنت قبل المرض. وقديبدو في كلاميمبالغة،لكنيأقول أني مع الانتظام في المشي اقتفقت من مخيلتي صورة القبروتلاشيشعوري بأنها النهاية،وعدت إلى الحياة والمجتمع والتفاعل الطبيعي،وأصبحت أكثر تفاؤلاً بأنه لازال في العمر بقية. أقول لمن أصيب حديثاً بالسكري، أو عاش مشكلات صحية مشابهة للتي عشتها: إذا أردت ألا تكتفي بعلاج السكر بالدواء وتتحاشى معظم مضاعفاته عليك بالمشي الجاد المتواصل.وستخسر الكثير إن لم تبدأ في هذه الرياضة الفريدة، وتواصل الانتظام فيها.وعليه أقول: "أنا امشي إذا أنا حي" والحمد لله رب العالمين عبدالرزاق خالد الدليجان

اضافة اعلان

حُررت القصة في مركز تعزيز الصحة @SaudiHPC بإشراف د/ صالح بن سعد الأنصاري @SalihAlansari

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook