الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الأطفال والعنف التلفزيوني

asdas
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - مقالات:

مشاهد الموت المنتشرة في الفضاء العربي لا تتوقف عند مشهد لغرق عبارة تنقل لاجئين من جحيم حرب سوريا، أو أشلاء متطايرة من جراء تعديات غزاة العصر، أو بشاعة لا توصف من أفعال الإجرام السادي من تقطيع وحرق وقتل عشوائي من بعض دعاة الإسلام، هذه المشاهد وغيرها وجدت لها مساحات واسعة من العنف الإخباري التلفزيوني، رافقها بكل أسى مشاهد أكثر فجاجة من عنف متلفز يقوم عليه شركات إنتاج وممثلون هو في الحقيقة تمثيل غير واقعي، ولكن تأثيرها على المتلقي أكبر بكثير من مشهد عابر.

اضافة اعلان

ما من شك تأثيرات العنف الموجه نحو الأطفال تؤثر - بشكل كبير - في طريقة حياتهم، فخبراء الإعلام يؤكدون أن معدل العنف في برامج التلفزيون المخصصة للأطفال تتراوح ما بين 20- 25 مشهد عنف، بينما للكبار ما بين 3- 5 مشاهد، وهذا خلال ساعة واحدة من المشاهدة في أوقات الذروة.

المشكلة الرئيسة في مشاهد العنف عند الأطفال أن الطفل يصبح بليداً، فالطفل أصلاً لا يفرق ما بين ما هو حقيقي أو خيال، والصورة التلفزيونية التي هي محض خيال عند الكبار صحيحة بشكل كبير عند الطفل.

أما الطفل الذي يتعرض لمشاهد العنف التلفزيوني يبدأ كثيراً في قبول التصرفات العنيفة ويحاول تكرارها، حيث يؤكد خبراء الإعلام على العلاقة الوثيقة بين ما يشاهد في التلفزيون وبين ما يتم تطبيقه على أرض الواقع من أحداث عنف لها مثيلاتها في يوميات الحياة، ويشهد لها رجال الشرطة في الدوائر الأمنية.

وطبعاً ليس بالضرورة أن من يشاهد التلفزيون يسارع إلى إعادة المشهد الدموي الذي مر بخياله، ولكن الأكيد أن مشاعره تتبلد فمن يرى أفعى متجهة نحوه يسارع إلى الفرار منها، ومع تكرار التعامل مع الأفاعي على اختلاف درجة خطورتها يدرك هذا الشخص أنها غير سامة ولا داعي للهرب، أما من يشاهد الأفعى أول مرة يفر منها، وهذا ما يقوم به التلفزيون يكرر على أطفالنا مشاهد العنف، ويكون مشهد العنف والرعب الأول هو الأصعب، وشيئاً فشيئاً تصبح مشاهدة العنف أو ممارسته عند من اعتاد على ذلك جزءاً من الروتين اليومي، وفي نفس الوقت تزداد شهيتهم للعنف وقد ينتقل من المشاهدة إلى التطبيق على أرض الواقع.

وما يغيب عن ذهن الكثير من الأسر ما يعرف بالعنف الكرتوني الهزلي، وهو المنتشر بكثرة في كل برامج الأطفال العربية، وهو مثل غيره يتخزن في جوارح الأطفال ويفقدهم الحساسية شيئاً فشياً نحو العنف الحقيقي؛ مما يؤدي إلى عدم الاهتمام نحو الإحساس بالموت والدمار، تلك السمة الأبرز في برامج الترفيه العربية الموجهة نحو الأطفال.

إن الفخ الذي يقع فيه كل من لا يدرك التأثير الإعلامي يسير في سلسلة ساذجة بسيطة، ولكن تأثيرها قاتل مدمر لنفسيات الأطفال، فالطفل يشاهد الفيلم الكرتوني، والشركات القائمة على الإنتاج تدرك رغبات الأطفال فتقدم مواد استهلاكية تتماشى مع صورة البطل، وتبدأ عجلة الصناعة لإنتاج شخصيات مستوحاة من الكرتون، ويبدأ الأطفال في الضغط على أسرهم لتسجيل طلبات الشراء، فتشتري الأسرة البطل المغوار ثم يتعلق الطفل به ويحاكي تصرفاته في أرض الواقع، وتعود النقود التي تم الشراء بها إلى الشركات الكبرى التي تبدأ في ابتكار شخصيات أكثر شراسة وعنفاً من الأول فيظهر القاتل المتسلسل، والطفل البليد، والإرهاب كأحد الأشكال لدائرة العنف التي لا تتوقف.

إن الحل بسيط ولكن يحتاج إلى قرار حازم وجدي في التصدي لكل أشكال العنف، وخصوصاً العنف الموجه نحو الأطفال في برامجهم، فإلزام شركات الإنتاج والفضائيات في مواثيق حازمة، وتفعيل مبدأ مراقبة وتصنيف البرامج جزء أساسي من الحل الذي يتوجب على الأسرة الالتفات له قبل أن يُخرّج لنا التلفزيون أشكالاً جديدة من الإرهابيين لا نعرف مدى خطورتهم.

basilnerab@gmail. com

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook