الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أكبر مقبرة بحرية يعرفها التاريخ

Screenshot_1
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

أفجعت صورةُ الطفل السوري الغريق على شواطئ تركيا نشطاءَ التواصل الاجتماعي، فتفاعلوا معها عبر وسم "غرق طفل سوري" ليكون خلال ساعات قليلة ضمن قائمة الأكثر تفاعلاً وتداولاً عبر العالم.

اضافة اعلان

صغيري ليس يسعفني الكلامُ *** وحرفي هل تراهُ له مقامُ

يفر صغارهم من نارِ حربٍ *** وموج البحر يقذفهم ركامُ

صورة هذا الطفل تعكس مأساة الملايين من الشباب والعوائل السوريين الذين تدفعهم الحروبُ والجوع والرغبة في الحياة للمغامرة بحياتهم وركوب قوارب غير آمنة يوفرها المهربون مقابل مبالغ باهظة.

إن حق الإنسان في الحياة كفلته كل الشرائع السماوية، وفي ذلك يقول الشاطبي:" تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام: أحدها أن تكون ضرورية، والثاني أن تكون حاجية، والثالث أن تكون تحسينية، فأما الضرورية فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين، والحفظ لها يكون بأمرين: أحدهما ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثاني ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم،. .. ، ومجموع الضروريات خمسة وهي حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وقد قالوا إنها مراعاة في كل ملة".

ولكن هذا الحق لم يعد كذلك في سلم الاهتمامات والأولويات الغربية المعاصرة، فالهجرة باتجاه أوروبا، وحدها، مأساة تودي بحياة المئات في عرض البحر الأبيض المتوسط، الذي أصبحت مياهه مقابر بلا شواهد، وزادت المأساة بعدما شهد شرق المتوسط تحولاً في ظاهرة الهجرة، فسماسرة الهجرة غيروا من طرق التهجير باعتمادهم على ما صار يعرف بالبواخر الأشباح، التي تضمن تهجير عدد كبير من الفارين من جحيم الحرب في ليبيا وسوريا خصوصاً.

وتلك التقنية الجديدة في التهجير تعتمد على تسفير عدد كبير من المهاجرين على ظهر سفن للشحن، وهي سفن إما متهالكة أو غير صالحة للإبحار مجدداً، ويدفع كل مهاجر مبلغاً مالياً يتراوح بين ألف وألفي دولار، وتدر هذه التقنية على سماسرة الهجرة مبالغ مالية ضخمة تصل إلى مليون دولار في كل رحلة.

إيطاليا، على سبيل المثال، عرفت طيلة السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً في ظاهرة الهجرة بسبب القلاقل السياسية التي عاشتها بعض دول جنوب المتوسط بعد انتفاضات الربيع العربي، وتقاطر على إيطاليا طيلة هذه المدة ما يضاهي 400 مهاجر كل يوم يقصدون البلاد.

وحسب المنظمة العالمية للهجرة فإن الحرب الدائرة رحاها في العراق وسوريا وليبيا والفقر الذي ينخر عدة دول إفريقية، كلها عوامل تفسر هذا التدفق الكبير للمهاجرين شرق المتوسط، فخلال العام 2014 أنقذت البحرية الإيطالية ما يقارب 170 ألف مهاجر غير شرعي، مما يجعل شرق المتوسط أكبر مقبرة بحرية قد يعرفها التاريخ.

إن مشكلة المهاجرين، ليست مشكلة أفراد، وليست مشكلة دول محددة، بل هي مشكلة العالم بأسره، وهناك ضرورة ملحة أن تتعاون كل الدول فيما بينها للتقليص من حجمها وتأثيراتها.

وتكمن المعضلة في أن فتح حدود أوروبا أمام جميع المهاجرين، يحول المأساة إلى كارثة، إذ إن تحفيز المهاجرين على التوجه نحو أوروبا لن ينقذ حياة الناس، وإنما يعرضها للخطر.

وإعادة القوارب والبواخر التي تصل إلى مياه الدول الأوروبية سيزيد من حجم لكارثة وستضاعف من عدد الموتى في تلك المقابر البحرية.

ولذا فإن دول العالم العربي معنية بتوفير سبل الحياة الكريمة، فلو توفرت لراغبي الهجرة أسباب العيش الآمن والمستقر في بلدانهم لما كانوا يفكرون في المخاطرة بأرواحهم والهجرة إلى أوروبا، فمعظم المهاجرين يبحثون عن سبل أخرى لحياة أفضل ويعتقدون أن جنة يفتقدونها في بلدانهم موجودة في أوروبا.

لقد وجد حيوانات الغرب من يدفع عنها من البشريين الغربيين وغيرهم، فيما لم يجد من ينتمون إلى الجنس البشري من أبناء العرب من يدافع عنهم من أبناء ملتهم "المسلمين"، أو من بني جنسهم "البشريين".

وكأني بهم يقولون:

ولستُ أريد إلا أن تُعيروا

لإنسانيتي بعض الحقوقِ

ألا يُحْيي شهامتَكم ندائي

وهذا الموتُ من تحتي وفوقي

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook