الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ماذا بعد مرحلة السقوط الحضاري؟

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

زاد معدل الانحراف عن الهدي النبوي, بعد انتهاء زمن الخلافة الراشدة, وتعرّضت الأمة الإسلامية لأمراض عديدة, ما أفقدها هيبتها وقوتها, وتكالبت عليها الأمم من كل حدب وصوب, فاستعمرت أرضها, ونُهبت ثرواتها, وصدقت فيها يومئذ نبوءة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, يوم أن أخبر أن هذه الأمة, ستتكالب عليها الأمم, كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها, وهو يومئذ كثير.

اضافة اعلان

كان المرض العضال, وهو "الوهن", الذي يفتك بالأمم, قد استشرى في جسد الأمة, حيث فقدت مقومات التمكين, وحادت عن أسباب النصر, بابتعادها عن الإسلام, سلوكا وممارسة, ونظام حياة, يحكم الفرد والمجتمع والسلطة, على عكس بداية عهدها من الحرص على التمسك بأهداب الدين.

ويوم أن حدث هذا الانحراف, توالت مسببات السقوط الحضاري, من تنازع داخلي, وصراعات أنهكت كيان الأمة, وانتعاش آمال الطابور الخامس والخلايا النائمة, والجيوب العميلة, التي هي عيون العدو في جسد الأمّة, حيث نشطت في هدم هذا الكيان.

وعلى إثر هذه النزاعات والخلافات الداخلية, كانت الهزائم العسكرية, حيث باتت الأمة, مطمعا للقوى الخارجية, التي رأت فيها تركة الرجل المريض, بل الرجل الميت, على الوجه الصحيح, فراحت تُعمل فيها معاول الهدم, حتى أتت على آخرها, وأسقطت خلافتها.

ومن بعد هذه المرحلة التاريخية, تخبطت أمّة الإسلام, وهي تحاول أن تبحث عن طوق النجاة, لتستعيد مكانتها وريادتها مجددا, وتعاود النهوض, فتناوشتها التجارب المتعددة, والآراء المختلفة, كلٌ يروج لبضاعته, ويرى في مسلكه وطريقته, الخلاص من هذا الواقع المرير الذي وقعت في شباكه الأمة الإسلامية.

فكان الأنموذج العلماني التغريبي الذي انبهر بتجربة الغرب, وتقدمه في المجال العلمي, فرأى أن طريق الخلاص يكمن في السير على نهج هذه التجربة, واقتفاء آثارها, فذلك طريق الخلاص, وسبيل النجاة من الواقع المتخلف الذي وقعت فيه.

وبالمقابل, وعلى الضفة الأخرى, وقف أرباب المشروع الإسلامي, يعتبرون الخطر المحدق في السير وراء دعوات التغريب, وأن في ذلك الهلكة والخسران, وزيادة التخلف والسقوط, ورفعوا لواء التمسك بالهوية, ورأوا أن ذلك سبيل النجاة, والريادة الحضارية في الدنيا, والفوز في الآخرة.

وما بين تجاذبات المشروع العلماني, وتجارب المشروع الإسلامي, سارت الأمة الإسلامية, منذ اللحظة الأولى لسقوط الخلافة, وحتى اللحظة الراهنة, ولم يحسم الجدل, ولم تنته المناكفات بين المشروعين, كل يحاول أن يجذب الأمة إلى خياره ومشروعه, معطلا وناقدا بقية الأطروحات.

ومع كل مشروع منهما, ستكون لنا وقفات قادمة بإذن الله تعالى.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook