الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الإعلام والعالم.. ما الذي يجري؟!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

تنقسم حياة الإنسان إلى فترتين: النوم واليقظة.. أثناء اليقظة يؤدي الإنسان أنشطة عامة مثل: العمل أو الدراسة، أو الطعام والشراب، أو الزيارات الاجتماعية، إضافة إلى أنشطة ثانوية.

اضافة اعلان

الطريف أن ربع أو ثلث أوقات اليقظة يقضيها الإنسان أمام وسائل الإعلام «4 - 6 ساعات يومياً»، أقل قليلاً من وقت العمل أو الدراسة، ويفوق أي نشاط آخر. هذه المتابعة لوسائل الإعلام تزداد في الإجازات، وتزداد أيضاً لدى الفتيات، وهي أكثر لدى الأطفال.

الإنسان عندما يتعرض لوسائل الإعلام فإنه يتأثر «بنسب متفاوتة حسب الشخص والبيئة والمرسل والرسالة»، لكن قمة التأثر تكون أثناء الأزمات السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية.

على سبيل المثال، فإن اعترافات "كلينتون" بعلاقته مع "مونيكا" استغرقت 4 ساعات في CNN أهم قناة إخبارية، بينما استغرق عرض أخبار العالم دقيقة ونصفاً.

وسائل الإعلام تكون عادة مصدر الناس في الحصول على المعلومات أوقات الأزمات؛ لذلك فإن النخب السياسية والأجهزة الرسمية تكثف من استخدام وسائل الإعلام لبسط نفوذها على الجماهير (كما فعلت الحكومة الأمريكية أثناء حرب العراق الأولى والثانية، والتي لم تكتفِ بتوجيه الإعلام الأمريكي، بل كان لها نفوذ داخل الإعلام العالمي برمته).

الإعلام تحول من الأدوات البسيطة للتواصل بين بعض أفراد المجتمع إلى صيغة معقدة من وسائل التأثير والسيطرة، من خلال منظومة متكاملة من الأدوات وحشد ضخم من المعارف والمعلومات تضم علم النفس، والاجتماع، وعلم الاتصال، والتربية، وأساليب التأثير، وطرائق القيادة للنفس البشرية.

تحول الإعلام إلى سلطة حقيقية ملموسة تستغلها الدول، والشركات المتعددة الجنسية، وأصبحت العولمة في مجال الإعلام حقيقة واقعة، بعد أن كانت تنظيراً على الورق.

حرية الإعلام الأمريكي - كما تقول بورجسون مؤلفة كتاب «القائمة السوداء» - يقتصر عملياً على ما لا يمس بسوء أداء المسؤولين الأمريكيين والوكالات الحكومية الأمنية، مثل: CIA، وFBI، أو أداء الشركات الكبرى، علماً بأن هناك تواطؤاً بين المؤسسات الإعلامية الكبرى وهذه الجهات يُمنع تدخل الصحفيين في أنشطتهم حتى لو كانت هناك حوادث ذات بال.

رغم أن قياس تأثير الإعلام بشكل علمي أمر صعب، إلا أن آثاره بادية في التغيير المعرفي والديني لدى الأفراد وكذلك في الضبط الاجتماعي من خلال القيم والأعراف، وأيضاً في تربية الصغار بما يفوق المنزل والمدرسة والمجتمع برمته.

حتى في جانب المواقف سواء السياسية، أو الاجتماعية، فإن الكثير منها وليد وسائل إعلامية سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة. والأمر ليس على إطلاقه، فالتأثير يحتاج وقتاً وتكراراً مع تغيير في القالب أو الأداء أو طريقة العرض.

يستخدم في الإعلام – أحياناً - أسلوب الصمت والتجاهل؛ لإبعاد اهتمام الناس عن القضية حتى تموت أو تحويل الانتباه عن القضية الأساسية. أيضاً التوظيف العاطفي مهم جداً لإقناع الجماهير بالقضية، والحصول على دعمهم «كما تفعل أمريكا في حديثها عن الإرهاب وتهديداته لها»، والصورة تؤثر في الإنسان ما لا تؤثر فيه ألف كلمة.

الحقيقة قد تكون أحياناً الوسيلة المثلى لإقناع الجماهير، وهذا ما تفعله الكثير من الدول الغربية في القضايا المحلية، أما في الشأن الدولي فله قصة أخرى.

الإعلام تحول إلى صناعة متكاملة ومنتجاته أصبحت سلعاً كغيرها تباع وتشترى. لقد جاوز الإنفاق على الإعلام العام الماضي ألف بليون دولار، تسيطر عليه بضع شركات عالمية أغلبها أمريكي، تستخدم أسلوب الرسالة الواحدة من مراكز إعلامية واحدة بتفكير عالمي ومنتج محلي.

لقد استفاد الإعلام من هامش الحرية المتزايد - في العالم الغربي خصوصاً - وتخطى الحدود السياسية، وأصبح الجميع يتلقى رسائل متشابهة.

العالم العربي أصبح - إعلامياً - جزءاً من المنظومة العالمية، وأصبحت رسائله - في كثير من الأحيان - صدى للإعلام الغربي، أو جهاز تقوية له! دونما أي استقلالية، أو تفرد «كم قناة أفلام ومسلسلات، وكم قناة ثقافية؟!!».

المؤثرات الإعلامية السلبية في زيادة، والأمر يتطلب حماية في الدرجة الأولى، ومقاومة إيجابية مناسبة في الدرجة الثانية، متمثلة في إنتاج إعلامي هادف قوي ومنافس ومؤثر، وإلا سنفقد السيطرة على مجتمعاتنا.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook