الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطيب جامع الإمام تركي: منشأ الفتنة تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

أوصى عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود، فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله.

اضافة اعلان

وأكد أن على المؤمن أن يستدل بكتاب الله جل وعلا وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتجاوز المحن والفتن التي يعيشها العالم الإسلامي في هذا الزمان، مقسماً الفتن إلى قسمين أحدهما فتن الشبهات، والأخرى فتن الشهوات، ومبيناً أن لكل فتنة مسببات وأساليب لمواجهتها.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: في هذه الأيام يمر عالمنا الإسلامي بفتن ومحن يشعلها أعداء الإسلام، هو الإشعال من أجل الإشغال، إشغال الأمة بحروب طائفية وفتن مذهبة ونزاعات داخلية، فحينما تأتي الفتنة فلا بد للمؤمن من علامات يسير بها ونجوم يهتدي بها، ومن ذلك قولة سبحانه وتعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب} ويقول عليه الصلاة والسلام: (سوف تكون فتن القاعد خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ومن استشرفها استشرفته ومن وجد منزعاً أو معاذاً تعوذ).

وأضاف: "الفتن نوعان كما ذكر ابن القيم وهي فتن الشبهات وفتن الشهوات وقد تجتمعان في عبد وقد ينفرد كل منهم بفتنة، ومنشأ فتنة الشبهات هي ضعف اليقين وقلة العلم، انتهى كلامه، رحمة الله، ومنشأ كل فتنة هي تقديم الرأي على الشرع وتقديم الهوى على العقل، وتدفع فتنة الشبهات بالعلم واليقين والصبر، يقول تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} أيها المؤمنون، لا يعرف الواقع من لا يعرف التاريخ، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم دعوته كانت للجميع وكذلك في عهد خلفائه الراشدين فنشروا الإسلام شرقاً وغرباً وبنوا حضارة ومجداً، أما أعداؤهم فقد فشلوا في المعارك والقتال ضدهم، ولكنهم أرادوا أن ينجحوا في النزاعات الداخلية، والتاريخ حافل بجراح لا زالت تنزف دماً إلى الآن، ومع تقلب الحال وتغير الأيام لا زال الأعداء يحاولون خلق الفتن ويوهمون العامة بأن الفريق الآخر هو الذي أحدث ذلك، وإذا أردت أن تعرف المتسبب فاعرف من المستفيد، ومن أعظم الفتن الطرح الهزيم بل المنهزم الذي يشيع أصحابه أن المنهج الذي عليه هذه الدولة هو سبب هذه الفتن، ويتطاولون على نظامها الذي هو سر بقائها، ويتعامون عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وجود الفتن.

وتابع يقول: "إن هذه الدولة قامت في مراحلها الثلاث على الشريعة والدستور، فلم ينقل عن حكامها أنهم ألزموا طائفة معينة بمذهب على خلاف مواطنيها، وعلى هذا النهج حكم الملك عبدالعزيز رحمه الله هذه الدولة خمسين عاماً بقوته وقوة دولته وكذلك أبناؤه الملوك من بعده، فلم ينقل عنهم أنهم ألزموا بمذهب معين بل إن الألوف يفدون إلى هذه الدولة ولم يجبروا على مذهب معين، ومما أغاظ أعداء هذه الدولة أن هذا التمايز ظنوا أنه سينفجر فقد جربوه في بلاد مجاورة فنجحوا فأرادوا تجربته في شرق البلاد ففشلوا وأرادوا شق الصف فخابوا فرد الله كيدهم في نحرهم، وكفى الله المؤمنين شرهم.

وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وضع لنا منهجاً نتعامل من خلاله مع الفتن فالاعتصام بالكتاب والسنة هما صمام أمان هذه الأمة، {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، والأخذ من العلماء الربانين فيجب احترامهم وإنزالهم منزلة تليق بهم فالله رفع من شأنهم والذين أوتوا من العلم درجات، وقال: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}، ويقول سبحانه وتعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الله والرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، ولزوم جماعة المسلمين فإن في لزوم جماعة المسلمين الخير والسعادة، وأن في تركها الضلالة والغواية يقول صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية).

وأفاد أن أعظم ما يملك المرء في هذه الدنيا هو دينه، يقول عليه الصلاة والسلام: (يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن)، والواجب الفرار إلى الله من هذه الفتن، ويقول ابن القيم بقدر عبوديتك إلى الله يكون كفاية الله لك، فكلما زادت عبوديتك إلى الله ازداد كفاية الله لك، والأعمال الصالحة تقي من الفتن يقول عليه الصلاة والسلام: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا).

ودعا فضيلته الله - سبحانه وتعالى - أن يقي المسلمين شر الفتن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن)، وقال: "من العلامات التي يجب أن يسير عليها المسلم الرجوع إلى المحكمات ومعرفة المآلات، ومعرفة حرمة الدماء، ومعرفة المصارع والمفاتن، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، ففي زمن الفتن تكثر الشائعات، ويختلط الصدق بالكذب خصوصاً مع قوة الإعلام من فضائيات ومطبوعات ومواقع وشبكات؛ لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، ويقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: "اتقوا الفتن فإن اللسان فيها أشد ضراوة من السيف، وأعلم أن أناساً لا يتورعون عن الولوغ في أعراض المسلمين ويسنون ألسنتهم وأقلامهم للطعن في الصالحين ويلبسون على عامة المسلمين، ألم يقرؤوا قولة تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهم ولهم عذاب الحريق}.

وأشار فضيلته إلى أنه في خضم هذه الفتن وما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي الذي لا يعرف كاتبها ولا يعرف مقصوده، فحينئذ يغيب سلطان العدل، ويكثر المرج فلا بد من التثبت، يقول الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، ويقول بعض السلف إن الفتنة إذا وقعت ارتفعت العقول، ويقال الفتنة إذا أقبلت عميت، وإذا أدبرت ظهرت، الصبر هو عدة المؤمن، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن من ورائكم أيامَ الصبر القادم فيهن كالقابض على الجمر)، فلا بد للمسلم من أحداث تعيده إلى ربه من بعد ما ضل، وإني أرى بشائر النصر في الأفق تلوح وأسباب التمكين تبدو وتروح، وإن بعد العسر يسراً، واللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook