السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

شعارك في عامك الجديد!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

مع إقبال العام الهجري الجديد، ينشط فضلاء وفاضلات عبر منصات التواصل الاجتماعي للحديث عن الأهداف الشخصية للمرء، وحسنًا فعلوا بحث الناس على التفكير والتخطيط، ودفعهم صوب العمل المثمر، وحسنًا فعلوا بتعبئة الفضاء الواسع بمحتوى نافع، وحسنًا فعلوا حين ربطوا الشباب والشابات بالتقويم الهجري الذي يكاد أن يُغتال ويُنسى في عالمنا الإسلامي الرسمي.

اضافة اعلان

وللتخطيط مع الإنجاز أهمية ولذاذة لا توصف، وأهم من ذلك نجاة الإنسان من أسئلة أربعة ستقابله في آخرته ولابد، وفيها سؤال عن العمر، وعن أشياء مرتبطة بالوقت والحياة والمنجز، والحصيف الكيّس من استعد ليوم يُلاقي فيه هذا المصير المحتوم، والله يلهمنا وإياكم العمل المخلص المقبول، ويستعملنا فيما يحب ويرضى، ويرزقنا المتاجرة الرابحة بالنوايا الصالحة، والأعمال النبيلة.

لذلك يسعى البعض إلى ربط كل سنة بشعار، ويتقاطع هذا الشعار مع بعض أهداف سنته؛ بيد أنه يركز على شعاره في أكثر أحواله، ويجعله أشبه بالسياسة التي يرتكز عليها في كثير من قراراته وحركاته، وسأذكر بعض ما سمعته من تجارب عن هذه الشعارات مع توضيح مختصر لبعضها، وكل إنسان على نفسه بصيرة.

فمنها التخلص من الزائد أيًّا كان وأذكر أن زميلًا لا يوجد في بيته مخزن حتى لا يراكم الزوائد، ومثله الإفادة من المهمل أو إحالته لخانة المستغنى عنه، وربما لا يصدق كثير من الناس بأن الحياة دون أشياء زائدة حياة سعيدة للغاية، فبعض الإضافات مجلبة للهم ومضيعة للوقت، ومن جرب عرف.

كما حظي الجانب الصحي بشعارات كثيرة من جنس: لا للبيض الثلاثة أي الملح والسكر والدقيق، ومقاطعة المطاعم، والمشي اليومي ولو عقب الصلوات لدقائق معدودة، وتقليل الاعتماد على السيارة وهو شعار سينجح مع توافر وسائل نقل أخرى كالدراجة والقطار، ومن أحسن الشعارات التزام أحدهم بالنوم باكرًا؛ فسهره الطويل منهك.

بينما قال لي صاحب: لن أتابع الأخبار لأني في النهاية لا أستطيع منع الحرب بين المريخ وزحل! وسعى آخر جاهدًا لجعل أحد أعوامه فرصة لتصفير المشكلات أو تقليلها، واستبق ذلك بتهذيب نفسه، وغسل قلبه بماء العفو، وياله من إجراء ينفع فاعله قبل غيره، وافادني ثالث بأنه سيجعل ضبط المصروفات شعاره، فيما ذهب الرابع إلى البحث عن مورد دخل جديد ليجعل منه شعارًا، والله رزاق كريم.

ولم تغب الآخرة وشؤونها عن شعارات الموفق من بني آدم، فمنها التزام بعضهم بقراءة القرآن الكريم ثلث ساعة يومية حتى يختمه مرة شهريًا، واجتهد الثاني بإدراك تكبيرة الإحرام أربعين يومًا متواصلة بحثًا عن البراءة من النفاق والنار؛ ويالها من براءة نفيسة ووسام عظيم. وعلمت من صديق أنه سيتابع نفسه ويراقبها يوميًا للتأكد من تلاوة أوراده طرفي النهار وقبل النوم، وسمعت رجلًا يسأل شيخًا كبيرًا عن مزارعه وعقاراته، فقال له: أنا بلغت السبعين فجعلت الآخرة نصب عينيّ، ولم تعد الدنيا لي ولست لها!

ولأن عادات الإنسان تصبغ شخصيته وتصنع حياته، سعى البعض لضبط هذه العادات، واكتساب عادات إيجابية سنوية، أو التخلص من العادات السلبية، ومن جنس ذلك اجتهاد معلم في إزالة كلمة تجري على لسانه دون قصد منه، ومنها ما أخبرني به كاتب وإعلامي بأنه جعل تقويم لسانه العربي شعارًا له لكثرة ما يلحن، وأصر الأخير على أن تكون سنته فرصة للانضباط في مواعيده، وبعد لأيٍ حاز هذه الغنيمة.

وأخبرني محبٌّ أنه اشترط على نفسه المشاركة في عمل مجتمعي سنوي ولو كانت مشاركته هامشية، ومن بديع ما علمته اعتزام غيور عاقل أن يكون شعاره الوقوف بحكمة وحسب استطاعته ضد اجتثاث عراقة مجتمعه أو إفساد روابطه ومجاله العام، وأسر لي صديق بقوله: عزمت أن تكون شؤون العمل في مكانه فقط ولا تنتقل معي للبيت أو غيره.

هذه شعارات سنوية لفئام يعيشون بيننا، منهم من بلغ وحافظ، وفيهم من لا يزال على الطريق، وبعضهم نوى والله يعين الجميع، وهي فرصة لنا كي نضع مع أهدافنا شعارًا نلتزم به، نصلح من خلاله ما اعوج من حال، أو نقبس به جميل الخلال، ونستعين به على قضاء المآرب، والمهم ألّا نغدو في لاحق مثل ما كنّا في سابق، فالعمر ينقص، والصحائف تُكتب، والله يجعلنا من قوم كرام صلاتهم ونسكهم ومحياهم ومماتهم لله ربّ العالمين.

 

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook