الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

صكوك الأضاحي

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وبعد،
فإن شعيرة الأضحية من شعائر الدين الكبرى، إذ ترتبط بأبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- وبأحد عيدي الإسلام اللذين أنعم الله علينا بهما، وهي من الأعمال التي حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على المداومة عليها. حتى قال بعض أهل العلم بوجوبها على من قدر عليها، والجمهور على أنها سنة مؤكدة.اضافة اعلان
لذلك حرص المسلمون جيلاً بعد جيل على إظهار هذه الشعيرة، واستمر العمل بها في ربوع الأمة. حتى وصلنا إلى عصرنا الراهن الذي لم تقل حماسة أهله تجاه "الأضحية" عن حماسة السابقين، لكن تداخلت عوامل ككثرة الشواغل، وتفاوت الاحتياجات، وسرعة الاتصال، وغيرها، مما أدى لظهور فكرة "صكوك الأضاحي" كحل يناسب قطاعات من الأمة ويستجيب لبعض مستجدات الظروف فيها.
والأصل الذي قامت عليه هذه الفكرة هو "الوكالة"، فإن من صح تصرفه بنفسه صح أن يوكل غيره فيما يقبل النيابة، ولا شك أن شراء الأضحية وذبحها وتوزيعها، كل ذلك مما يقبل النيابة. بل قد يكون التوكيل في "الأضحية" لفرد أو مؤسسة معيناً للمسلم على هذه الطاعة العظيمة، كما قد يكون أكثر نفعاً لمحتاجين لا يصل إليهم آحاد المضحين.
إلا أن "صك الأضحية" ترد عليه اعتراضات، أهمها:
أولا: إنه سيكون بديلاً عن إظهار شعيرة الأضحية في أرجاء الأمة. ولا يسلم هذا لأسباب، أهمها: إنه لا يقول أحد أنه يحصل به كمال الاتباع، بل غاية ما يقال هنا إنه يسد حاجة قطاعات من الأمة، بينما يحرص كل قادر على كمال السنة في هذه الشعيرة العظيمة. فهو استثناء من الأصل وليس أصلاً بديلاً لما ثبت في السنة.
ثانيا: إنه قد لا يلتزم فيه بشروط الوكالة. وحل هذا أن يضبط عقد الوكالة، وهل هو على سبيل التبرع أم أنه بأجر، وإذا كان بأجر فلا بد أن يتفق عليه الطرفان.
ثالثاً: إنه قد لا يلتزم فيه بشروط "الأضحية" في صفاتها أو في وقت ذبحها. وهذا يوجب التثبت وألا يوكل إلا أهل الأمانة العارفين بفقه ما يعملون، فصفات الأضحية فيها شق تعبدي لا يجوز أن يتعداه المسلم، كالنوع والسن والسلامة من العيوب، ولا يقال هنا إن غيرها أنفع أو أكثر لحماً أو أيسر. وكذلك وقتها الذي لا يكون إلا بعد صلاة العيد، فهو تعبدي، لذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما ذبح قبل الصلاة لحماً للأكل، لا نسكاً للتعبد. هذا فضلا عن أنها لا تكون إلا بالذبح، فمن يشتري لحما ليوزعه يتصدق ولا يضحي. والعبادات مبناها على الاتباع والتقرب لله -تعالى- فينبغي أن يحرص المسلم فيها على ما يجعلها صحيحة مقبولة عند رب العالمين.
رابعاً: إنه قد لا يلتزم فيها بمصارفها. والكلام في هذا الاعتراض كالكلام في سابقه من أهمية توكيل أهل الأمانة.
خامساً: إنه تفوت به جملة من المستحبات، كشهود الذبح، والأكل من الأضحية وإطعام الأهل، ونحو ذلك. والجواب ما قدمنا من أننا نذكر استثناء للبعض وليس أصلاً للأمة، فنحن نهتم هنا بما يصحح العبادة وينفي عنها البطلان، وإن لم يحقق كمال السنة المطلوب، ويبقى المؤمن حريصاً على كمال السنة مهما قدر عليها,
فالحاصل أنه إن روعيت الضوابط المذكورة فإن صكوك الأضحية تجوز لمن يحتاج إليها، والأصل أن يتولى المضحي الذبح بنفسه أو يشهده ويقيم فيه سنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- وإن لم تتم مراعاة الضوابط فلا تجوز لعدم تحقيق شروط الأضحية الشرعية فيها، وتكون صدقة من المتبرع بها، والله أعلى وأعلم.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook