الثلاثاء، 07 شوال 1445 ، 16 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطبتا الجمعة من الحرمين الشريفين: اغتنام العشر من ذي الحجة وأنواع البرّ في الحج (صور)

DST_1754942_3362119_10_5_2022070114484248
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام : ما أعظمَ منةَ الله على من أسلم وجهه لله واتبع هُداه، وعمل برضاه، فالله قد شرع لنا ما فيه صلاحنا وما هو خير لنا وما تستقيم به أحوالنا، وما يكون في امتثاله قربة ومثوبة وزاد من التقوى يدخر لنا، فإذا كان ذلك كذلك فاستشعروا إخوة الإيمان ما أنتم فيه من فيض الكريم المنان؛ فها هو ذا موسم الحج العظيم يجتمع فيه فضل الزمان وعظمته وشرف المكان وقدسيته وها هي عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، وقد قال عنها صلى الله عليه وسلم: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ).

اضافة اعلان

وأضاف: الأفضل في أيام هذه العشر الإكثار من التعبد، لاسيّما التكبيرُ والتهليل والتحميد، وهذه العشر موسم مشترك بين الحاج وغيره، قال ابن رجب رحمه الله: "فمن عجَز عن الحج في عام قدَر في العشر على عمل في بيته، يكون أفضلَ من الجهاد الذي هو أفضل من الحج"، فهلموا أرشدني الله وإياكم لنكثرَ فيها من ذكره ودعائه ونلهجَ بتمجيده والثناء عليه وشكر نَعمائه، فإن هذا مما يزيد في الإيمان واليقين ويُعين على الثبات على الدين، وعلينا في هذه الأيام الفاضلة أن نبذل وسعنا ونستفرغ غاية جهدنا ونعملَ كل ما نستطيع من أعمال صالحة من صلاة وصيام وصدقة وإطعام وأضحية وقراءة للقرآن وتعلم للعلم النافع وتدبر وتفكر وذكر ودعاء واستغفار وتوبة ودعوة إلى الله ونصيحة وتوجيه وإرشاد وإصلاح بين الناس وشفاعة حسنة وتفريج كربة وإغاثة ملهوف وأمر بمعروف ونهي عن منكر وبر والدين وصلة رحم وحفظ للسان والفرج وغض للبصر عن المحارم وجميعِ أبواب الخير وصنائع المعروف وأنواع البر والإحسان.

وحذر الشيخ غزاوي في المقابل من المعاصي واللهو والغفلةِ عن اغتنام مواسم الخير والفضل، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إثم المعصية في الأيام المباركة فقال رحمه الله: "المعاصي في الأيام المفضلة والأمكنة المفضلة تغلَّظ وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان".

وأردف قائلا : ها هي ذي مكة المعظمة أحب البلاد إلى الله، فيها البيت الحرام قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ ولهذا البيت محبة وشوق، وليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يَحن إلى رؤية الكعبة والطواف، والناسُ يقصِدونها من سائر الجهات والأقطار. ولحرمة المسجد الحرام وعظمته جعل الله مجرد إرادة الظلم والإلحاد فيه، موجبا للعذاب، قال الله عزوجل: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي هذه الآية: "لَوْ أَنَّ رَجُلا أَرَادَ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ، وَهُوَ بعَدَنِ أبينَ، أَذَاقَهُ الله مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ." فعلينا أن نخشى غضب الله وعقوبته ونستشعرَ مكانة البيت وحرمتَه؛ ونحذرَ اقتراف الإثم وعاقبتَه.

وشدد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن المعصية في البلد الحرام أعظم إثما وعقوبة. ومما يراعى في تعظيم البلد الحرام امتثال ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا).

وأضاف : هاهم وفد الله من الحجاج والعمار يؤمون البيت الحرام؛ استجابة لأمر الله، وطلبا لمرضاة الله، قد أتوا من كل فج عميق؛ ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ويأكلوا منها، ويُطعموا البائس الفقير، ويَقضوا مناسكهم، ويُوفوا نذورهم، ويَطَّوفوا بالبيت العتيق، يعظمون حرمات الله، تلهج ألسنتهم على اختلاف أجناسهم ولغاتهم بالتلبية والتكبير والدعاء، يجتنبون الرجس كلَّه، وقولَ الزور، لا يشركون بربهم شيئا تحقيقا لكلمة التوحيد لا إله إلا الله؛ فلا ذبح ولا نذر ولا دعاء ولا استغاثة ولا طلب للمدد إلا من الله ولا صرْفَ شيء من أنواع العبادة لغير الله فغايتهم في الحج تعظيمُ الله والإقرارُ بوَحدانيته ونعمه، وتعظيمُ حرماته وشعائره. ولسان حالهم: إِلَهَنا ما أَعدَلَك * مَليكَ كُلِّ مَن مَلَك. لَبَّيكَ قَد لَبَّيتُ لَك * لَبَّيكَ إِنَّ الحَمدَ لَك. وَالمُلكَ لا شَريكَ لَك * ما خابَ عَبدٌ سَأَلَك. وَكُلُّ عَبدٍ سَأَلَك * سَبَّحَ أَو لَبّى فَلَك. لَبَّيكَ إِنَّ الحَمدَ لَك * وَالمُلكَ لا شَريكَ لَك.

وأوضح الشيخ فيصل غزاوي أنه لمكانة هذه الأيام العظام فقد أقسم بها الملك العلام: (والفجر وليال عشر) قال ابن القيم رحمه الله: "إن الفجر واللياليَ العشر زمن يتضمن أفعالا معظمة من المناسك، وأمكنةً معظمة وهي مَحِلُّها، وذلك من شعائر الله المتضمنةِ خضوعَ العبد لربه فإن الحج والنسك عبوديةٌ محضة لله وذلٌّ وخضوع لعظمته وذلك ضدُّ ما وَصف به عادا وثمود وفرعون من العتو والتكبر والتجبر؛ فإن النسك يتضمن غايةَ الخضوع لله وهؤلاء الأمم عتوا وتكبروا عن أمر ربهم" لافتا النظر أن مما يحسن ذكره أن الأعمال الظاهرة يعظم قدرها أو يصغر؛ بحسَب ما في القلوب، وما في القلوب يتفاضل؛ لا يَعرف مقادير ما في القلوب من الإيمان إلا الله. وتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب قال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله وإجلاله، والحاج يمر بالمشاعر والمواقيت بقلبه شوقا ومحبة وتعظيما ورغبة قبل أن يمر بها بدنُه. لأنه يعلم أن القلب هو محطُّ نظر الرب ومناط التكليف ومنبع العمل ومحركه وأساسه. وحج القلب يبدأ قبل حج البدن، وحج البدن تبع لحج القلب، فالإخلاص من أعمال القلوب، والحج يكون خالصا من الرياء والسمعة، فالحاج يستشعر عند قوله: لبيك لا شريك لك أن اتجاهه وقصده إلى الله وإخلاصه له.

وبين الشيخ فيصل غزاوي أن أعمال القلوب تتصل بكل شعيرة من شعائر الحج والعمرة؛ في محبة الله والشوق إليه وتعظيمه وإجلاله والخضوع له والتسليم والصبر واليقين والتوكل عليه والإنابة إليه، وغيرِها من أعمال القلوب فمتى حصل إخلال أو تقصير في ذلك ضَعُف أثر المناسك في النفس، ونقص الأجر، وأصبح الحج مجردَ أعمالٍ جوفاءَ خاويةٍ لا روح فيها. والمتأمل في آيات الحج يجد أن أغلبها قد قُرنت بأعمال القلوب، كما يُعَدُّ الحج من أكثر العبادات التي تظهر فيها شعائر الله تعالى، لما فيه من وقوفٍ بعرفه ورميٍ للجمرات وذبح للهدي، ومبيت في منىً ومزدلفة.

وأبان فضيلته أن معنى تقوى القلوب في مناسك الحج تكون بسعي الحاج في أن يكون حجه مبرورا فيقبل على الله ويكثر من ذكره في استكانة وخضوع ويلتزمَ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحج؛ ويؤديَ المناسك على الوجه المطلوب ويتحرى النفقة الطيبة والمال الحلال ويتحلى بحسن الخلق ويجتنب أفعال الإثم فيتركَ الجدالَ والخلاف والخصومة والشتم والأذى والتدافع والتزاحم في المشاعر وعند الطواف ويحرِصَ على محبة الخير لإخوانه ونفعهم وخدمتهم.

في المسجد النبوي

وفي المدينة المنورة أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ أحمد بن طالب بن حميد في خطبة الجمعة اليوم ، أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أن أفضل الأعمال الإيمان بالله والجهاد في سبيله فالإيمان المجرد تدخلُ فيه أعمال الجوارح والإيمان المقرون بالعمل يراد به التصديق مع القول وخصوصاً إذا قُرن الإيمان بالله بالإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم فالإيمان القائم بالقلوب أصلُ كل خير وهو ما أوتيه العبد في الدنيا والآخرة وبه تحصل له سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شقاوة الدنيا والآخرة .

وأضاف لا صلاح للقلب بدون الإيمان بالله وما يدخل في مسمّاه من معرفة الله وتوحيده وخشيته ومحبته ورجائه والإنابة إليه والتوكل عليه قال الحسن البصري رحمه الله " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكنه بما وقر في الصدور وصدقته الأعمال " ، فإذا ذاق العبد حلاة الإيمان ووجد طعمه وحلاوته ظهر ثمرة ذلك على لسانه وجوارحه فاستحلى اللسان ذكر الله وما والاه وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله .

وأكد الشيخ بن حميد بأن أفضل المساجد وأشرفها هو المسجد الحرام فقد خصه الله تعالى بالذّكرِ وجعل النبي صلى الله عليه وسلم قصدهُ للحج أفضل الأعمال بعد الجهاد وقد ذكر الله تعالى في كتابه إذ قال (( وإذ جعلنا البيت مثابة )) وقال (( إن أول بيت وضع للناس )) فإن قصد بيت الله الحرام للصلاة وتأدية العبادات من الرباط في سبيل الله تعالى ، ومنا فريضة الحج إذ جاء سأل رجلا النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد فقال " ألا أدلك على جهاد لا شوكة فيه الحج " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلى الجنة ".

وتطرق إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته إلى أنواع البر في الحج فقال عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن البر في الحج فقال ( إطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام ) وسئل سعيد بن جبير رحمه الله أي الحاج أفضل فقال ( من أطعم الطعام وكف لسانه ) ، مبينا أن من أهم خصال البر في الحج إقامة الصلاة فمن حج من غير إقام الصلاة لا سيما إن كان حجه متطوعاً كان بمنزلة من سعى في ربح درهم وضيّع رأس ماله وهو ألوف كثيرة وكان السلف يواظبون في الحج على نوافل الصلاة ، أما أعظم أنواع البر في الحج فمثال ذلك كثرة ذكر الله ورفع الصوت بالتكبير والتلبية وإراقة دماء الهدايا والنسك والهدي وأن يجب على المؤمن أن يحرص على اجتناب أفعال الإثم من الرفث والفسوق والمعاصي .

واختتم الشيخ أحمد بن طالب بن حميد خطبة الجمعة بالقول : إن صاحب الهمة العالية والنفس الشريفة التواقة لا يرضى بالأشياء الدنية الفانية، وإنما همته المسابقة إلى الدرجات الباقية الزاكية التي لا تفنى، ولا يرجع عن مطلوبه ولو تلفت نفسه في طلبه، ومن كان في الله تلفه كان على الله خلفه.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook