الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

نظّم حياتك بـ (السستمة)

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تمتلك شركة ماكدونالدز الأمريكية الشهيرة للمطاعم أكثر من 31.000  فرعاً للوجبات السريعة في 121 دولة ويعمل فيها أكثر من 465.000 عامل، ويزورها 58.000.000 عميل يومياً!

اضافة اعلان

وأياً كان البلد الذي تزور فيها ذلك المطعم العالمي فسوف تجد نفس التصميم، والشعار، والألوان، ونفس الطعم والرائحة، ونفس أسلوب التقديم، ولباس العاملين، ونفس إجراءات العمل، رغم تعدد اللغات والبلدان والأشخاص، وتفاوت الأفراد العاملين بشكل كبير للغاية. والشركة بذلك تحافظ على تكرار نفس التجربة بنفس معايير الكفاءة على مر الأعوام، مع التأكيد على وجود منهجية واضحة لنقل وتوريث ثقافة إعداد الطلبات بأقل وقت ممكن لكل العاملين في تلك المطاعم.

فما هو السر في تلك القوة الهائلة لتلك المطاعم على هذا الضبط، والتطابق؟

من المؤكد أن الأمر لا يعود إلى نوعية الأشخاص العاملين في الفروع، ذلك أن قدراتهم تتفاوت من فرع لآخر، ومن بلد لآخر، كما أنها يمكن أن تتفاوت من وقت لآخر حسب نشاط الموظف، وتواجده، فالشركة إذا لا ترتكز على الحماسة الفريدة للموظف والخبرة الموجودة لديه.

إن السر الذي يجعل تلك المطاعم بذلك المستوى من ثبات الشكل والجودة رغم كل المتغيرات، يعود إلى (وجود نظام "سستم")، حيث تقوم شركة المطاعم بتحويل كل الممارسات – دون استثناء – إلى نظام مفصّل وواضح وإلزامي، ويتم التدريب عليه بشكل دقيق وحدّي، ولا يسمح حينها لأي موظف – مهما كان إخلاصه واجتهاده ومركزه – أن يضيف أو يغيّر أو يبتكر في الفرع الذي يعمل فيه، لأن ثمة إجراءات تفصيلية لأي تغيير، ويخضع الأمر لمركزية عالية، تقوم بالفحص والمراجعة، وحين يكون التعديل مناسباً ومهماً ، فإنه يتم إضافته للنظام، بحيث يتم التعديل آلياً على عشرات الألوف من الفروع.

إن التأمل في موضوع (السستمة) -كما يقال- يدعونا إلى التفكير جيداً في كيفية تحويل كل خبراتنا وآليات العمل لدينا من كونها ممارسة تلقائية، وتجارب شخصية، ومحاولات فردية تخضع لأمزجتنا وأوضاعنا ونشاطنا تحويلها لتكون أسلوب عمل معتمد ومستقر، يبقى إن بقينا وإن رحلنا، بل إن استنساخ العمل حينها ونقله إلى أي مكان يصبح أمراً يسيراً.

وفي سياق (السستمة) الشخصية نغفل عن وضع نظام ييسر ويضبط ما نقوم به، فإذا كان المرء معنياً بالقراءة مثلاً وتقييد الفوائد، فيجب أن يكون لديه نظام واضح وسهل ومطبّق لرصد الفوائد، وفهرستها، ومن ثم العثور عليها وتوظيفها، لا أن تكون قصاصات هنا، وتعليقات هناك، بعضها ورقي والآخر الكتروني، ويكون الوصول إليها وتنظيمها أحد معجزات الدنيا السبع على صاحبها فضلاً عن غيره من الناس.

وفي مجال الصحة الشخصية والأسرية، تأتي (السستمة) لتدفعنا إلى إيجاد نظام يضبط ويحدد مواعيد المراجعات والتطعيمات، والفحوصات الدورية، بالإضافة إلى آلية واضحة لحفظ التقارير الطبية، والشهادات الصحية، والتاريخ الصحي للعائلة بكل أفرادها، بما في ذلك أرقام الملفات، وهواتف الجهات الطبية التي تتم مراجعتها، والعمليات الجراحية التي تتم ونتائجها.

والحديث عن ذلك التنظيم (أو السستمة) في مجال صيانة المنزل، والسيارة، وفي مجال الرحلات والأسفار، وفي مجال التعلّم وتطوير المهارات، وفي مجال الوثائق والصور والتسجيلات، وغيرها وغيرها .. حديث يطول، غير أنه مهم كذلك.

إن من المهم أن يكون هذا الأمر – تحويل الأعمال إلى نظام عمل - محل نقاش داخلي، مع الذات في المجال الشخصي، ومع الأهل في المجال الأسري، ومع فريق العمل في المجال الوظيفي،  وأن يتم – فعلاً – وضع تلك الأنظمة التي تيسر العمل وتعين على استمراريته وتلقائيته، وتوفر الجهد والوقت في كل مرة .

وإن الحديث عن (السستمة) لا يعني إطلاقاً التعقيد ولا التكلفة ولا إضاعة الوقت، غير أن وجود النظام بمستواه اليسير هو الخطوة الأهم، ويتم تحديث النظام وترقيته مرة بعد أخرى وفقاً لنتائج استخدامه.

بقي أن أشير في ختام هذه التدوينة إلى أن الذي ألهمني لكتابة هذه التدوينة حديث رائع جميل للمدرب "رشاد فقيها" عن السستمة بوصفها أداة للنجاح ضمن حديث له عن التخطيط.

دمتم بخير

محمد بن سعد العوشن

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook