الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الاحتناك الشيطاني

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
لم أتعرف عليها إلا من خلال نغمة صوتها! عُدت أدراجي لأجمع ما تناثر من ذاكرتي لصورتها السابقة.. سألتها أأنت فلانة؟! قالت: نعم.. تكسوها ابتسامة فخر وفرح "باللوك" الجديد؟! نفثة مصدور ودمعة ألم على ذاك الجو العارم من التصفيق والتشجيع و"ترندات" عبر برامج التواصل وكأنها حققت نجاحا باهراً أو انتصاراً مدويّا! وإذ بها لم ترض عن الله في اختياره، ولم تقنع بعطاءه، وظنّت أن في تغيير خلقة ربها على يد البشر ورسمها لأنف لا يناسب تقاسيم وجهها ،وشفاه لا تستقيم مع رسمة وجهها، وحواجب لا تنسجم مع تقاطيع ملامحها ووو.. خير لها من صنع المصور الحكيم -جل في علاه- الذي صورها في أحسن صورة، وخلقها في أحسن تقويم. "في أي صورة ما شاء ركبك" شاء رسمة العين، وشكل الأنف، وتقاسيم الجسد .. شاء واختار بحكمته وعدله ورحمته وفضله لك هذا الشعر وهذا اللون وهذا الطول. كما اختار لك هذه الأم، وهذا الأب، وهذا النسب، وهذا الوطن دون اختيار منك.. محض حكمته وعلمه بأن هذا هو الأنسب لك (قل أأنتم أعلم أم الله) ؟!! فمن سعى لتغيير خلقته التي اختارها الله له -لا لإزالة عيب ولا لعلاج مرض وإنما طمعا في الجمال المزعوم- دار في دوامة السخط عن خالقه، وعدم التسليم لاختياره، والتمرد على حكمة ربه، فاحتنكه الشيطان وسوّل له سوء عمله فرآه حسنا (ولآمرنهم فليغيّرنّ خلق الله). ولعل أظافر التنابز بالألقاب تمتد لتمخش كيان النفس فتُحدث فيها ندوبا تكبر مع تقادم العمر، فذاك يُقدح بلون بشرته وتلك بانحناء حاجبها أو رسمة أنفها. (يا أبو أصابع ... ، يا أم كشة ... ، يا أبو آذان ...) تنمّر يهز ثقة الجبال الراسية، فكيف بالقلوب الغضة التي يطرق مسامعها ويزلزل ثقتها في نفسها؟ لتتولد عقدة كره الشكل منذ الصغر، وتنمو وتكبر معه، فينتظر اللحظة التي يغير هذه الصفة الخَلقية محل التندر والسخرية ممن حوله!! لحظة توقف! ٧٠٪ ممن يصورون ذواتهم وأبنائهم يستعملون الفلاتر في التصوير بناءً على استفتاء بتويتر. ما السبب؟! هل هو عدم تقبّل للذات أو تغيير للحقيقة أو نبذ للواقع ؟! أضواء الفلاتر البراقة خصوصا التي فيها تغيير تربي المدمن عليها على الخداع والتزوير وتعود على الغش والتدليس. ولو أدرنا شاشة الكاميرا، وركزنا الصورة على أولئك الذين يزرعون في نفوس أبنائهم وأزواجهم ومن حولهم القناعة والرضا عن الله في اختيار صورهم وأشكالهم، ويغرسون فيهم أن الجمال أنواع وليس له مقياس ثابت ولا هيكل محدد، لوجدناهم يجنون ثمار هذا الغرس فتتحول نقاط ضعفهم لقوة و"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".وستُصرف أوقاتهم وأموالهم بما يعود عليهم بالنفع الحقيقي. ومهما تغزل الناس بالحسن والجمال ففم الحقيقة لا يكذب فتلك الوجوه التي غيرتها الأهواء، ومشارط الأطباء، وهذه الأيدي التي دفعت غالي الأثمان لتغيير خلق الله، وهذه الرؤوس الفارغة إلا من هوس الجمال، وهذه القلوب الساخطة عن الله في اختياره كيف لها حين تتوقف الأنفاس  ويواريها التراب، ويفارقها الأهل والأحباب؟ هل ستجد ممن صفق لها ينفض عنها غبار الآثام؟! د. أبرار بنت فهد القاسماضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook