الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الصحافة ومقتل عضو الهيئة علي الأحمري رحمه الله !

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تعودنا من الصحافة تضخيم ما يناسبها ويخدم أهدافها ، وتصغير - أو حتى عدم ذكر - ما لا يخدمها ، والأمثلة لا حصر لها ، ولا يسع المقام لذكرها .

وأقرب الأمثلة تعامل الصحافة مع قضايا الهيئة ، فالجميع يلحظ الهجوم المنسق أو غير المنسق والمستمر بالأيام على الجهاز حين يكون فرد أو أفراد من الهيئة طرفا في حادثة ما في أمرٍ بمعروف أو نهيٍ عن منكر ، وهذا الهجوم تبرر له الصحافة تحت بند "النقد" ! الذي أصبح مطاطيا ينزل على من يشتهون ، فيدّعون ويقولون : لماذا تضييق صدوركم عند نقد الجهاز ؟

وتنتقل التعبئة ضد الجهاز من الصحافة المحلية إلى وسائل الإعلام الأجنبية من خلال نقلها عنها فيصبح الخبر مادةً دسمةً إما للسخرية أو الضغط على الدولة .  

لنقف في الجهة المقابلة ونأتي على حادثة مقتل عضو الهيئة الشيخ علي الأحمري وإصابة رجل الأمن الذي يرافقه الذي توفي بعد الشيخ علي بأربعة أيام وهما يؤديان عمليهما ، فقد أصيب الشيخ علي بطلق ناري من مسدس كان يحمله شاب حدث قبض عليه رجال الأمن بطلب من والده لأن الشاب قد غاب عن أهله وأوى إلى شاب آخر كما أصيب رجل الأمن الذي يرافقه فبعد قبض رجال الأمن على الحدث ومن آواه لم يكن للشيخ الأحمري إلا مرافقة رجل أمن عند نقل الشابين ( الحدث ومن آواه ) من منطقة لأخرى حسب النظام .

حادثة ذهب فيها عضو الهيئة الشيخ الأحمري برصاصة استقرت في رأسه كما أصيب رجل الأمن الذي معه ، ونشرت بعض الصحف المحلية خبر مقتل الشيخ مجردا دون تعبئة لوجستية من كُتاب الأعمدة الذين نجدهم في صحافتنا أكثر من الأخبار المنشورة في الصحيفة الواحدة ، ودون نقل لدقائق التحقيقات في القضية ، أو عبارة "وصرح مصدر مسؤول" كعادة الصحافة عند نقد الهيئة .

ربما لسان حال الصحافة يقول عن مقتل عضو الهيئة الشيخ علي الأحمري : هي مسألةٌ فيها نظر ! ، لأن جريمته الكبرى التي تفوق قتله أنه عضو في الهيئة فلو كان في دائرة حكومية أخرى لأصبحت القضية قضية رأي عام كما يقال في عالم الإعلام ، ولكن دام أنه عضو في الهيئة فهو لا يستحق أن يكتب عنه حرفٌ واحدٌ ! ، بل قرأت في تويتر من بعض الإعلاميين غمزا ولمزا في مقتل عضو الهيئة ، بل ذهب بعضهم لأبعد من ذلك فوجد مبررا لقتله وهو تدخله في شيء ليس من اختصاصه !

 وهذا لعمري أشد خطرا من القاتل نفسه نعوذ بالله من الخذلان ، فهو إقرارا لقتل النفس المعصومة .

لقد قرأنا أخبارا صحفية عن حوادث يكون بعض أفراد الهيئة طرفا فيها ، وكانت التغطيات لها عبر البنوط العريضة والألوان الحمراء في الصفحات الأولى ، والتفاصيل الدقيقة ، واللقاءات المتنوعة مع أقارب الطرف المقابل للهيئة أو محاميه أو من تصنفهم وتصفهم الصحافة أو الإعلام بالحقوقيين ، ونقل دقائق التحقيقات بل التدخل في مجريات المحاكمة إذا بلغت القضية القضاء رغم وجود نظام المطبوعات والنشر المانع للتدخل في مجريات القضاء .

وربما غاب عن الصحافة أن قتل النفس لا فرق فيه بين عضو الهيئة أو وزير أو أمير أو أصغر صغير ، فالله في كتابه العزيز قال عن بني إسرائيل : " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً " [ المائدة : 32 ] .

قال ابن المبارك عن سليمان الربعي قال ، قلت للحسن : هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل ؟ فقال : أي والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل ، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على اللّه من دمائنا .

فهل دم مَن قُتل مِن غير جهاز الهيئة أكرم على الله من دم عضو جهاز الهيئة ؟

أجزم أنه لا يقول بذلك عاقل ...

ألم يقل المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ... ).

ولكن يبدو أن مدافعة أعضاء الهيئة للمبطلين وأتباع الهوى هو ما جعل الصحافة لا تتبنّى مثل هذا الحدث الجلل .

إن عدم تبني الصحافة جريمة قتل الشيخ الأحمري من جهة جعلها قضية رأي عام هو بحد ذاته جريمة ، كيف لا وهو رحمه الله رئيس مركز هيئة ورئيس مركز الهيئة حسب نظام الإجراءات الجزائية من رجال الضبط الجنائي ، فلماذا لا تهتم الصحافة بما يحمي رجال الضبط والأمن مستقبلا من الاعتداءات والاغتيالات عن طريق تحصينهم بما يرد عنهم أي اعتداء أو محاولة اغتيال .

وحسب علمي إلى لحظة تحرير مقالي هذا لم يكتب في القضية من أصحاب الأعمدة في الصحافة إلا كاتب واحد ، وبعد قراءتي لمقاله قلت : ليته سكت ، وليته لم يكتبه رغم احترامي وتقديري لقلمه ، فكان مقاله مع الأسف دفاعا عن سكوت الصحافة عن قضية مقتل الشيخ علي الأحمري مقارنة بما كُتب في المواقع الاجتماعية والإلكترونية  ضد تخاذل الصحافة.

قرأنا تفاصيل الحادثة ، وطرحت أسئلة عدة توجّه للجهات المعنيّة :

من أين أتى الشاب بالمسدس ؟ وكيف صعد للسيارة دون تفتيش ؟ وهل هناك من شارك في هروبه وتهيئة الأمر له ؟

وختاما لقد سقطت الصحافة المحلية في تغطية الجريمة رغم حجمها المأساوي والإرهابي من قتل نفس بريئة وإصابة رجل أمن عند تأدية الواجب الذي مات بعدها بأيام .

ولا أنسى شكر الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مبادرته الطيبة التي لا شك أن لها أبلغ الأثر في نفوس أقارب عضو الهيئة الشيخ علي الأحمري رحمه الله عندما حضر الصلاة على جنازة الأحمري وأم المصلين . اضافة اعلان

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook