الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

قراءة شرعية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودي

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

نص الورقة التي تقدم بها الدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي لمؤتمر رابطة العالم الإسلامي المنعقد في 22 ـ 8 ـ 1432هـ .

اضافة اعلان

     الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه إلى يوم الدين     أما بعد : 

    فإن من أعظم مطالب الشعوب الإسلامية منذ نَعِمت بالاستقلال عن الاحتلال الغربي : أن تُحكم بشريعة الله سبحانه وتعالى التي كرَّمها بها مولاها عز وجل وميزها بها عن سائر الأمم , وقد ظهر هذا المطلب جليا من خلال إقبال الناس على تأييد الدعوات والحركات والأحزاب التي تتبنى المطالبة بتطبيق الشريعة في سائر أرجاء العالم الإسلامي . وحاولت العديد من القوى السياسية التي تتبنى الطرح العلماني والتحرري  التأثير على التوجهات الشعبية لتنحية مطالباتها بتحكيم الشريعة في بلادها أو تأجيلها مستعينة على ذلك بالتهويل الإعلامي العالمي الذي يتبنى تخويف العالم من الإسلام وتصوير الشريعة الإسلامية على أنها حجر عثرة أمام الانفتاح السياسي والعدالة الاجتماعية والحوار الحضاري .     وهذا الأمر هو ما حدا ببعض الحركات الإسلامية وعدد من قادة العمل السياسي الإسلامي إلى تخفيف لغة المطالبة بتطبيق الشريعة والانصراف إلى مصطلحات علمانية النشأة كالدولة المدنية والتي يقيدونها بكون مرجعيتها الشريعة الإسلامية .       وهم بهذا التخفيف من لهجة المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية ,واستخدامِ المصطلحات العلمانية الأصل في تقرير مطالباتهم ,يقصدون النأي عن فهم الدولة التي يدعون إليها بالمفهوم الثيوقراطي للدولة الدينية والذي هو في أصله مفهوم لا تقره الشريعة الإسلامية ,وليس وارداً عليها أبدا, لكنهم بهذا المسلك وإن شاركناهم في حسن مقصده يقعون في محظور أكثر خطرا , وهو : جعل الشريعة الإسلامية مجرد مرجع للنظام وليست حاكمة عليه .  ويبدو لي أن من أسباب الوقوع في مثل هذا الخطأ غياب الأنموذج المعاصر للنظام الذي يطبق الشريعة الإسلامية عن أذهان هؤلاء المنادين في هذه الأيام بالحكم الإسلامي لبلادهم. وقد رأيت في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية, تجربةً فريدةً لا نظير لها اليوم في جميع بلاد المسلمين ,من حيث فهم هذه التجربة للمكان الصحيح للشريعة الإسلامية من النظام , وهو مكان الحاكم والمهيمن , وتأثيرُها في جميع مفاصله تأثيراً لم يحُل دون تغطية هذا النظام لجيمع احتياجات الإنسان المتاحة شرعا ,كما لا يحول دون أن تأخذ الدولة بجميع مكوناتها مكانَها اللائق بها عالميا وإقليميا .     فكان إبراز هذه التجربة أمام علماء الإسلام ومفكريه وقادته السياسيين أمراً ضرورياً لمسيس حاجة العمل السياسي الإسلامي إلى الاستفادة منها لأنها حتى هذا اليوم هي التجربة الوحيدة عالمياً والتي حققت إلى جانب انفرادها نجاحاً وتألقا.      وقد اخترت أن يكون موضوع ورقتي : قراءة شرعية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية , وهي قراءة مختصرة تتناسب من حيث حجمها وهذا المقام الكريم الذي أسأل الله تعالى أن ينفع به , مع تأكيدي إلى حاجة هذا النظام إلى قراءة شرعية أكثر توسعاً , كما أنه في حاجة أيضا إلى قراءة قانونية مقارنة , وهذا كله في سبيل تقديم أنموذج عملي ناجح أمام أمتنا الإسلامية يكون رائداً لها لتحقيق مطاليبها العادلة  . موجز وصفي عن النظام :     صدر النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية بالأمر الملكي ذي الرقم :أ/90 وتاريخ:27/8/1412هـ وجاء فيه : نحن فـهد بن عبد العزيـز آل سـعود ملك المملكة العربيـة السعوديـة بناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة، ونظراً لتطور الدولة في مختلف المجالات، ورغبة في تحقيق الأهداف التي نسعى إليها. أمرنا بما هو آت: أولاً – إصدار النظام الأساسي للحكم بالصيغة المرفقة بهذا. ثانياً – يستمر العمل بكل الأنظمة والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا النظام حتى تُعدل بما يتفق معه. ثالثاً – يُنشر هذا النظام في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من تاريخ نشره.  وكان هذا النظام ثمرةً يانعةً للعديد من الجهود السابقة ,والتي كانت بدايتها بالبلاغ الذي أصدره الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى في الثاني عشَر من جُمادَي الأولىَ عام ثلاثةٍ وأربعين وثلاثمائة وألفٍ معلِناً فيه أن " الأمرَ في البلادِ المقدسةِ شُورَى بين المسلمينَ ، وأن مصدرَ التشريعاتِ والأحكامِ لا يكونُ إلا مِنَ الكتابِ والسنةِ والفِقه " . كما جاء في بلاغٍ آخرَ عامَ 1344هـ أربعةٍ وأربعينَ وثلاثمائةٍ وألفٍ مايلي : " يجِبُ أن يكونَ السلطانُ الأولُ والمرجعُ للناسٍ كافةً الشريعةَ الإسلاميةَ المطهرة.  واستمرت الدولة تعتمد على هذا البلاغ كمبدأ تصدر عنه سائر الأنظمة ,حتى صدر النظام الأساسي للحكم وأصبح أساسا لجميع ما يصدر بعده من أنظمة ,وقد عُدلت جميع الأنظمة التي صدرت قبل صدوره لتكون على وفقه. وقد جاء النظام في تلاثة وثمانين مادة تنتظمها تسعة أبواب   جاءت كالتالي :      الباب الأول: المبـادئ العـامـة      الباب الثاني: نظام الحكم      الباب الثالث: مقومات المجتمع السعودي      الباب الرابع: المبادئ الاقتصادية      الباب الخامس: الحقوق و الواجبات      الباب السادس: سلطـات الدولـة      الباب السابع: الشـؤون المـالية      الباب الثامن: أجهـزة الرقـابة      الباب التاسع: أحـكام عامة  وبقراءة مواد هذا النظام نجد أنه يحدد شكل الدولة , كما ينص على نظام الحكم فيها وهويتها, ويبين السلطات المختلفة في الدولة والاختصاصات المتاحة لكل سلطة  والمرجعية النظامية لكل منها والحقوق العامة والواجبات كما ينص على البناء الاجتماعي في الدولة السعودية , والمبادئ الاقتصادية ,والشؤون المالية التي تنظم حركة المال بين الدولة ومؤسساتها وبينها وبين المواطنين, وبين المواطنين وبعضهم وبين الدولة والدول الأخرى , ويحدد الأجهزة الرقابية ومسؤولياتها وصلاحياتها, كما يتضمن أحكاما عاما تعد مع ما سبق قواعد أساسية تنطلق منها سائر الأنظمة المرتِّبة لجميع مكونات الدولة الرسمية والاجتماعية وما يتعلق بها . الصفة التشريعية للنظام :   صدر النظام باسم النظام الأساسي للحكم , وهو من الناحية الوصفية يحمل جميع سمات الدستور في الدول الأخرى , إلا أن المادة الأولى منه تنفي وبصراحة عنه صفة الدستورية حين تنص على أن الكتاب والسنة هما دستور المملكة العربية السعودية , وهذا النص يعني أن هذا النظام له مرجعية أعلى منه وهذا يعد مانعاً من اعتباره دستوراً, إذ إن الدستور هو أعلى وثيقة تشريعية في الدولة, وهذه الصفة منتفية بهذه المادة عن النظام الأساسي للحكم .  وانتفاء هذه الصفة ,وتأكيد كون الكتاب والسنة هما الوثيقة الأعلى في الدولة يتجلى من خلال عدد من المواد منها :  الفقرة ب من المادة الخامسة والتي تنص على أن الحكم في أبناء الملك المؤسس وأبناء الأبناء ويبايع الأصلح منهم على الكتاب والسنة . والنظام في هذه الفقرة هو بداية التطبيق العملي التنظيمي  لما نصت عليه المادة الأولى من وصف الكتاب والسنة بكونهما دستوراً للبلاد ,حيث إن البيعة يقاربها في الأنظمة المدنية: اليمين الدستورية والتي يؤديها الرئيس أو الملك أمام الجهة التمثيلية للمواطنين ويتضمن القسم المحافظة على الدستور أو احترام الدستور .  وجاء نص البيعة في المادة السادسة مؤكداً لهذا المعنى , وسوف يأتي قريباً الإشارة إلى هذا النص. أما المادة السابعة فهي لا تكتفي بالتأكيد على مرجعية الكتاب والسنة أو كونهما دستورا للبلاد بل تنص وبشكل قاطع لا لبس فيه على أن الكتاب والسنة هما مصدر السلطة في المملكة العربية السعودية , كما تنص على حاكميتهما على هذا النظام وسائر أنظمة الدولة تقول المادة :(يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة) وبهذا العرض يتأكد أن النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية ليس دستوراً, وأن دستور الدولة كما ينص عليه هذا النظام وما سبقه من بلاغات صاحبت تأسيس الدولة هما الكتاب والسنة .  لكن تبرز لدى البعض هنا مشكلة تتمثل في عدم انطباق أوصاف الدستور كما هي موضحة في كتب القانون على الكتاب والسنة , فهما لا يتضمنان حديثاً عن صفة الدولة ونظام الحكم فيها كما لا يوجد فيهما نص في  توزيع السلطات والمهام في الدولة وغير ذلك من القواعد الدستورية المعتادة .  والجواب عن ذلك أن وصف الدستور بهذه الصفة القانونية ليس أمراً قاطعاً لا تجوز مخالفته , بل هو اصطلاح صنعه عُرف ليس له علاقة بالشريعة الإسلامية , وحين نريد تطبيق الشريعة تطبيقاً صحيحاً فلا بد من الانفكاك عن بعض الأعراف القانونية التي سوف تقيد بالتأكيد سعينا لتحكيم الشريعة في سائر دول العالم الإسلامي .  كما أننا لسنا بحاجة ماسة إلى مصطلح الدستور للتعبير عن هويتنا أو نظامنا، وكذلك يجب أن  نقرر أن استعمالنا لهذا المصطلح أو أي مصطلح آخر لا ينبغي أن يفرض علينا تعريفاً لا يتوافق مع السياق الذي استخدمنا هذا المصطلح فيه.  فبما أن كلمة دستور فارسية الأصل تعني حرفياً صاحب القاعدة. ومرت عبر تاريخها باستخدامات عدة منها الدفتر الذي تُدَوّن فيه الأنظمة ومنها كبير الوزراء الذي لديه سن الأنظمة وتوجيهها، فلماذا لا تكون لدينا الصلاحية في تعريف هذا المصطلح بحسب السياق الذي نضعه فيه لا بحسب ما يوجد في معاجم قانونية صنعها أفراد بعيدون عن بيئتنا السياسية والعقدية صفة  الدولة في النظام الأساسي للحكم  المملكة العربية السعودية دولة دينية , بمعنى أنها تقوم على أُسُسِ دين الإسلام وتحكم به وتسوس به الدنيا , وقد تبين في المطلب السابق كيف أن الكتاب والسنة ليسا مصدرين للأحكام أو القضاء في النظام السعودي وحسب بل هما الحاكمان عليه والمهيمنان على جميع التنظيمات فيه .  وقد فهم البعض أن وصف الدولة بكونها دينية يعني بالضرورة أن تكون ثيوقراطية , والحقيقة أن هذا الفهم- الدولة الدينية تساوي الثيوقراطية - مرتبط بالتاريخ السياسي الأوربي الذي يعطي الحاكم حقاً إلهياً يجعله هو مصدر الحق وبالتالي هو مصدر الحكم والسلطات , وهذا المفهوم ينبغي أن لا يسيطر على أذهان المسلمين بحيث ينفون نسبة الدولة التي يطمحون إليها إلى الدين , ويختارون النسبة إلى المدنية بدلا عن ذلك , لأن الدولة الدينية في الإسلام هي التي تسوس الدنيا بالدين وتحرس الدنيا بالدين , وهو مفهوم لا يتحقق مع نسبة الدولة إلى المدنية .  كما أن الدعوة إلى دولة مدنية مرجعيتها الشريعة الإسلامية لا يحقق الطموح الشعبي الإسلامي في الدولة التي تطبق الشريعة الإسلامية .  لأن مرجعية الشريعة ليست كافية لضمان هيمنة الكتاب والسنة على جميع مفاصل النظام في الدولة , بل لابد من تقرير هيمنة الشريعة على النظام كما تقرر في المواد الأُوَل من نظام الحكم في المملكة العربية السعودية , فلا بد أن تكون جميع المواد التي تصف الدولة أو مؤسساتها وكذلك جميع المصطلحات الواردة في أنظمتها ذات صفة شرعية . وذلك لأن الدولة التي تُحَكِّمُ الشريعةَ الإسلامية  بمجموعها عبارة عن مؤسسة دينية ابتداء من رأس الهرم حتى قاعدتها الاجتماعية , وحين تكون الدولة مدنية بمرجعية إسلامية – كما ينادي البعض – فإنها لن تكتسب هذه الصفة .  وعليه فلا ينبغي لنا أن نتحرج أبداً من وصف الدولة التي تحكم بالشريعة الإسلامية بأنها دينية , لأن الغاية منها :سياسة الدنيا بالدين , وهذا المطلب لن تحققه أي دولة لا تهيمن الشريعة على جميع أنظمتها , سواء أكانت متعلقة بالسلطات الثلاث القضائية والتنظيمية والتنفيذية ,أم المتعلقة بإدارة الدولة وتصريف شؤون المجتمع . وحين نستقرئ النظام الأساسي للحكم نجد أنه قد راعى هذا الأمر ومكَّن الشريعة الإسلامية من كل شيء في البلاد نظاماً ومجتمعاً وقيادة ,وسوف أعرض فيما يلي جميع المواد التي نصت على هذا التمكين ليَثبُت للقارئ الكريم دينية الدولة من خلال تمكنها من جميع مفاصل النظام .   فإضافةً إلى ما سبقت الإشارة إليه في المادة الأولى والخامسة والسابعة والثامنة من اعتبار الكتاب والسنة دستوراً للدولة وحاكميتهما على جميع أنظمتها فإن المادة الأولى من النظام أيضا تبدأ في بيان الانتماء الديني للدولة (المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام)والانتماء للعربية ليس انتماء آيديولوجياً , لأن الانتماء الآيديولوجي للعروبة يتعارض مع النسبة إلى الإسلام بكلمة (إسلامية)كما يتعارض مع بقية المواد التي تنص على أن دستور الدولة هما الكتاب والسنة وعلى حاكميتهما على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة , فإن الله تعالى يقول في كتابه : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)19آل عمران , وقوله تعالى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85وقوله : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103فهذه الآيات وغيرها تمنع أي أي انتماء آيديولوجي لغير دين الإسلام . وبذلك نعلم أن وصف الدولة بالعربية إنما هو لبيان انتمائها اللغوي والمعرفي دون أي انتماء يتعارض مع الكتاب والسنة , وهذا الانتماء المعرفي مفسرٌ في المادة نفسها , حيث جاء في المادة :( ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية). وهذا الانتماء المعرفي للعربية فرع  عن الانتماء لكتاب الله تعالى الذي وصفه الله تعالى بالعربية في غير موضع من كتابه عز وجل ومن ذلك : {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2 {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }الرعد37  وتحدد المادة الثانية أعياد الدولة الرسمية بأنهما عيد الأضحى وعيد الفطر , وهذا التحديد التزام بمصدرية الكتاب والسنة لهذا النظام حيث تُحَدِّد السنة أعياد المسلمين بما جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ . " سنن أبي داود 1134 كما تحدد التقويم بأنه التقويمُ الهجري , وهو تحديدٌ فيه تمييزٌ للدولة واعتزازٌ بأنتمائها للتاريخ الإسلامي المجيد ,الذي تُؤَرَّخُ جميعُ وقائعه بالتاريخ الهجري المرتبط بالحدث الذي يُعتبر من الناحية السياسية أول إعلان لنشوء الدولة الإسلامية . وتحدد المادة الثالثة علم الدولة والفقرة ج تحديداً تقررُ كتابة شهادة التوحيد في وسطة تحتها سيف نص الفقرة (- تتوسطه كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، تحتها سيف مسلول . ولا ينكس العلم أبداً .) وبما أن المادة الخامسة تبين أن نظام الحكم في المملكة ملكي وراثي فإن المادة الثامنة تنص على التالي : (يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية). وهذه المادة تنفي صفة الاستبدادية والقهرية عن هذا الحكم الملكي , فهو إن شاء الله تعالى من أصناف الملك الموصوف في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحمة, فيما رواه الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يكون إمارة ورحمة ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان(المعجم الكبير (            11/88/11138      ) ولما كان العدل والمساواة مصطلحان تتنازعهما الكثير من المفاهيم فقد حددت المادة المفهوم الذي تنطلق منه الدولة في إقامة العدل وهو مفهوم الشريعة الإسلامية. ويلتفت النظام إلى المجتمع ليؤكد شمول الشريعة الإسلامية فيفرد خمس مواد لبيان مقومات المجتمع السعودي ابتداء من المادة 9 وحتى 13وهذه المواد تؤكد بمنطوقها أن سياسة الدولة للمجتمع ورعايتها له إنما هي من منظور شرعي حيث يضع النظام من مسؤوليات الدولة حماية البناء الاجتماعي الموافق للشريعة الإسلامية والانتماء الديني للمواطن السعودي .  فمطلع المادة 9: (الأسرة هي نواة المجتمع السعودي)وهذا يعني أنه لا يمكن اعتماد أي أنظمة أو الدخول في اتفاقيات أو معاهدات دولية تسمح ببناء اجتماعي يقوم على غير الأسرة , وهو البناء الفِطرِي للإنسانية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13 والجزء الثاني من المادة التاسعة (ويربى أفرادها –أي الأسرة -على أساس العقيدة الإسلامية)فالتربية في النظام الأساسي ليست مسؤولية الأسرة وحدها بل هي أيضا مسؤولية الدولة , ومن واجب الدولة أن تحول بين أفراد المجتمع وبين أي عمل تربوي ينافي العقيدة الإسلامية , أو يؤدي إلى الإخلال بالتربية على أساس من العقيدة الإسلامية , وهذا المعنى تؤكده المادة العاشرة التي نص صدرها (تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية )وهو نص يؤكد الرعاية التربوية على منهج إسلامي للأسرة من جهة الدولة . أما المادة 11فإنها تتولى وصف المجتمع السعودي (يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله وتعاونهم على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم)وهي مادة مستمدة حرفياً من قوله تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ  }آل عمران 103  {وتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2 والمادة 13تنص على أهداف التعليم في المملكة العربية السعودية فتجعل العقيدة هي الغاية الأولى من غايات التعليم :( يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء).  ويخصص النظام تسع مواد للمبادئ الاقتصادية تبتدئ بالمادة 14 وتنتهي بالمادة 22وفي جميع هذه المواد نجد أن الشريعة الإسلامية حاضرة إما بالنص عليها كما في المادة 17والتي تبين أن الملكية والعمل ورأس المال مقومات أساسية للاقتصاد والمجتمع في المملكة وفق الشريعة الإسلامية, والمادة 21والتي تنص على جباية الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية , أو ضمنا كما في بقية المواد السبع الأخرى والتي بُنِيَت على أساس شرعي حيث إن جميعها تقترب أن تكون نصوصاً فقهية محكمة , حاصلها ملكية الدولة لثروات باطن الأرض وظاهرها وحماية المال العام وكفالة الملكية الخاصة , وحظر المصادرة العامة والضرائب . ويخصص النظام عشرين مادة للحقوق والواجبات , وتعني واجبات الدولة وحقوقها وواجبات المواطنين وحقوقهم وتبدأ من المادة 23وتنتهي بالمادة 43وجميع هذه المواد تبني الحقوق والواجبات على أساس الشريعة الإسلامية .
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook