الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

العباءة السوداء وأمراض السرطان!!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

لا أجد أثقل على النفس هذه الأيام من تلك المسلسلات التهريجية السخيفة التي لا تحترم قيمنا وثقافتنا. ولا تخاطب عقولنا. بل لا تفترض فينا فهما أو تمييزا. اضافة اعلان
قد تنصرف أذهانكم إلى تلك المهازل التي يعجّ بها الفضاء. بينما هناك ما ينافسها أو يتفوق عليها سطحيةً وغباءً. كسلسلة المقالات التي تتحفنا بها بعض الصحف الرسمية بين الحين والآخر.
 أعرف أن لكتّابها –كغيرهم- رسالةً معينة أو أهدافاً يتمنون رؤيتها تتحقق في مجتمعهم. ولكن! لماذا هذه الأساليب الملتوية والوسائل المتهافتة للوصول لغاياتهم: استخفاف بإدراك القارئ – تزييف للحقائق – نقاشات غير منطقية...
 من كان مهموما بصحة المرأة السعودية فعليه أن يطالب بتثقيفها صحيا. وتأمين رعاية وخدمات طبية أرقى لها. والدعوة لتحسين النمط المعيشي وتحفيزها للاهتمام بنظامها الغذائي الصحي والحركي بالاستغناء عن الخدم وممارسة التمارين الرياضية اليومية المناسبة.
 ليس عليه أن يمثّل أمامنا مناحةً يومية يشكو فيه حالها وأن صحتها هي الأسوأ على مستوى العالم. وأن عافيتها إلى زوال. أو أنها عُرضة للشيخوخة والموت المبكر! وأنها الأكثر سمنة بين نساء العالم ومهدّدة بكل أمراض الدنيا و.. و!!. ثم إن كل هذه القائمة السوداء والمصائب الدهياء أيها السادة لن تُحل إلا بحصة أسبوعية للرياضة بالمدارس أو بالمشاركة في البطولات والمسابقات المحلية والدولية!!
 معالجات ممجوجة وقاصرة لقضايانا وشؤوننا. ليس آخرها ذلك المقال العجيب لإحدى الكاتبات السعوديات تطالب فيه بتغيير لون العباءة.
 حيث تقول: «بعضنا يخاف على كومة حديد كالسيارة - فيختار لها لونا فاتحا - أكثر من خوفه على نساء بيته اللاتي من دم ولحم!». ثم تضيف: «النساء وحتى الطفلات مُلزمات بارتداء العباءات السوداء ومن تتجرأ على اختيار لون كالرمادي أو البني لعباءتها يُلاحقها الناصحون وكأنها ارتكبت كبيرة»، وأخيرا تقول: «العباءات السوداء تمتص الحرارة وبصراحة تكفي الأمراض المنتشرة بين السعوديات كالسمنة والهشاشة والسكري ولسنا بحاجة للمزيد! وعلينا أن نتساءل لماذا نسب إصابة النساء لدينا بأمراض السرطان مرتفعة أكثر من الرجال؟! بل ولماذا تُصاب الصغيرات به بنسب مرتفعة عن قريناتهن في المجتمعات الأخرى؟ السبب معروف، الأسود الذي يرتدينه يومياً من وإلى المدارس والجامعات».
 لن أقف طويلا عند هذه المقارنة الغريبة بين السيارة والمرأة! فكلنا يعرف أن السيارات مكانها الدائم الشوارع والطرقات. فيما لا تقضي المرأة خارجا إلا دقائق التنقل!.
 ولن أخوض في اتهامها الباطل للناصحين، فكلنا يرى بعض أخواتنا المقيمات من مصر والشام يرتدين أحيانا عباءةً ساترةً بغير السواد فلا يعترض لهن أحد وما الإنكار إلا على التبرج الظاهر!.
 ولن أفصّل كذلك في صفة الحجاب الشرعي فمع أننا نعلم أن الأصل فيه الستر والاحتشام وألا يصف أو يشف. وأنه ليس هناك ما يُلزم بلون محدد. إلا أن من شروطه أيضا أن لا يكون زينةً في نفسه بتطريزه وألوانه الزاهية. كما أن هناك ما يُسمى بمراعاة العُرف السائد، ففي بلد كالسعودية لا ترتدي النساء فيه غالبا إلا السواد ألن يكون في المخالفة بلبس البيج أو السماوي أو الوردي -كما تطلب الكاتبة- خروج عن السائد ومدعاة للفت الانتباه للمرأة؟. ثم هانحن نرى من الموضات وموديلات العباءات ما يؤلم كل غيور -مع التزام السواد- فكيف لو أُطلق العنان لكافة الألوان للعبث في الحجاب؟!.
المشكلة ليست في مناداة الأخت الكاتبة بتغيير لون العباءة فهذا رأيها الخاص وترى فيه مصلحةً للمرأة. إنما المشكلة الحقيقية في جعلها من هذه العباءة التي تلتزمها الكثير من المسلمات وليس السعوديات وحسب -قناعةً منهن أن الأسود أكمل للستر والوقار وأوجب لعدم لفت الأنظار إليهن- سببا من أسباب مرض السرطان! وهذه والله كارثة! فهو استنتاجٌ قاطع جازم في أمر لا ينبغي الحديث فيه هكذا دون برهان.
 وقد حاولت لأسابيع البحث عبر الكثير من المواقع الطبية ومراكز البحث العلمي والإحصاءات لعلّي أجد ما يؤكد تلك العبارات الخطيرة التي ذُكرت: من أن السيدات والفتيات السعوديات أكثر إصابة بالسرطان من الرجال. ومن غيرهن من نساء وأطفال العالم فلم أعثر إلا على ما يفنّد هذا التخمين لا ما يثبته!
 فرغم نقص الإحصاءات وعدم دقتها فإن تقارير السجل الوطني السعودي للأورام تؤكد تقارب عدد حالات مرضى السرطان بين الرجال والنساء. فيما ينحصر التفاوت أو الاختلاف بين الجنسين في نوع الورم. فسرطان الثدي هو الأكثر شيوعا بين الإناث وقد يصاب به الذكور ولكن بنسبة قليلة جداً مقارنة بهن. بينما يصاب الرجال بسرطان الرئة والكلى والقولون والكبد اللمفاوي بنسب أعلى من النساء.
علما بأن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين النساء في العالم. لذا لا يمكن ربطه بحال بالعباءة أو لونها!!
 ختاما: إن كان الطب أثبت مسببات كثيرة للسرطان كالوراثة والخلل الهرموني أو العدوى الفيروسية، والإشعاع والمسرطنات الكيميائية وغيرها.
 فهانحن نسجّل اليوم كشفا ليبراليا حديثا يجعل من العباءة السوداء للمسلمات سببا للإصابة بالسرطان!!.
 وقانا الله وإياكم وعافى كل مريض.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook