الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

السلفية: دعوة للتحرر الحقيقي !

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
تدور حوارات، وربما صراعات، في مصر وتونس، و في غيرهما من دول العالم، حول السلفية.. وخصوصاً بعد نجاح الثورات العربية.. وهي ثورات مباركة تستحق الإشادة، وخصوصاً الثورة المصرية، لسلميتها أولاً، ولأنها تعد خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح في طريق استعادة الناس لذاتهم، وحرياتهم، ليتمكنوا من التعبير عن طموحاتهم، وآمالهم واختيار لما يرونه صالحاً لمجتمعاتهم، وهو ما سينعكس إيجاباً على مصر والعالم العربي، ولعل ما يميز الثورة المصرية أيضا هو دأب الثوار وإصرارهم على قيادتها في الاتجاه الصحيح، وحراستها من محاولات الاختطاف، والثورات المضادة. أما فيما يتعلق بالسلفية، فأعتقد أن كل إنسان يؤمن بالإسلام أولاً، وبالحرية حقاً ثانياً، لا يمكن أن يرفض السلفية الحقيقية، أو على الأقل لا يمكن أن يكون في صدام معها.. لأن السلفية ببساطة، في معناها الصحيح، بعيداً عن محاولات الاختطاف، أو التوظيف الحكومي، هي دعوة للعودة للإسلام اعتماداً على القرآن الكريم، وما "صح" من السنة النبوية، وفق فهم الجيل الأول، أي العودة للإسلام الحق.. وبالتالي فتميزها يكمن في منهجها في التلقي.. بغض النظر عن الاجتهادات المتعددة التي ستنتج من تطبيق هذا المنهج، والذي أوجد أطيافا متعددة من السلفية. ولكن العبرة في رأيي بمدى الالتزام بالمنهج، والاتساق في تطبيقه، والبعد عن الانتقائية في ذلك.. وهي الانتقائية التي قد تعاب على بعض الاتجاهات السلفية، غير المتسقة في تطبيقها لمنهج الاتباع لا الابتداع، وخصوصاً في المجال السياسي.. حيث إن هناك من يرغب في توظيف السلفية للمحافظة على مكتسباته السياسية باستغلال بعض أطيافها، وموقفهم من ولي الأمر، لترسيخ حكمه وقمع من يعارضه، وهو ما كشفته بعض وثائق أمن الدولة في مصر للأسف! وهي اتجاهات تنتشر في بعض البلاد الإسلامية، وتحاول اختطاف السلفية للأسف، وتأخذ من السلفية ما لا يتعارض مع مصالح الحكام، بل ربما تستغل الشريعة لترسيخ الدكتاتورية ومصادرة الحريات السياسية.. وكأنها تقول، بمنطق الحال لا المقال، بعصمة الولاة ! ولذا فإن من المهم أن يدرك خصوم السلفية أنها ليست طيفاً واحداً، وإنما أطياف متعددة؛ ففي منهج التغيير سنجد سلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الذي تبنى الثورة المسلحة، فيما ستجد سلفية أحفاده الذين يحرمون المظاهرات! وفي الحجاب، وهو من القضايا التي تثار كثيراً حول السلفية، سنجد أن شيخ السلفية في الحديث، وهو الشيخ الألباني، يرى كشف الوجه، فيما يرى معظم مشايخ السلفية في السعودية عكس ذلك.. وكذا الأمر في الموقف من كثير من القضايا الخلافية.. وأنا هنا بالطبع لست معنياً بالدعوة لفرد، أو جماعة، أو أطروحات مدرسة معينة من مدارس السلفية، ولكن ما يهمني هو المنهج، ومدى الالتزام به.. والتفريق بين صحة المنهج السلفي، وخصوصاً في مجال التلقي، مقارنة بمناهج خصوم السلفية، وبين الأخطاء التي قد تشوب تطبيقه، لأسباب ليس هذا مكان شرحها.. نعود للثورات العربية، الحقيقة أنه لا معنى لأن يعود الشاب من ميدان التحرير مزهواً بمشاركته في إسقاط الطاغية مبارك بينما عقله وروحه وموارده الاقتصادية محتلة أو مختطفة من قبل طغاة آخرين، يسلم لهم دون دليل ولا تفكير! كيف يقبل الشاب أن يتحرر من الطغيان السياسي للأحياء، بينما يقبل الخضوع لسلطة الأموات، في الأضرحة والقبور. أو سلطة مطلقة وتقليد أعمى، لأفراد مثله؛ كمشايخ الطرق الصوفية، أو الملالي الذين يبتزونه عاطفياً وروحياً بما يوجبون عليه من خضوع وتذلل وبحث عن البركات والشفاعات لديهم، أو يبتزونه مالياً بما يدفعه من خمس، أو نذور وقرابين وتكاليف لمناسبات "دينية" ما أنزل الله بها من سلطان، كالموالد أو أربعينية فلان، أو خمسينية علان! أو يستهلكون أوقاته وطاقته التعبدية والروحية، بما يقنعونه به من طقوس أو مناسبات أو زيارات للأضرحة والمزارات، أو الأماكن التي يسمونها مقدسة، كما في النجف وكربلاء والحسين، والسيدة زينب، وكل ذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولو كان يقرب الإنسان من ربه لما أغفله الإسلام؟ بل أي تناقض يقع فيه الشاب الشيعي العائد من ميدان اللؤلؤة في البحرين، أو من مظاهرة في القطيف، وهو يشعر بأنه يجاهد الحاكم احتجاجاً على أوضاعه الاقتصادية، بينما الملالي يبتزونه مالياً بإجباره على دفع خمس ماله لهم بلا وجه حق، وهو ما يفوق أي ضريبة تفرضها الحكومات التي يجاهدها؟! بل لا يكتفون بذلك، فيرسلون الأموال إلى المراجع الدينية في العراق وإيران، وتحرم منها مجتمعات الشيعة المحلية الفقيرة كما يقولون! وهكذا الشابة الشيعية التي تشارك في هذه المظاهرات المطالبة بالتحرر، بينما تستغل جنسياً في زواجات المتعة التي خلفت ملايين اللقطاء في المجتمعات الشيعية، وخصوصاً في إيران والعراق؟ وكذا الأمر فيمن يتعلق بالسحر والشعوذة وقراءة الطالع والأبراج والتطير والتعاويذ الشركية، والخرفات التي تنتشر في العالم العربي، وبين معظم شرائح المجتمع، والتي تحاربها تحاربها السلفية بكل حزم.. إذن .. السلفية ببساطة تدعوا لتحرير الإنسان من كل ذلك.. مما لم يقم عليه دليل شرعي صحيح، وهي تقول: إن الدين اتباع لا ابتداع. كما أن السلفية، بما أنها تدعوا لاتباع الشرع كما جاء، فهي تدعوا للحرية الاقتصادية المنضبطة، فهي تقول بما قالت به الشريعة، فترى حرمة فرض الجمارك على السلع المستوردة، "المكوس". وهو ما سيسهم في تخفيض أسعار السلع المستوردة، وتحرير الإنسان من الاستغلال الجمركي. كما أنها تدعوا لحرية تملك الإنسان للأرض إذا أحياها للزراعة أو السكن:" من أحيا أرضاً ميتتة فهي له"، وهذا سيحل مشاكل ملايين الناس في هذه الجوانب ويعطيهم حرياتهم الاقتصادية المسلوبة، فيسهم في حل مشكلة البطالة لإتاحته الفرصة لتملك الأرض بالإحياء، وفق تنظيم يحفظ الحقوق، كما يحل مشكلة السكن.. والأمثلة في هذا المجال كثيرة لا تخفى .. ولكن قد يقول قائل بأن هذا هو الإسلام وليس السلفية فقط، وأقول .. ومن قال بأن السلفية شيء مختلف عن الإسلام الحق، ولكنها تتميز بأنها تدعوا لتطبيق ما قام عليه الدليل، وليس ما نسب للإسلام من طقوس وبدع، وخرافات، فهي تهدف لإعادة الناس للدين الحق، صافياً كما أنزل على محمد، صلى الله عليه وسلم .. كما أنها لا تجامل فتميع الدين وتتذرع بذرائع تفرغ الدين من مضمونة الحقيقي، كما هو حال من يتهاون في تطبيق التشريعات الاقتصادية المذكورة، والتي لها دور كبير في حل المشاكل والمعاناة الاقتصادية للناس. ويا ليت من يدافع عن السلفية، من أهلنا في مصر خصوصاً، أن يركزوا على التعريف بالسلفية وشرحها للناس، وأن يقدموها على أنها دعوة للتحرر الحقيقي من الخضوع لغير الله، لأن هناك من يهاجم السلفية لأنه يرى أنها ستهدد مكاسبة الاقتصادية، أو وجاهته الاجتماعية كشيخ لطريقة ما، أو مرجع من المراجع الدينية، وهي الوجاهة التي بناها على حساب البسطاء الذين يستغلهم لمصالحه، مما لا علاقة له بالإسلام؛ حيث إن الإسلام، بحمد الله، يتميز عن سائر الأديان بعدم وجود رجال دين يشكلون طبقة دينية كهنوتية، من دون الناس، بل يوجد علماء يقدرون بقدر علمهم لا تراتبيتهم الدينية، كما في أي علم آخر.. ولكن الحق أبلج.. وتطبيق المنهج الشرعي الحق يكشف زيف هؤلاء وتناقضهم. المهم أنه إذا كان طواغيت الحكام، الذين أسقطتهم الثورات العربية، قد افسدوا دنيا الناس، فهناك من طواغيت الدين أو الفكر، من يفسد الدنيا والآخرة! قال تعالى:" لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ". فالكفر بالطواغيت جميعها أساس للإيمان الحق. اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook