الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهـ أما بعد: فيا معاشر المحتسبين وطلاب العلم: إن معرض الرياض الدولي للكتاب قد بدأ يوم الثلاثاء 26 / 3 / 1432هـ، وهذا الحدث طالما انتظره الناس – منذ زمن مضى – وترقبوه لِما يحمله من علم وكنز كبير من المعلومات، ولكن منذ أن تولت وزارة الثقافة والإعلام زِمام المعرض وبالتحديد عام 1427هـ، وأُوكِل للوِزارة تنظيمه وأطلق للدور المشاركة في المعرض الزِمام حتى ذاع بينهم – أي أصحاب الدور- أن معرِض الرياض يباع فيه كل لا شيء ولا رقابة. وإذا نظرنا للواقع فإن ما نُقل للأسف هو الصحيح، فقد صرّح بعضهم أن المعرضِ لا رقابة فيه، ولكن الرقيب سبحانه مطّلع على ما فتنوا أنفسهم به وفتنوا الناس والقراء {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }. وعودا على بدء.. فإن وظيفة كل مسلم ومسلمة تجاه المعرِض كبيرة فالأمر لا يقتصر على الحوقلة ... أو لوم الآخرين ... فإن هذا المعرِض أصبح مرتعاً للحداثيين وضعفاء النفوس من المتنفذين، والمطلوب من الجميع السعي فيما يبرئ الذمة أمام الله فالباطل وأهله مهما ضخمهم الشيطان فهم ضعفاء {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وقال جل من قال: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} والله تعالى أمرنا بأمر عظيم فقال سبحانه {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وقال سبحانه {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، وقال الإمام القرطبي رحمه الله : إنما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى.( )، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأي معروف أعظم من الإيمان بالله وأسمائه وآياته ؟ وأي منكر أعظم من الإلحاد في أسماء الله وآياته( )،وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من أمتى قوما، يعطون مثل أجور أولهم، ينكرون المنكر).( )، ولذلك فإن أعظم ما يغيظ هؤلاء ويحول دون نجاح مشروعهم هو: الاحتساب الميداني على المنكر، سواء كان في مواقع بيع الكتب من الدور السيئة والمعروفة بتوجهاتها المشبوهة، أو من خلال حضور الندوات والمحاضرات – سواء المقامة في مقر المعرض أو فيما يسمى بالإيواء الثقافي بفندق مداريم كروان يوميا الساعة 11 مساء . وأكرر فإن الاحتساب واجب على كل مسلم ومسلمة لا سيما إذا عُلم أن مكاناً ما يحوي جملة من الشرور والمنكرات... فالمؤمن يسابق إلى مرضاة الله تعالى ويبادر إلى الطاعات ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} : فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه، والمعاونون، وإن كانوا هم الأقلين عدداً، فهم الأعظمون عند الله قدراً.( )، فمن الوسائل الممكنة والسهلة أثناء التجوال في المعرض النصيحة العامة عندما ترى منكرا سواء في دور بيع الكتب إذا وجدت كتابا سيئا عقديا أو فكريا أو أخلاقيا فيتم نصيحة صاحب المحل بطلب إبعاد هذا الكتاب، ومن الأهمية كتابة اسم الكتاب وما يحويه من مخالفات واسم الدار التي تبيعه ورقمها في المعرض، وتنقل هذه المخالفات إلى المسؤولين عن المعرض وذلك بتعبئة نموذج يعد لهذا الغرض، وتوصل نسخة أخرى لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويمكن أن تكتب هذا المخالفات وترسلها لسماحة المفتي العام للمملكة – حفظه الله – وتنقلها أيضا لمن يمكن أن يستفيد منها من المشايخ والمحتسبين. وسأذكر في نهاية المقال أسماء الدور المشبوهة المشاركة في المعرِض والكتب المخالفة التي اعتادوا على بيعها. وبالنسبة للشق الآخر وهو البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض فيقترح على المشايخ وأهل الخير من المثقفين مزاحمة هؤلاء الحداثيين والرد عليهم وعدم تمكينهم من نشر باطلهم، بالطرق الشرعية المناسبة. وسأذكر بإذن الله أسماء المشاركين في معرِض هذه السنة 1432هـ المشبوهين والمعروفين بانحرافهم فكريا. اسأل الله أن يعين الجميع على مرضاة الله تعالى، وقد قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله-: فتسلطوا على الفساق من كنتم ومن كانوا، فادفعوا بحقكم باطلهم وببصركم عماهم ، فإن الله جعل للأبرار على الفجار سلطاناً مبيناً، وإن لم يكونوا ولاة ولا أئمة.( ) والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
