السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ضمائر غير معروضة للبيع

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
حتى أكون منصفا, فهذا العنوان ليس من إبداعي وإنما قرأته في إحدى مقالات مجلة المختار الإداري, وهي مجلة إدارية يحتاجها العاملون والأكاديميون لحداثة مواضيعها واهتمامها بالكيف لا بالكم. وما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع هو ما رأيته من التهم والضغوط التي يتعرض لها بعض المسئولين النادرين الذين لاذنب لهم سوى عدم رضاهم ببيع ضمائرهم لصالح بعض الفئات المتنفذة أو الجاهلة هنا أو هناك. حتى وصلت بعض التهم إلى درجة القدح في العرض والعفة والنزاهة, وذلك عبر المنتديات والمقالات ورسائل الجوالات, وكأن ليس هناك نظام يحمي أو إجراءات توقف هذا السيل من الضغوط على من لم يرض ببيع ضميره بعرَض من الدنيا قليل أو كثير. إنني مقتنع بمقولة : (أنظر حولك أيها الناجح, فإن لم تر لك ناقداً ولا حاسداً فاعلم أنك ميت وأنت لاتدري) إلا أنني غير مقتنع بطريقة البعض في طلب النجاح ولو على حساب إسقاط الآخرين. الإعلام والإنترنت وسيلة تصحيح فعالة, بيد أنها أصبحت أيامنا هذه وسيلة إسقاط للناجحين دون مبرر معتبر, وهذا محزن, لسببين , أحدهما : أن الناجحين ذوي الضمائر الحية ليسوا كُثر كما نرى في واقعنا. والثانية : أن البديل هو بروز ضمائر ضعيفة المخبر تميل حيث مال (المال), فنجني تبعات أليمة لاتزول آثارها ولو بعد سنين. إن الضمائر غير المعروضة للبيع ركيزة يحرص على استقطابها الأمم المتقدمة, بل إنها تستفيد منهم حتى بعد التقاعد أو الاستقالة, وتجمعهم في معاهد للدراسات الإستراتيجية التي يُبنى عليه كثيرا من القرارات الإستراتيجية للدول. إن النوادر من الإداريين الناجحين الذين يملكون ضمائر حية, يزدادون مع كل صباح إشراقاً واتقاناً, كلما رفضوا إغراء الطامعين ولم يرضوا بنقد الغارقين في الهدايا والمحسوبيات, إلا أن الضغوط التي يتعرضون لها قد تؤدي بهم إلى إيقاف البناء والتوجه للدفاع عن النفس في المحاكم والمجالس. ومن هنا فإنني أهيب بناقلي التهم عبر المنتديات والصحف أن يتحروا الصدق والموضوعية عند نقلها, خاصة فيما يتعلق بمن عرفوا بالنزاهة والوضوح. ولكي تتضح الرؤية لهؤلاء قبل إلقاء تهمهم, فيمكنهم الاستفادة من هذه (العادات السبع للناس الأقل بيعا للضمير في العالم) : العادة الأولى (الحيادية) : فإذا دخلت (المؤسسة صغيرة كانت أو كبيرة) فوجدت العاملين فيها قد جاؤوا من جهات شتى ومناطق متباعدة, فاعلم أن المسئول لم يبع ضميره على أبناء منطقته وأقاربه وحمولته, وبناء عليه فلا يمكن اتهامه بالعنصرية أو الطائفية. العادة الثانية (العدل) : فإذا وجدت العاملين سواسية في الحقوق, وبمعنى أكثر دقة, ليس هناك طبقة مقربة وأخرى مغضوب عليها, فاعلم أن ضمير المسئول هنا غير معروض للبيع, ولذا لا يمكن اتهامه بالظلم والمحسوبية. العادة الثالثة (العفة) : فإذا وجدت الجلسات الخاصة للمسئول في منزله أو استراحته لاتختص بفئة دون أخرى من موظفي إدارته أو سكرتاريته أو عملاءه, فاعلم أن ضميره ليس للبيع, ولذا لا يمكن اتهامه بالفساد. العادة الرابعة (الاحترام) : فإذا وجدت المسئول قد وضع سكرتيرا صادقا يرحم الصغير ويوقر الكبير, فاعلم أنه يريد الحق وأن ضميره غير قابل للبيع, ولذا لا يمكن اتهامه برد المراجعين ورفض التظلم والشكاوى. العادة الخامسة (القناعة): فإذا وجدت المسئول لايبحث في ثغرات المعاملات, ولا يضيق على الناس معايشهم, ولا يعقد الأنظمة لمصلحته, فاعلم أن ضميره ليس للبيع, ولذا لا يمكن اتهامه بالسرقة والرشوة. العادة السادسة (صاحب مبدأ) :فإذا وجدت المسئول يحبه الجميع ويثق فيه الجميع ثم يقدم استقالته دون سبب ظاهر, فاعلم أنه باع وظيفته ليسلم ضميره من البيع, ولا يمكن اتهامه بتوقيع العقود ذات المبالغ الخيالية للشركات الوهمية. العادة السابعة (الباب المفتوح) : فإذا وجدت باب المسئول مفتوحاً وصندوق الاقتراحات لا تحيط به الكاميرات, فاعلم أن ضميره مرتاح ولا يحتاج لأن يبيعه, ولذا لا يمكن اتهامه بمحاربة التغيير والتجديد. وخير من كلامنا كلام حبيبنا أبي القاسم صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً), قال الخطابي : أن أكثر الناس أهل نقص, وأما أهل الفضل فعددهم قليل جدا فهم بمنزلة الراحلة في الإبل. فلنحرص على من يحمل همومنا, ويحفظ أموالنا, وينصح لديننا ووطننا وشبابنا فهم أندر من الكبريت الأحمر. [email protected] اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook