الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المنهج فوق الأشخاص

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
يختلف الناس حين تقع الأحداث, ويتباينون في آرائهم ومواقفهم من تفسيرها, ويعظم الأمر حينما يتعلق الحدث بشخص أو جماعة. ومن أصول أهل السنة والجماعة في مثل ذلك الرد إلى الكتاب والسنة, مستبصرين بفهم سلف الأمة لوقائع ونوازل طرأت في عصرهم فردوها لتلك الأصول, لأن في لزوم المنهج نجاة للعبد من فتنة الشبهات والشهوات, فالعصمة للمنهج وليس للأشخاص. يقول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). <النساء : 59>. :"فأمر الله المؤمنين عند التنازع بالرد إلى الله والرسول ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه فدل القرآن على أنه لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم"<1>. منلطف الله تعالى بعباده وعظيم تدبيره لأمورهم أنه يجري من الأقدار والنوازل والأحداث ما يمتحن به قلوب العباد ومدى استجابتها للحق المتمثل في دينه وشرعه, "فليس الحق لازما لشخص بعينه دائرا معه حيثما دار, لا يفارقه قط إلا الرسول صلى الله عليه وسلم إذ لا معصوم من الإقرار على الباطل غيره, وهو حجة الله التي أقامها على عباده وأوجب اتباعه وطاعته في كل شيء على كل أحد"<2>. فهل سيقدم الأشخاص على المنهج الذي رضيه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأصحاب نبيه من بعده رضي الله عنهم, وللأمة إلى قيام الساعة, أم سيقدم المنهج على الأشخاص, لأن الله يقول لنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ <الحجرات : 1>. يقول ابن تيمية رحمه الله معلقا على هذه المسألة :"ومن تدبر الكتاب والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتبر ذلك بما يجده في نفسه وفي الافاق علم تحقيق قول الله تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ <فصلت : 53>. فإن الله تعالى يري عباده آياته في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أن القرآن حق, فخبره صدق وأمره عدل: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ <الأنعام : 115>. ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة أهل البيت وغيرهم قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك مالا ينبغي اتباعه فيه وإن كان من أولياء الله المتقين ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: 1) طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه. 2) وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من أهل الجنة بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان. وكلا هذين الطرفين فاسد والخوارج والروافض وغيرهم من ذوي الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ويرحم الخلق"<3>. * باحث شرعي ********************** <1> بيان الدليل على بطلان التحليل لابن تيمية (2 / 142). <2> المصدر نفسه. <3> منهاج السنة النبوية (4 / 326). اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook