الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

عتبات الشوك

تنزيل
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

سألتُ نفسي وأنا أنبشُ الخيارات التي قدمت لي عقليًّا لكتابة مقالٍ تربوي، فوجدت البداية تشير دومًا إلى أوليات تكوين الفرد.

اضافة اعلان

تناولتُ العناوين واحدًا تلو الآخر.. قلبتها على صفيحِ الذهنِ.. اجتاحني خيالٌ واسعٌ حتى بلغ حدود واقعنا المرِّ والغد الذي يتشبثُ بتلابيبه المجهولُ، فأيقنتُ أنَّ البدايةَ دائمًا كانت هناك!

حين حاولتُ طَرْقَ بابِ الإعلامِ الجديدِ.. (مواقع التواصل.. الألعاب الإلكترونية.. التدوين، وغيرها)، وكل ما يتحكم بتوجيه الفرد والجماعة في مجتمعنا اليوم.. وجدتُ صغارًا يلوحون لي بيد الكبتِ ومنافذ أُغلقت في وجوههم، ففروا نحو عالمٍ أكثر رحابةً، ينصتُ لهم دون قيد المحاذير الطويلة، وحين مررتُ بحلم الارتقاء بالمجتمع وفق الضوابط الشرعية والاجتماعية والوطنية الحقة؛ أومض لي مشهدُ طفلٍ كبر رويدًا رويدًا في أعين القسوة والعنف والكبت، أو الانفلات والانفتاح اللامحدود في زمنٍ أصبح العالمُ فيه قريةً صغيرةً يصعب إدارةُ مُدخلاتها، نحو عقلِ الفرد كبيرًا، أو طفل يتشرب دماغه الإسفنجي كل ما انسكب حوله أثناء ممارساتهِ اليومية.

وحين وقعت خطواتي على عتبات الشَّوْكِ وأنا أمر بالتوجهات الفكرية، وقضايا مدمني المخدرات، والتطرف، والتعصب، والتنمر، وهروب القاصرات، والشذوذ الجنسي، صرخت في وجهي نطفةٌ لم نلقمها شهية الإيمان.. الحب.. الرحمة.. الثقافة.. الإبداع كما يجب، فطفقتْ ترتشفُ الانحرافَ من أوعية الغير، وهكذا مرورًا بالابتعاث، والمحسوبية، والانتماء للوطن، وكانت دائمًا البدايةُ من هنا، بل كان الوجع هنا!

فمذ تفضل علينا شخصٌ ما أسود النيات بهذه الهبة، وتوجيه الفضائيات، ومواقع التواصل نحو التفاهة والسطحية، ونحن نُجزل لها العطاء من عقولِ وقلوبِ فلذات أكبادنا، وهي تطالبنا بالمزيد! فأضحت الموجهَ والقدوةَ والمؤثرَ الأول حسب الدراسات الحديثة، وبنِسَب مفزعة، مع الفائدة العظيمة التي يمكن لهذه القنوات أن تقدمها، والخدمات الجليلة التي وفرت لنا، وأسهمت في تطور المجتمعات من كافة النواحي تطورًا ملحوظا، وقفزت به قفزةً حضاريةً هائلة علميًّا، وثقافيًّا، واجتماعيًّا، وذوقيًّا، وفكريًّا، إلا أن إبراز ونشر مواقف وممارسات الشخصيات المادية والسطحية بشكلٍ يظهر للمتلقي وكأنها هي القدوة والكثرة والأغلبية وبشكل ينأى بنا عن القدوة الحسنة والفريدة والمميزة، أسهم في صعود مثل تلك النماذج لتصدر المجتمع، وزرع فكرة أن النجاح يعني الشهرة، وأن الشهرة قد لا تتطلب منا بذل الجهد والسعي في تنمية الموهبة والإبداع والقدرات، وجل ما أخشاه أن يتطورَ الأمرُ حتى يصل للنواحي الأكاديمية أكثر، ويضعف التحصيلَ العلمي للطلاب، بحجة أنَّ كثيرًا من حملة الشهادات العالية لم يوفقوا في بلوغِ ما بلغه مشاهير "السوشيل ميديا" مع محدودية تعليم وقدرات بعضهم العقلية والتعليمية.

بل وما هو أسوء من ذلك وهو افتقار بعضهم للقيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية بشكلٍ مقززٍ ومخلٍّ بالآداب العامة، حتى يعتقدُ المتابعُ أنَّ مثلَ تلك الأمور مُستساغةٌ مع مرور الوقت رغم فداحتها والدور الذي تمارسه نحو إفساد الجيل بأكمله.

أعتقد أن من واجب المربين، والمفكرين، والمعلمين، ورجال الدين والثقافة، والمبدعين النزول من أبراجهم العاجية، والخروج أكثر من مكاتبهم ومكتباتهم ومراسمهم، والمشاركة بمستوى أكبر في تلك القنوات، ونشر الوعي، فهو الحل الأمثل للموازنة بين التوجهات، والاستفادة الأوسع منها، والوصول لأكبر شريحة من المجتمع، وبالتالي نشر القدوة الحسنة المؤثرة، ومخاطبة العقول بلغةٍ قريبة من كل مرحلة عُمريةٍ وفكريةٍ، وإيصال رسائل هادفة وقيمة، ووضع الإبداع والتميز في موضعه الصحيح.

 

تهاني ثنيان العايش

[email protected]

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook