الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

جبر الخواطر.. عبادة وفن!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
     

"ركب الطائرة، وبجانبه امرأة مسنة.. وفي الطائرة قُدِمت وجبات الطعام ومع كل وجبة قطعة حلوى بيضاء.. المرأة المسنة فتحت قطعة الحلوى وبدأت تأكلها بقطعة خبز ظناً منها أنها جبنة بسبب لونها الأبيض.. وعندما اكتشفت أنها حلوى شعرت بحرج شديد ونظرت إلى الرجل الذي بجانبها، فتظاهر بأنه لم يرَ ما حصل.. ثم قام بفتح قطعة الحلوى من صحنه وقام بما قامت به المرأة، فضحكتْ المرأة، فقال لها: سيدتي لماذا لم تخبريني أنها حلوى وليست جبنة؟ فقالت المرأة: وأنا كنت أظنها جبنة مثلك.. عرف أنها ليست جبنة، لكنه راعى مشاعرها وجبر خاطرها"!!

اضافة اعلان

تأكدوا يا سادة أن إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لا يقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم.. اجبروا خواطر من حولكم.. راعوا مشاعرهم وتلطفوا معهم، وانتقوا كلماتكم بعناية فالكلمات لا تندمل جراحها على قول الشاعر:

جراحات السنان لها التئام

ولا يلتئم ما جرح اللسان.

يقول سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة أعظم من جبر الخواطر".. وعلى هذا الكلام؛ فوضع الكلمة الطيبة في "صناديق" القلوب أفضل من وضعها في صناديق التبرعات!

جبر الخواطر خلق إسلامي وعبادة يؤجر فاعلها، وفن من فنون التعامل.. وفي القرآن الكريم جبر الله خاطر يوسف الصديق: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون} كان هذا الوحي من الله لجبر خاطره؛ لأنه مظلوم، لذلك شرع الإله لنا جبر الخواطر.. وفي قوله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}.. أجمل دليل لتطييب الخواطر وأرقى صورة للتعامل الرائع مع القلوب المنكسرة.

وفي مقابل الأمر بجبر الخواطر وإدخال السعادة على المكلومين عاتب الله نبيه عليه الصلاة والسلام لما أعرض عن "ابن أم مكتوم" حينما جاءه، فقال الحق مصوراً هذا العتاب: عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى* وما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى...).

وفي عصرنا اليوم مع كثرة الفتن والمشكلات تشتد الحاجة إلى مواساة الناس وتطييب خواطرهم عبر كل الوسائل.. خاصة أن جبر الخواطر لا يحتاج إلى جهد.. فبكلمة أو دعوة أو مساعدة أو حتى ابتسامة تفتح قلباً مهموماً وخاطراً مكسوراً.

* قفلة..

قال أبو البندري غفر الله له:

ما أقبح الإنسان الذي يكسر قلبك أمام الناس.. ويجرحك ويحرجك أمام الملأ.. ثم يعتذر منك في الخفاء!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________

  • كاتب صحفي

للتواصل

تويتر: @alomary2008

إيميل: [email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook