الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الوفاء .. تغريدة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

(التعاطف شعور داخلي، والتراحم سلوك، والمودة تعبير عن الحب) وبهذا الشعور وهذا التراحم وهذه المودة، يحاول د.محمد راتب النابلسي أن يبسط لنا المعاني البديعة في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى)، وبمثل هذا التبسيط تفهم الحديث وتقرأ تغريدات المحبين.

اضافة اعلان

أكتب هذه الأسطر وأنا أتأمل عشرات آلاف من التغريدات في وسم الصديقة أ.د #نوال_العيد والتي تنوعت ما بين (دعوات متناثرة) و(قلق مستمر) و(حب أخوي) تفوح رائحته عطراً، فقد استفز (العارض الصحي) الذي مرت به د.نوال المشاعر الصادقة، واستنطق المحبة الصامتة، وأطلق الدعوات المأسورة في سجن التأجيل وزنزانة الكتمان.

أ.د.نوال بنت عبدالعزيز العيد لمن لا يعرفها، هي أستاذة السنة وعلومها بجامعة الأميرة نورة، والفائزة بجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز في السنة وعلومها، وهي من الشخصيات العامة السعودية، وسبق أن حصلت على مراكز متقدمة ضمن أكثر النساء السعوديات تأثيراً في الشبكات الاجتماعية، وكان حضورها في الشبكات بوابة لحضورها في قلوب محبيها إذ يبلغ متابعيها قرابة 900 ألف حساب في (شبكة تويتر) وقرابة 50 ألف متابع في شبكة (فيس بوك).

وعوْداً على بدء فإن دقائق يسيرة من تأمل وسم #نوال_العيد تتجلى فيه أسمى معاني المثال النبوي البديع، وتجعلنا نستشعر التعاطف والتراحم والحب الصادق، إذ تواجد في الوسم أكثر من 90000 ألف حساب في تويتر، والأجمل أنك تجد بعضهم يكتبون من المواقف والمشاعر مالم يخطر على بال من أسسوا هذه الشبكات وأوجدوها، ولا من اخترعوا الإنترنت وابتكروها، بل لم يظنوا قط أن مشاريعهم الصغيرة ستفعل كل هذا!

وحينما تتأمل أصناف المغردين في الوسم تجد عدد من المغردين القلقين في الوسم لا يعرفون عن أ.د. #نوال_العيد إلا شعارها الذي يختلط فيه اللون الأحمر القاني والذهبي، وكلماتها المعبرة والتي تَعمُر الخط الزمني كل يوم، لا شيء في تلك المخيلة سوى لونين، وبضعة أحرف، لكن في القلب ما هو أكثر، إذ فاض الوسم مودة وامتناناً ودعاء، لا يكتب فيه أحد إلا وقلبه يدفع أنامله، فلا مصلحه يرجونها من مريض يصارع الوجع، ولا شهرة يسعون لها وهم يدفعون بأحرفهم في بحر التغريدات المشابهة، لكنه الحب الصادق، والمودة النقية.

أتساءل.. هل خطر في بال من أسس تويتر أن هذا (الطائر الأزرق) سيجمع قلوب لم يلتقي أصحابها؟! وسيحشد دعوات من أناس لشخص لم يلتقوه قط؟! هل خطر في باله أنه إنما أوجدا خيطاً دقيقاً تعلقت به القلوب وانجذبت به الأرواح وتوافقت به العقول؟!

وقبل أن أغرق في لجة التساؤلات أتنبه للصنف الآخر فهم (صديقات وأحباب أ.د.نوال)، هجروا الهاتف المحمول الذي يطول الرد عليه، ولجأوا إلى شبكة اجتماعية تطير بالخبر، وتقرب البعيد، علها تأتيهم ببعض أخبار تطفئ نار القلق وتطمئن القلوب المحبة على صديقة غالية.

وأعود لأتساءل هل خطر في بال من أسس تويتر أن فكرة السرعة التي اقترحها، اختصرت ساعات من التوتر في قلوب محبة، وساعات من شتات الفكر في عقول لا تطمئن بمرض من تحاوره - اتفقت معه أو اختلفت -، وأن هذه الشبكة ستأتي بما يلم شعث القلب، ويطمئن كل محب؟!

هذه الشبكات أورثت ظواهر وأوجدت مشاعر، يصعب تحليلها ويستعصي فهمها، فتحولت شبكات الحسابات التي تتابع بعضها، إلى أيادٍ ممتدة يشد بعضها بعضا، ويقرب بعضها بعض، حتى انصهرت في جسد واحد، وقلب واحد، وهمة واحدة، تكتب في الدنيا، وعينها على الآخرة، لا يشغلها اختلاف فكر عن سمو روح، ولا تنوع في أمر عن صدق بوح، ليحضر مثال الجسد الواحد فإذا ما مرض مغرد في أقصى البلاد، اهتزوا لمرضه، وقلقوا لأجله، وتدَاعَى لها سائرُ المغردين.. بالسَّهَرِ والحُمِّى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook