الثلاثاء، 09 رمضان 1445 ، 19 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

آدم ستان

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

عدت قبل يومين من سفرة قصيرة، فترة أيام معدودات، خارج البلاد وأياً كان الغرض من السفر زيارة أو تجارة أو علم أو سياحة فإن التجول بين بلاد الله يذكرني بالأمر الربّاني لأبينا آدم بالهبوط إلى الأرض وأنها مستقرنا ومتاعنا إلى حين، فمهما تعددت البلدان بمسمياتها وشعوبها المختلفة تبقى هي الأرض وطن الإنسان المؤقت تتعارف فيه القبائل والشعوب والأجناس الآدمية فيتبادلون ثقافاتهم وعلومهم وآدابهم وصناعاتهم وتجاراتهم.

اضافة اعلان

عندما نرى الأرض وأهلها بهذا المنظور القرآني العقلاني تحلو لنا مسألة السفر وتغدو الحياة تعارف وتواصل وتجاذب مصالح وسلام ، لا كما تصورها لنا وكالات الأنباء تقاتل وتباغض وتنافر علاقات وصدام . ولا أنسى هنا بعد أحداث سبتمبر 2001 فرحتي الغامرة وأنا ألتقي بأحد زملائي المبتعثين حينها لأمريكا وكان ذلك بعد صلاة عيد الفطر بأحد مساجد جدة فكانت المفاجأة عندما أخبرني أن الأمور عادية هناك وأن الإعلام ووكالات الأنباء تبالغ وتضخم الأحداث، فلا مضايقات ولا تجاوزات بل احترام وتقدير وتعاطف مع العرب وتبرئتهم من تهمة الإرهاب .

في رحلتي هذه وفي مطعم الفندق الذي نزلت به وفي أماكن التسوق والسياحة سنحت لي فرص التعارف على التونسي والألماني والأمريكي والقبرصي والصيني والسنغافوري والكردي والإندونيسي، حقا إن التنوع البشري جمال ومتعة وسلام وتكامل وإبداع وهذا المعنى الذي أكده في مقدمته مؤسس علم الاجتماع الإمام ابن خلدون حين ذكر أن الإنسان مدني بطبعه ولابد من الاجتماع والتعاون مع بني جنسه في قضاء حوائجه، وأن هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم وما أراده الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم.

وبالعودة إلى الأنثروبولوجيا أو علم دراسة الحياة البشرية وتحديدا حادثة الطوفان وسفينة نوح، عليه السلام، فقد وجد المؤرخون أنه جاء من نسل سام بن نوح (العرب واليهود والفرس ) ومن نسل حام بن نوح ( الزنوج والهنود) ومن نسل يافث بن نوح ( الروم والصينيون والتتر)، فأجناس العالم في المجمل هم أبناء عمومة خلقهم الله في أحسن تقويم على صورة أبيهم آدم.

والعجيب أن القرآن أطلق كذلك اسم الأرض على وطننا الدائم أقصد الجنة دار الخلود

﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾ الزمر ، قال قتادة :(هي أرض الجنة)

فالأرض هي وطنك أيها الإنسان سواء كان ذلك في سمائه أم في أرضه.

إذن الأرض هي منبتنا وهي مهبط أبينا وهي مسكننا وفيها مطعمنا ومشربنا وهي مسجدنا وطهورنا وفيها مدفننا ومنها مبعثنا وعليها محشرنا .

وزبدة القول: إن السفر يا جماعة يردّ عقولنا إلى المشهد الواسع للوطن (الأرض) أو كما أسميتها بلاد آدم وبالأعجمية آدم ستان فكلنا من آدم وآدم من تراب .

﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)﴾ سورة نوح

أ.م.محمد أحمد عبيد

مستشار تربوي ومدرب جودة

@mohdobaid66

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook