الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مقال بين الألف والياء " غزوة معرفية!!!!"

تنزيل
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

غداء عمل جمعني وبعض زملاء مهنة الإعلام، وإذ بزميل لنا معروف بغزارة معارفه، وإطلاعه الواسع يأخذني من يدي ويجلس بي جانبًا نرتشف رشفات القهوة الساخنة ، وظللنا نتحدث في أمور كثيرة تتعلق بمستقبل العمل الإعلامي في زخم ما يدور حولنا من تحولات وتحديات، وإذ به يقوم من جانبي وينادي في الحضور بأعلى صوته قائلاً الكل يعد عدته، ويجهز تعداده فالمعركة القادمة.. معركة معرفة.

اضافة اعلان

غيم الصمت على الحضور، وتبادلوا النظرات لبعضهم البعض، وبدأوا يفكروا فيما أشار إليه صديقنا بجملته التي ارتفع بها صوته، والتي تلاها بجملة أخرى يقول فيها إن من متطلبات عصرنا - وكل عصر - أن يرتقي كل منا بشخصيته ليكون حائط الصد أمام تلك الغزوة المعرفية القادمة.

غادر الجميع المكان وانتابني تفكير عميق في تلك المتطلبات التي يفرضها العصر على العمل الإعلامي، فوجدت أن أولها أن يكون الإعلامي غزير المعرفة، مُثقف الفكر، واسع الإطلاع، سريع البديهة، متعدد العلاقات والخبرات، وجميعها برأيي أمور تراكمية مكتسبة تزداد وتنقص حسب دائرة علاقات الفرد واحتكاكه المباشر وغير المباشر، وخبراته التي تبدأ مع ميلاد الإنسان وتنتهي بموته، والعمل على بلوغ الكمال فيها أو القرب من ذلك واجب ومطلب مُلح من متطلبات العصر.

غاية تحقيق هذا المطلب المُلِح يُعد صعباً إلا على من جعله هدفاً حيوياً وخطط له وسعى إلى تحقيقه بكل جدية ومهارة، ولكن من ارتجل في تحقيق هذا المطلب واكتفى بزهرة من كل بستان دون معرفة فن تنسيقها ودون الدراية بشذاها وعبيرها انقلبت عليه نقمة، فالإعلامي غزير المعرفة هو الشخص الذي لديه القدرة على التفكير العميق، وربط الأسباب بالمسببات والمقدمات بالنتائج للوصول إلى الرؤى والتصورات الشاملة وأن يكون لديه القدرة كذلك على عرض هذه الرؤى والتصورات بأسلوب يجعل الآخرين يقتنعون بحجته أو يجعلها ممكنة التبني والتنفيذ، وهذا هو غاية العمل الإعلامي.

غزير المعرفة من الإعلاميين –بنظري- قد يرى ما لا يراه الآخرون، ويتصف بشجاعة فكرية فريدة، ويقتحم بمعرفته الغزيرة كل المُسلمات، ويفكر دائمًا خارج الصندوق، ولا يُسلّم بكل ما يسمع، ولا يكتفي بالأفكار الجاهزة مثل الآخرين، بل يعتمد التمحيص والتحري والتحليل والنقد، فلا هو إسفنجة تمتص كل السوائل ولا ببغاء يردد كل ما يسمع دون إعمال للعقل، ويعمل دوماً على تطوير نفسه والارتقاء بقدراته من خلال القراءة والاطلاع والاحتكاك بالمعارف الأخرى التي تعد بمثابة النهر المتدفق الذي ينهل منه الجميع وفق حاجته وبما يفي بمتطلباته ليحمي نفسه ومجتمعه من مخاطر الغزوة المعرفية التي أشار لها صديقنا.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook