الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خيارات البداية: المال أم الفكر؟......

DpJsUqgWsAAekPc
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

خصصت الحديث في المقالين السابقين عن عملية التأسيس سواء من حيث أهمية نضوج الفكرة التي استدعت تأسيس الجمعية، أو من حيث أهمية اختيار رجالات تأسيسها.

اضافة اعلان

وفي هذا المقال أعرج على خيارات البداية الأولى بعد التأسيس، وما أصعبها من خيارات! إلا إذا كانت الفكرة صحيحة ورجالها عارفون، مدججون بالخبرة العملية في هذا المجال!؟،

إذ إن الأسئلة الأولى التي تفرض نفسها على مجلس الإدارة:

أين سيكون مقر الجمعية؟

من أين لنا المال الذي سننفذ به برامجها؟

كيف سنوفر الموظفين؟

ما دور كل عضو منا في هذه الحكاية؟

وما إلى ذلك من الأسئلة والمناقشات، بل إن لهب الحماس الذي ينبعث من طاقة الأعضاء المتوقدة عادة ما يدفع لكثير من التداخلات والتقاطعات الحميدة وغير الحميدة!، خصوصاً إذا كان بعض الأعضاء يبحث عن موضع قدم عند رئيس محتار!، أو كان بعض الأعضاء متفردا في خبرته فيجد نفسه أنه يغرد في سرب آخر!، أو ابتلي المجلس الفتي برئيس ضعيف!؟...

وأزعم أن هاجس المال هو الأكثر حظوة في شغاف المجلس الفتي الذي تعبث به رياح الخيارات من كل جانب، وتخيم على مخيلته غمامة تسوقها الحيرة في الوجهة والمصير!؟، خصوصا إذا علمنا أن وزارة العمل اكتفت بإعانة مقطوعة للتأسيس قدرها خمسون ألف ريال بدلا من حزمة متنوعة من الإعانات سواء للتأثيث أو السيارات أو الإيجار وغيرها، أما الإعانات الأخرى التي تقدمها الوزارة فمعلوم أنها لا تصرف في فترة التأسيس وإنما تتأخر إلى حين توفر الشروط المطلوبة للحصول عليها، وكذلك إذا علمنا أن المؤسسات المانحة قد اتجه أكثرها للدعم في مسارات معينة ولها شروط خاصة، وأما الأفراد من رجال الأعمال فقد احتكرتهم تلك الحيتان الخيرية!، أما التبرعات التي يتم المنافسة عليها عن طريق اشتراكات العضوية أو الرسائل النصية ونحوها فعلاوة على عدم كفايتها بنسبة ضئيلة من احتياجات الجمعية الناشئة إلا أنها أيضا لا تهتد إلا إلى طريق الجمعيات الراسخة في العمل الخيري!؟، ولذلك لا غرابة أن تسيطر الوساوس المتعلقة بجمع المال على ألباب أولئك الأعضاء الجدد.

عليك أن لا تعجب أيها القارئ الكريم إن علمت أن جمعيات في العاصمة، وقد مضى عليها سنون، لا تزال في حيرة من أمرها فيما تبدأ أولا! وبعضها إن بدأت فستدخل البيوت من ظهورها! وذلك لأن أعضاء هذه الجمعيات لم يعرفوا بعد من أين يتم إشعال الفتيل.

ولعلي أوفق والتوفيق من الله في تحديد بعض الأولويات المهمة التي أزعم أنني بصرت بها من خلال معرفتي ببعض الجمعيات، فربما يكون في هذا الاجتهاد توجيها لبوصلة الجمعيات الحائرة، ومنفعة لبعض الجمعيات التي يصدق عليها قول الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ

والماء فوق ظهورها محمولُ..

في تصوري لا بد من افتراض فرضيات معينة قبل الحديث عن الوصفة الخاصة،

فالفرضية الأولى’ أن تكون الجمعية ولدت خداجا أي بفكرة مشوهة لا ترقى إلى مستوى الإيمان والعلم عند معتنقيها، وبالتالي كما ذكرنا في المقال الأول ستواجه مشكلات عدة! وستعاني من صعوبات متنوعة! إلا إذا كانت الأولوية عند مجلسها هي: معالجة الفكرة  برسم التوجه الاستراتيجي، وكذلك تحديد الكفاءة الاستراتيجية لهذه الفكرة، ولكل من رسم التوجه وتحديد الكفاءة الاستراتيجية أدوات علمية خاصة ليس هذا مجال شرحها.

الفرضية الثانية’ أن تكون مشكلة تلك الجمعية الناشئة تعود إلى عدم تناسق مهارات وخبرات مجلسها كما أوضحت في المقال الثاني، فلا بد لمثل هذه الجمعية أن تلتفت لثلاثة أمور:

ـ بذل الجهد لاستقطاب أعضاء جدد من ذوي المهارات والخبرات المطلوبة في القطاع الثالث لكي يتم الاستفادة منهم بعد أربع سنوات في مجلس جديد.

ـ السعي لتطوير مهارات أعضاء المجلس الحالي.

ـ الاستعانة بخبرات المهرة في هذا القطاع عن طريق الاستشارة.

نعود أيها القارئ الكريم إلى الأولويات بعد الإلماح إلى الفرضيات فنقول:

إن أول ما يجب البدء به هو التوافق على توجه استراتجي محدد! إذ لا يمكن لمجلس إدارة أن يشق طريقه ويحقق أهداف المنشأة دون أن يمتلك الفكر الاستراتيجي الذي يعمق الإيمان برؤية الجمعية ورسالتها لدى الفريق، ويوجد الوضوح الذي يولد الأهداف والبرامج، كما أن رسم التوجه الاستراتيجي سيحدد نطاق العمل، وبيئة المنافسين، وما يحيط بالجمعية من فرص وتهديدات.

أما الأولوية التالية فهي استثمار كل ما هو (ببلاش)!، ويندرج تحت هذا البند حزمة من المنافع الموجودة في مجتمعنا النبيل، فثمة مرافق خصصت للنفع العام ويمكن الاستفادة منها، وما على الجمعية المتورطة في بعض مصروفاتها سوى البحث عنها، كما أن الفرق التطوعية تجوب ساحات التواصل بحثا عن مساهمة جديدة، ثم إن بعض الخيرين يتبرع باستضافة بعض الجمعيات في شركته بغرفة أو غرفتين إلى حين أن يفتح الله، وثمة منصات مجانية سهلة في التعامل لإنشاء صفحة مؤقتة للجمعية إلى أن يأتي الفرج من الله، كل هذا موجود فكيف لو تم استثمار الأفكار الإبداعية لصالح هذه الجمعية؟ والإبداع مركبة فخمة نافعة لو وجدت من يدير محركها!،

أما الأولوية الثالثة فهي المبادرة لتوقيع الشراكات بنية امتطائها للمستقبل وليس اقتنائها وحسب، ألا وإن في الشراكات الفعالة غنية ومتاعاً إلى حين.

وهنا أخلص إلى أن الفكر هو الذي يصنع الفرق، وهو الذي يجلب الحظ السعيد للجمعيات، وإنني أتذكر أن جمعية تم إنشاؤها في إحدى المناطق وكان يسبقها لهذا المجال ثلاث جمعيات في مناطق أخرى، ومع ذلك فقد ظهر للعيان أن تلك الجمعية الناشئة بدأت تنافس منذ البداية! وحينما تتبعت أمرها وجدت أنها حسمت توجهها الاستراتيجي منذ الصرخة الأولى للولادة.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook