الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

وأد الأرحام على موائد الإهمال

عيد بن محمد العويش
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

افتقدت بعض الأسرة السعودية الصورة النمطية المعتادة والمليئة بالكثير من المشاعر الجميلة والألفة والمحبة والتواصل الحميمي بين جميع أفراد الأسرة الواحدة.

اضافة اعلان

هذه الصورة استبدلت قسراً بصورة مشوهة مليئة بالكثير من المشاعر الكاذبة والتواصل الجاف والتباعد الحتمي الذي فرض عنوة بأمر قانون الجفاء.

أصبحت تلك العلاقات الإيمانية في مهب الريح فقد عصفت بها وسائل التواصل الاجتماعي والانشغالات المادية واختلاف المصالح حتى أصبحت تلك العلاقات في ذمة التاريخ وهكذا نرى أن الإخوة والأقارب من الدرجة الأولى لا يجتمعون إلا عند حلول مصيبة أو كارثة لا قدر الله، بل حتى أن اجتماعهم هذا ليس من منطلق الوصل والمحبة بل من أجل الصورة الخارجية التي من الممكن التقاطها من المحيط الذي يجب أن لا يرى سوى تلك الصورة المزيفة عن الأسرة.

التباعد الأسري أصبح واقعاً حتمياً مع كثرة الانشغالات وسطوة الحياة المادية وضعف الوازع الديني عند البعض، والذي يرى أن قضاء أوقات مستقطعه من يومه ولو كانت يسيره من أجل الوصل مع أرحامه مضيعة للوقت ودون فائدة وتجاهل أو نسي النصوص الشرعية التي أوضحت بجلاء مدى أثر وصل الأرحام بالبركة في الرزق والأبناء وتيسير الأحوال وباب من أبواب الجنة بل وأنها تأتي تخاصم كل من قطعها عند أحلك وقت وأضيق مكان على الصراط.

وهناك عامل مهم لا يمكن تغافله والذي بدأ ينخر في تلك العلاقات وهو (سوء الظن) والتمادي في ذلك حتى انشغل الكثير منا بتفسير كل حركة وكل إيماءه وكل نفس بتفسيرات يغلب عليها الكثير من سوء الظن وعدم التماس العذر بيننا والنظر للأشياء بعين الكره والعداوة والتباغض ما جعل الكثير يتحاشى هذا الوصل خوفاً من أن يوضع في دائرة الاتهام واستنشاق الجو المسموم ما يسهم في تفتيت ما بقي من أواصر القربى.

إن ترميم تلك العلاقات الأبدية يستدعي الكثير من الصبر والتغافل والنية الصادقة فالتحديات جداً كبيرة وشائكة ولكن الدوافع الإيمانية تعطي المبادر في ذلك طاقة إيجابية تدفعه للمضي قدما نحو تحقيق هذا الهدف النبيل وقد يطول المدى أو يقصر ولكنه من اليقين بأن العواقب دائماً ستكون رائعة.

طغيان المادة ولهث البعض نحو المال جعل الكثير من الناس في سباق مع الزمن من أجل جمع أكبر كمية من ذلك وجعل بعض الآباء ينشغلون عن هذا الهدف النبيل ورأينا ما فعل ذلك المال بالورثة حتى أصبح إخوة الأمس أعداء اليوم وتصارع الجميع من أجل اقتطاع أكبر قدر من ذاك المال بكل ما أوتي من قوة وحيلة فتعطل ذلك المال عن حراكه وأصبح حبيساً لسجال وجلسات طويلة في المحاكم الشرعية امتدت لأعوام دون أن يتوصل الورثة (الإخوة الأعداء) لحل يرضي الجميع.

هذا اللهث المرير نحو المادة والشهرة والعلاقات العامة انعكس سلبا على الأسرة لأنه لم يضبط بمعايير شرعية واجتماعية ما جعل أحدهم منعزلا عن أقاربه واحتياجاتهم والتواصل معهم وشهدت على حوادث مؤلمة لهذا التباعد طيلة عملي في الصحافة عندما نشرت استجداء لإحدى الأمهات الذي التهمتها ديون زوجها المتوفى ومتطلبات ابنتها المعاقة رغم أن أحد إخوتها من الأسماء المعروفة على مستوى المملكة والذي أبدى امتعاضه من النشر رغم عدم إفصاحنا عن اسم العائلة ولكنه الخوف على مظهر العائلة الخارجي دفعه لإبداء تذمره.

هذه صورة بسيطة لتلك العلاقات المتمردة على قيم الوصل والحب والإخوة.

الكثير من الصور تتجلى فيها مشاهد العقوق وقطيعة الرحم نشاهدها بين أسرنا وعوائلنا وجيراننا وممن نعرف القريب منهم والبعيد وأكاد أجزم أنها ستكون سمة هذا العصر في القريب العاجل إن لم يتم تدارك هذا من خلال القنوات والجهات المناط بها غرس قيم الوصل والفضيلة والمحافظة على تماسك المجتمع وحمايته من المؤثرات الهادمة لقيمه وتلاحمه.

                  يا قاطع الأرحـــام فى كل الدنــــا *** ستجده فى كــأس الحياة شــــراب

                        دين القطيعــــــة مضمون الوفـــا *** ويريكــه الأولاد والأصحـــــــاب

                       لا تتركوا الأحقــــاد تملأ صدرنا *** فيشيب منهــــا القلب وهو شبــاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • مستشار أسري ومدرب معتمد
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook