الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

يا ليتنا لم نقترب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
نتيجة مفاجئة تلك التي توصلت إليها حينما وضعت استفتاء لعدد يمثل شرائح متنوعة في الشبكات الاجتماعية، كانت فكرة الاستفتاء قائمة على مدى (رغبة الشخص في الالتقاء) بمن يقرأ لهم ويتفق مع طرحهم في الشبكات الاجتماعية، وشارك في هذا الاستفتاء أكثر من 1000 شخص وكانت النتيجة الغريبة أن (46%) لم يكونوا يرغبون بلقاء الكاتب أو المؤثر الذي يميلون لطرحه في الشبكات الاجتماعية! الفكرة البديهية المعتادة هي أننا حينما نحب (حرف أحدهم)، فإننا نتمنى أن نرى هذا (الأحد) ونتشوق لنلتقيه على أرض الواقع، ذلك أن العلم رحم بين أهله، والكلمات عصارة فكر وإحساس الكاتب التي تجعلنا نتشاركها معه حتى نشعر أننا نعرفه فنتمنى لقاؤه، إلا أن الحال في الشبكات الاجتماعية بدا مختلف تماماً، فالناس باتوا يملكون وعياً كافياً يجعلهم يدركون إمكانية وجود فرق بين الصورة الرقمية والصورة الحقيقية للشخص ويتركون مساحة كافية تحميهم من (صدمة القرب). وحيث إن فضولي دفعني لطلب المزيد من التوضيح حيال هذه النتيجة، إلا أن الإجابات التي انهمرت كانت متشابهة بشكل كبير ولسان حالها (اخدعنا ولا تفجعنا!)، فهم يخشون أن اقترابهم ممن يحبونه في الشبكات الاجتماعية يكشف لهم عن شخصية أخرى أو جانب آخر لا يخلوا من عيوب منفرة، هم يرتضون القبول بفكرة أن يكون من أحبوه كاملاً ويستفيدوا مما يقدمه من معرفة وقيم تثري حياته وأن يتغافلوا عن تجمله لهم بما يحبون، على أن يقتربوا ويصطدموا بكائن آخر مليء بالعيوب والنقص فتسقط هيبته في قلوبهم ويختال الحب نفوراً! هذه النتيجة تعيدنا إلى سؤال آخر وهو ما هي العلاقة بين (الصورة الذهنية) التي يرى الناس الكاتب أو المؤثر عليها وبين (الصورة الحقيقية لذات المؤثر)؟ الصورة الذهنية هي ما يحمله الآخرون تجاه المؤثر من أفكار وتصورات ذهنية يتولد عنها استنتاجات واتجاهات وسلوك، والخلل حينما يحرص المؤثر على إظهار صورة ما ومحاولة ترسيخها في أذهان الناس دون بذل جهد في تطوير ذاته لتتسق مع هذه الصورة، دون أن يتنبه أن هذا سينعكس عليه بضرر مماثل حيث إن اعتياده على انفصام الهوية الذي يضطره إلى أن يكون شخص في العالم الافتراضي وآخر في العالم الواقعي سيجعله يفقد ذاته ويغفل عن الإنهاك الناتج عن تحويل حياته لمسرحية لا تنتهي. حسنا.. هل المقصود هنا أننا نتهم كل شخص لا يظهر لنا كامل شخصيته في الشبكات الاجتماعية بأنه مخادع، ونتغافل عن الدوافع الأخرى المشروعة لمثل هذا؟! لا، الحقيقة أنه من حق الشخص أن يبني صورة ذهنية تعكس الجانب الإيجابي من شخصيته في الشبكات الاجتماعية مادام أنه يخفي الجوانب السلبية وهو مؤمن بأنها عيوب الأصل سترها ومحاولة معالجتها لا التبجح بها، لأنه في هذه الحالة يكون يعرف حقيقة ذاته ويسعى لتطويرها، أي أن ما نُجَرِّمُهٌ هنا هو أن يجتهد الشخص في بناء صورة حالمة عن نفسه ويستمرئ خداع الناس بلبس المزيد من الأقنعة، حتى إذا ما مالوا إليه وانخدعوا به وجاءوه متشوقين مبتهجين انكشفت حقيقته ورأوا من البشاعة ما يجعلهم يرددون: (يا ليتنا لم نقترب).   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [email protected] Twit: @hindamerاضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook