الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ثقافة الاختلاف بين الرفض والقبول

HousingprojectsSaudi06072017
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
الاختلاف سُنّة فطرية فطر الله كل أمر أوجده في هذه الحياة عليها منذ أن كوّن الأكوان وأرسى رواسيها وجعله من الثوابت الأولى في كافة شؤونها، ومن يبحث عن الدليل على ذلك عليه فقط أن يتجرد قليلاً من أية أحكام مسبقة ويحاول التأمل في مختلف شؤون الحياة ليرى ذلك واضحاً وجلياً دون أن يحتاج لبذل الكثير من الجهد، فهو سيجد مثلاً أن أول دليل على التكريس الرباني لمبدأ الاختلاف في حياتنا أنه خلقنا ذكراً وأنثى، والاختلاف بينهما واضح، ولو أراد سبحانه أن يلغي مبدأ الاختلاف من حياتنا في هذا الشأن تحديداً لخلقنا جميعاً ذكوراً أو جميعاً إناثاً، وإنما أراد جل شأنه من خلقنا جنسين مختلفين ترسيخ مبدأ الاختلاف وتحقيق هدف التناسل والتكاثر بين البشر للوصول للغاية القصوى والهدف الأسمى من خلقهم ألا وهو عبادته سبحانه والإيمان بوحدانيته، كما أنه سيجد أن مبدأ الاختلاف متجسد أيضاً في اختلاف الأعراق والألوان والأحجام وغيرها بين البشر، بل إنه سبحانه جعلهم مختلفين حتى في الفكر والتصورات والقناعات، وإلا لما كانت هناك حاجة لبعث الأنبياء وإرسال الرسل لتصحيح المفاهيم والوصول بالبشر إلى قناعات ترضيه عنهم، وهناك مظاهر اختلاف أخرى عديدة غير مقتصرة على البشر تعزز حقيقة وجود مبدأ الاختلاف في الحياة، تشمل هذه المظاهر الحجر والشجر وكافة ما خلق رب البشر، كل هذه الدلائل تبرهن على وجود هذه السنة الكونية التي أرساها ربنا جل وعلا في كافة مخلوقاته منذ أن قال لها كوني فكانت. انطلاقاً مما سبق ذكره نستنتج أن مبدأ وثقافة الاختلاف في حد ذاتها هي ثقافة فطرية يجب الإقرار بوجودها، وبأهمية دورها في تطوير وتحسين مناحي الحياة المختلفة، كما يجب عدم محاربتها أو تهميشها من قبل جميع المجتمعات ونحن في المجتمع السعودي لسنا بدعاً عن غيرنا في هذا الشأن. إن المراقب للمجتمع السعودي ونمط تفكيره يلاحظ وجود قناعة متجذرة فيه تتبنى وللأسف رفضاً قاطعاً لتبني مبدأ الاختلاف وثقافته خوفاً منه وليس بغضاً فيه حيث أنها ترى في الاختلاف خطراً يهدد أمنها واستقرارها وكذلك قناعاتها وثوابتها، وقد أعذر هذا التخوف لو كان مبني على توجسات حقيقية تتعلق باختراق وتهديد لثوابت دينية ومجتمعية يمكن أن تتعرض لخطر التفكك والانهيار في حال أعمل المجتمع وفعّل هذا المبدأ ولكن الواقع يقول بأن هذا التخوف لا أساس له ولا حاجة حقيقية تدفعنا للتمسك به حيث يجد المتأمل أن دعامته الرئيسية هي الجهل والحذر المفرط فقط وهنا تكمن معضلة المجتمع السعودي الحقيقية. إن اللجوء إلى الحوار وإلى مناقشة الأفكار والابتعاد عن الشخصنة التي في ممارستها والقول بها دلائل ضعف وليس قوة خير منهاج، ومن يمتلك الحجة والدليل الداعم لما يعتنقه من مبادئ وقناعات يفترض به أن لا يتجنب الحوار ومقارعة الحجة بالحجة لأن مبدأ الحوار وقبول الاختلاف الذي لا إشكال ديني فيه سيبعدنا بالضرورة عن إطلاق التهم المُعلّبة الجاهزة على كل من نختلف معه في الرأي. لقد أثبتت التجارب أن غياب ثقافة الاختلاف وعدم قبول مبدأ أن من حق كل شخص إبداء رأيه تجاه أي قضية من قضايا المجتمع هو مشكلة وليس حل فيجب أن يدرك الجميع أن الاختلاف ظاهرة صحية وليست مرضية ، ولنا في من تبنوا وتقبلوا ثقافة الاختلاف قولاً وعملاً خير برهان على خيرية هذه الثقافة وإسهامها الفعّال في تطوير وتنمية وتقدم أي بلد يعمل بها ويقبلها ولا يقصيها فعندما قبلت هذه البلدان تبني هذا المبدأ الفطري وجسدته واقعاً معاشاً عزز وساهم في تطورها وازدهارها رغم الاختلافات الفكرية والعقائدية لقاطنيها من مواطنين ومقيمين. أحمد الشهري معرف تويتر/ @MRASHEHRIاضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook