السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مقال بين الألف والياء "حزم!!"

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
حضرت مع صديقي حاتم؛ وهو مدير لمؤسسة إعلامية كبيرة، اجتماع عمل بمقر مؤسسته؛ وهو معروف منذ نعومة أظافره باللين واللطف والطيبة والرقي في التعامل، وبعد أن وضع فنجان القهوة بنفسه أمامي، أمسكت بيده ضاحكاً وقلت له أأنت يا حاتم أصبحت مديراً لهذه المؤسسة الكبيرة تحمل وحدك مشاكلها وهمومها وطموحاتها؟! اضافة اعلان

 فابتسم وقال لي بل قل - مديراً ناجحاً من فضلك - وجلس على مكتبه، ليدور بيننا نقاش حاد حول أهمية الحزم في العمل الإعلامي.

 فهو يتبنى مبدأ اللين المصحوب ببعض الحزم وفقاً لطبيعته التي فطره الله عليها، وأنا أرى أن الإعلامي ينبغي أن يكون صاحب شخصية قوية ممزوجة باللين، وإذ به يمسك بورقة وقلم وينهض من مكانه ويضعهما أمامي ويربت بيده على كتفي برفقه المعهود، ويخطو حولي كالمحقق، ويطلب مني أن أجيب على جملة من الأسئلة، التي ما زلت أبحث عن إجابات لها حتى الآن، قائلاً بكل حزم وقوة، قل لي صديقي:

من أين تأتي الشخصية القوية؟ وما مكانها في الجسم؟ هل هي كالقلب موجودةٌ في الصدر؟ أم أنها كالعقل نعرف أنه في الرأس، وموجود لكننا لا نستطيع رؤيته ولمسه؟

 وهل نولد بشخصياتنا هذه ونتوارثها عبر الجينات أم نكتسبها؟

ومن هو صاحب الشخصية القوية بنظرك؟

 تيقنت بعدها بأن حاتم أصبح حازماً!!

حثتني أسئلة حاتم صديقي أن أشارككم الرأي معي في البحث عن إجابات لجملة تساؤلاته السابقة.

 فأنا أتصور أن الشخصية القوية الحازمة مطلوبة في العمل الإعلامي باعتبارها تلك الشخصية التي تحافظ على تفكير واضح ومنطقي، وتبحث عن الحقيقة، وتمسك بها بكل إصرار مهما يكلف الأمر، وتثبت في المأزق بكل صبر، ولو انسحب الجميع من حولها، وتحكم بدون تحيز لآرائها وتصرفاتها الشخصية، وتعترف بأخطائها بكل صدق وأمانة، كما أرى أن الشخصية يبدأ توريثها للفرد يوم ولادته، ويظل يعدّل فيها ويتغير معها وفقاً لمسؤولياته وأولويات المرحلة التي يمر بها كل يومٍ من أيام حياته مثلما يفعل حاتم صديقي.

حزم الشخص - ولا سيما الذي يعمل في الحقل الإعلامي برأيي - يعني ثقته بنفسه، فالشخص الحازم هو الذي يستطيع التعبير عن رغباته ورغبات مؤسسته ومتابعيه، إلى جانب احترام احتياجات الآخرين وتقديرها، وقراءة قدرات المنافسين ودراستها، حتى يضع خططه الملائمة ليصل لما يريد من أهداف وغايات.

 فالإعلامي صاحب الشخصية القوية يحمل كاريزما وجاذبية لا تخفى عن الأعين، فهو قادرٌ على خطف الأنظار والأضواء أينما حل.

 والشخص الحازم ليس شخصاً صامتاً على الإطلاق بل ستجده أكثر الحاضرين كلاماً ونقاشاً في كل شيء، فلا يسمح للأمور بأن تمر من أمام عينيه أو تحت أنفه دون فحصٍ وتمحيصٍ وتدقيق، وهذه بنظري من أهم مقومات الإعلامي الناجح الذي بإمكانه أن يضع الأمور في مواضعها، فلا ينبغي له أن يتساهل في حال تستوجب الشدة، ولا يتشدد في موقف يستوجب اللين، ويستطيع أن يجمع زمام نفسه بقوة مواقفه وزمام الآخرين لحزم قيادته وطبيعة مسؤوليات مهنته ورسالته.

حرصت - ختاماً - أن أؤكد لكم ولصديقي حاتم الحازم أني ما زلت أبحث عن إجابات لتساؤلاته، فالحازم الحق لا بد أن يسمع لذوي الحجة والمنطق الصحيح، والعقل الراجح، فالحزم دون عقل كجسد بلا روح، وهذا ما يطبقه صديقي حاتم بعدما أصبح حازماً.
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook