الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الشمس تُشرِق من الغرب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
خلال خوضنا للنقاشات القصيرة وتبادل الأحاديث قد نواجه الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون أنه من المهم جداً أن تقف بجانب رأيهم أو تتفق معهم بالكامل، وبغض النظر عن ميولك أو أفكارك، لا يهدأ لهم بال حتى يتأكدوا بأن الجميع يتفق معهم ويصفق لرأيهم أياً كان. هذا النوع من الناس يمتاز بعقلية ثابتة ومبادئ غير مرنة، لا تعِي معنى اختلاف العقول والبيئات والثقافات وغيرها مما نُعايشه بواقعنا ونتعايش معه، ومؤكد أن الجميع قد اصطدم بهؤلاء الأشخاص لاسيما في المنصات الإلكترونية الاجتماعية على سبيل المثال تويتر وغيره من البرامج. إذ تنقلب حينها ساحة النقاش من حديث ودّي إلى ساحة قِتال، والبعض يصل به الحال إلى عدم الضبط الذاتي من خلال التلفظ بألفاظ سوقية، ويؤسفني القول إنني رأيت أشخاصاً مسؤولين وذوي رأي مسموع في المجتمع ومواقع التواصل أيضاً فضلاً عن آلاف المتابعين لحساباتهم، لا يتسم بأي سمة من سمات الحديث الجيد ولا يتصف بأدب الحديث الذي أوصى به الدين الإسلامي، فينتهي به المطاف مع من خالفه الرأي بحجبه وقطع علاقة التواصل. والجدير بهؤلاء أن يكونوا قدوة لمتابعيهم الذين يشكلون مزيجاً من مختلف الفئات العمرية والفكرية. مع مراعاة الاختلاف في وجهات النظر واحترام الآراء على تنوعها. من طبيعة البشر أنهم مُختلفون حتى مع أنفسهم لذلك لا تتوقع أن يتفق معك أي أحد بما تنُص عليه أو تقوله، ولكن من المؤكد أنه يوجد أشخاص يشابهوننا في عدة اتجاهات إلا أنهم يختلفون معنا في نقطة ما. هُناك من يرى الأمور من زاوية مُعاكسة تماماً للواقع كأن يقول: الشمسُ تشرق من الغرب، في هذه الحالة أرى أن المطلوب هو "التوضيح والتصحيح" إبداء الرأي تجاه ما قيل وليس "التأكيد" حتى وإن كان الحدث طبيعياً ومؤكداً. إن ما نسمعه من حديث يلبث فترة قصيرة بعقولنا يجعلنا نُدرك أين الخطأ من الصواب لكن الأمر هُنا مقتصر على طبيعة الفرد نفسه أهو ممن يُظهر تصديقه واستسلامه أم ممن يُكابر ويرفُض الاتفاق بهذا الشأن، لئلا يُصبح هو الخاسر في هذا النقاش، بالرغم من اقتناعه وتصديقه للحقيقة المُخالفة لرأيه، وهُنا يكمن اختلافنا الذي لا يُستحب فيه حتى المُقارنة. بعض النِّقاشات قد تكون عباراتها حادة للغاية وعلينا أن نُظهر اللين في هذه المسألة مع إقامة الحُجة القوية بأدب فصاحب الحُجة هو الأقدر على إقناع غيره، بمعنى آخر ليس إقناعاً بقدر ما هو إثباتٌ للرأي الصائب. رغم أنني أؤكد على مسألة الاختلاف لكن من المهم أيضاً الوعي بشأن الأدب والرقي في الحديث مع الصغير والكبير. ويجب التحلي بالصبر والحلم مع من أقصدهم من الأشخاص؛ لأنهم قد يكونون ضمن العائلة أو الأصدقاء أو حتى غرباء لكنهم يختلفون معنا في المنطق وبما نعيه ونعتقده. ذات مرة قرأتُ هذا الاقتباس وعلق بذاكرتي: "يرى الذئب أن ما يمارسه من افتراس هو طبيعي بل هو من أبسط حقوقه، بعكس ما يقع على الفريسة من سلب لحياتها. التواصل بمنطقك ليس دائماً الحل السليم، أحياناً تحتاج للرد بمنطق خصمك حتى ولو بطعن مبادئك". الأمر حقيقي أنك ترى اللون البرتقالي وغيرُك ممن يعاني ضعفاً في النظر يراه أصفرَ، لا يمكنك توجيه أصابع التُّهمة نحوه بقولك أنت مخطئ! لأنه مُحق تماماً وأخبرك بما يراه، لكن دع الأمور كما هي ولا تعتقد أن من يناقشونك يجب أن تُكتب عليهم الهزيمة أو النصر بناءً على ما يرونه ويقولونه! فالنقاشات في النهاية ليست حروباً تُثار نيرانها. الموضوع أعمق من أن نتصوره، فجميعنا مختلفون ولا نتشابه إلا في كوننا بشراً. أ.شهد محمد الدوسري اضافة اعلان

أسعد بتواصلكم على تويتر

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook