الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

اليوم الوطني.. كما لم يُفهم

56541505845425
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

نحتاج لرؤية في فهم الوطنية، ونحتاج لمشروع تحول في وعي المواطنة، ونحتاج إلى عاصفة حزم في محاربة أعدائهما، ونحتاج إلى إعادة أمل في بناء ثقافة اليوم الوطني. انتماء العنصر لمجموعة تمثله وتحميه، واستماتته في سبيلها، هو ثمن دُفع مقدما لضمان تمثيله وحمايته واستماتتها في سبيله. ولذلك كان الانتماء للأسرة، والأمة، والشعب، والعرق، والقبيلة، والمنطقة، وغير ذلك لضمان استمرارية العنصر. تحولنا فيزيائيا من وضع ما قبل الدولة، إلى ما نحن عليه في الدولة المدنية، محافظين على خواصنا التي كانت تناسب تلك الحقبة، ولا تفعل الوقت الحالي.

اضافة اعلان

إن كل تلكم الانتماءات -بعيدا عن محاكمة أي منها- ليست سوى حبالاً تقيد العنصر عن الانتماء الصحيح، وحِبالاً تهدد بشنق مفهوم المواطنة في عقول أصحابها. الأمن هو المطلب الأول لأي انتماء، ولا يوجد انتماء يضمن الأمن مثل الوطنية. فهل نعي معناها كما ينبغي؟

 لا يمكن أن يصاب ذلك الشاب الذي يُرضّع العنصرية، ويُلقن الفوقية، ويُكسى الإحساس بالأفضلية، بانفصام الشخصية ليمثل المواطن الصالح في يوم وطنه، فضلاً عن استمراره. بل ستَظهر تضاريس تناقضاته، وثقافته من تحت اللونين الأبيض والأخضر في أبسط موقف، وأسرع وقت.  في كل يوم وطني نرى مظاهر محزنة، متخلفة، همجية، وأحيانا مخزية.  تحطيم ممتلكات عامة وخاصة، تحرش بالنساء، إغلاق للطرق، هستيريا من صنف جديد، إزعاج للمارة والساكنين. وليست الوطنية من ذلك في شيء.

 لستُ هنا في طور جلد الذات، ولا الإساءة لمجتمعي، بل أنا هنا مَن يحاول الوصول معك لعمق المشكلة، وجذورها بدلا من الانشغال بتزيين فروعها، وتهذيب أوراقها. متَحمِلاً المسؤولية، ومحمِلَنها لك، وله، ولها. إن ذلك الشاب ليس من كوكب غير الذي عاش فيه. إن ذلك الشاب هو أخ لي، أو ابن لك، أو جار لي، أو صديق لك. حينما يغلق أخي الشارع بمركبته ليعيق جاري عن وصوله لعمله، يحتاج لتوجيه، إن ابنك حينما يرفع صوت المسجل، فيتضرر صديقك على سرير العلاج في يوم يدّعون فيه الوطنية، فإن الأمر جلل. إن بذور التناقض بين المواطنةِ الحقيقية ومظاهرٍ نسبت لها كثيرة ومتنوعة، تُزرع بشكل يومي، وتُسقى لفصول وسنوات.

تجاوز الإشارة المرورية، عدم إعطاء الأولوية لصاحبها، الوقوف الخاطئ، عدم فسح الطريق لسيارة الإسعاف، استخدام المنبه، عدم احترام المشاة، الاعتقاد بحيازة الأولوية دائماً وأبداً أمثلةً على تلك البذور. لا تنس أن كل هذه المظاهر السلبية؛ رُصدت لمواطنٍ خلف المقود فقط، فكيف لو خرج لعالمه، وأَخَرجت أقلامنا كل ما تعرف! إن لم نستطع التقيد بالنظام ولو في القيادة، فكيف لنا أو نُصلح أخطاءنا في مفاهيم ثقافية عميقة، لفّتها أشواك الرفض، حفاظها على قدسيتها المدعاة.

الوطنية اعتقاد، والمواطنة سلوك. يجب أن نعيَ أن مجرد رفع الأعلام، لا يرفع الأوطان، ولا الرقص يفعل، ولا الألحان!  ولا جنون الألوان، ولا تغيير ملامح الإنسان. التغيير يبدأ من الداخل، ولكن برعاية من المحيط والبيئة. إن قمنا بتقديم حقوق الوطن والمواطن على ما عداها من انتماءات، واعتقدنا بالمساواة، ورفضنا الانحراف عن الفطرة السوية، فستكون أيامنا كلها أيام وطنية، وستختفي تلك المظاهر التي أساءت لنا، ومثّلتنا ولو لم تكن تُمثلنا!

 كل لحظة ووطني في أمن وازدهار. ومواطنيه في رقي وعلو.

فهد بن جابر

عرض unnamed.jpg

فهد بن جابر

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook