الثلاثاء، 09 رمضان 1445 ، 19 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

هل ننتظر الأربعين؟!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
ترسم الأيام آثار تعاقبها على وجوه البشر متوغلة حتى تصل إلى أعماقهم؛ فتصقل العقول، وتجلي القلوب. وهذا الصقل والتجلية ليس مجاني الثمن بل ضريبته باهظة؛ فيمكث الإنسان عشرات السنين حتى يصل إلى هذه المرحلة المخملية وقد استنزف الكثير من طاقاته، وخسر بعض رهاناته، وكسب عداوات، وفقد صداقات فلا راحة طال ولا سلامة حصّل. والناظر الفطن لهذه الصيرورة يبحث عما يُقلص هذه المدة ويبكر بالنضج الفكري، والسلام الداخلي. ولا يتأتى له لذلك إلا من خلال التأمل في المواقف اليومية واستثمار الخبرات الحياتية . فمعظم الإشكالات في العلاقات، والمناوشات في الحوارات تقع؛ بسبب عدم التفريق بين الحقيقة والرأي. فالحقيقة ثابتة سمعية كانت أم عقلية تستند على أسس، ومقدمات صحيحة مما يضمن صدق النتائج المترتبة عليها وأضرب على الحقيقة مثالاً للتقريب وهو: (الشمس أكبر من القمر) هذه حقيقة لا غبار عليها وغير قابلة للأخذ والعطاء. أما الآراء فمتغيرة ونسبية تستند على قناعات شخصية، أو رغبات فردية فاسدة المقدمات، متأرجحة الأسس، أو في طريق الاستدلال عليها اعوجاج مما يؤدي إلى بطلان النتائج أو نسبيتها ومثال الرأي: (الليل أجمل من النهار) وهذا مجرد رأي لا يصل إلى مرتبة الحقيقة المتفق عليها. فالتحجر على الآراء ومعاملتها كحقائق يفقد صاحبها الكثير من المرونة في التعامل مع المحيطين به من قراباته ومعارفه، ويضيق أفق تفكيره، ويحجب عنه النظرة البانورامية. وعاقبة هذا التعنت ندم وحسرة وربما طال تغييبه وتأخرت استفاقته حتى يصل الأربعين كما قال تعالى : " حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ". وفي هذه المرحلة الناضجة تتلاشى كل الآراء وتبقى أعلى الحقائق متمثلة في الاعتراف بنعمة الله عليه وعلى والديه وشكرها، وسؤال التوفيق للعمل الصالح، وصلاح الذرية. فالثبات على الحقائق والتراخي مع الآراء علو لا يعلى عليه وتحرر من سفاسف الأسافل.اضافة اعلان
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook