الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المفتي: الوصية نعمة للتزود بالأعمال الصالحة ولا يجوز إخفاؤها

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل – واس:

أوصى سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله عز وجل، موضحاً أن من محاسن هذا الدين ما شرعه للمسلمين مما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم في حياتهم وبعد موتهم ومن ذلكم الوصية، والتي هي مثل تبرع الإنسان بجزء من ماله بعد موته، أو توزيع الحقوق التي بعده، فإمَّا أن يوصي بمال أو يوصي بالإشراف على الحقوق التي بعده.

اضافة اعلان

وقال سماحته في خطبة الجمعة، اليوم، من جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: هذه الوصية نعمةٌ من الله تعالى على العباد؛ لكي يتزودوا بالأعمال الصالحة مما يكون أنيساً لهم في لحدهم، ومثقلاً لموازينهم عند قدومهم على ربهم.

وأضاف: أنه زار  النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن أبي وقاص، فقال سعد ((يا رسول الله، إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصدق بالثلثين قال لا، قال فبالشطر قال لا، قال فبالثلث، قال الثلث، والثلث كثير. إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)).

وبين سماحته أن المسلمين قد أجمعوا على ذلك، أي على مشروعية الوصية، وأنها من الأمور المستحبة، يقول  - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تصدق عليكم عند موتكم بثلث أموالكم زيادةً في حسناتكم".

وقال: "هذه الوصية قد تكون واجباً على العبد، وذلك في حق من يتعامل مع الناس بالأمانات والودائع والديون والحقوق، سواء كانت حقوقاً لله كالزكاة والكفارات، أو حقوقاً للآدميين من الودائع والأمانات أو الديون التي في ذمته لهم، فإن هذا يجب عليه أن يوصي بذلك إبراء لذمته وإبراء لذمة الآخرين، فإن كنت ممن يتعامل مع الآخرين بالبيع والشراء والشركات وغير ذلك.. فاجعل هذا الأمر مكتوباً واضحاً جلياً؛ حتى لا يقع إشكال بينهم وبين ورثتك وبين الآخرين، فإن هذا من الواجبات الشرعية فبيان الحقوق في مالك أولى من كتمانه، فإن في كتمان ذلك إعداداً للعداوة والقطيعة بين ورثتك وبين الآخرين، يقول العلماء: "وتستحب الوصية إذا كان الميت ذا مالٍ وورثته أغنياء.. فيستحب أن يوصي بالثلث من ماله بما ينفعه بعد موته، بقبول الأعمال الصالحة التي يرجى ثوابها؛ لأن هذه الوصية يجري عليه نفعها بعد موته".

وأوضح سماحته قول العلماء في الوصية بأكثر من الثلث، فبيّن أنه يحرم أن يوصي بأكثر من الثلث؛ لأن في ذلك إضراراً بالورثة إلا أن يرضوا بذلك، ويحرم أيضاً أن يوصي لوارثٍ من الورثة؛ لأن الله جلَّ وعلا قد أعطى كل ذي حقٍ حقه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث)، قال العلماء والحكمة من هذه الوصية إبراء الذمة من الحقوق والتبعات، ثانياً بذل المعروف الذي ينفعه بعد موته، ثالثاً إن هذا من المهمات؛ لأن من كان أولاده صغاراً فهم يحتاجون إلى وصي يرعى شؤونهم بعد موته لأن هذا من الأمور المهمة، ويحرم على المسلم أن يوصي بوصية تشتمل على خلاف الشرع، بل لابد أن تكون موافقة للشرع في قدرها، فجميع من يرثه لا يجوز أن يوصي لهم لأن في الوصية إجحافاً وإغضاباً للآخرين وهذا أمرٌ لا يجوز، وبأكثر من الثلث فيه إضرار بالورثة، إلا أن يقبلوا بذلك، فهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ونبه مفتي عام المملكة الموصي بأنه ينبغي له في وصيته أن تكون وصيةً عادلةً لا جور ولا ظلم فيها، يقول الله جلَّ وعلا: ((فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم)) أي أنه إذا كان في الوصية جور وبعد عن الحق وفيها باطل فيؤمر هذا الموصي أن يغير وصيته، وأن يحولها من الجور والظلم إلى أن توافق حكم الشريعة، والوصية ينبغي أن يشاور عليها من يوثق بدينه وأمانته حتى تكون وصيةً عادلةً شرعيةً لا ظلم ولا جور ولا عدوان فيها، وأن تكتب ويوقع عليها ويخبر الورثة بهذه الوصية حتى يكونوا على بصيرة حيث لا يجوز إخفاء الوصية.

وأكد سماحة مفتي عام المملكة أنه يجب على من ولي الوصية أن ينفذها بالحال ولا يؤخرها.. فإن بالتأخير عدواناً على من أوصى لك، وإن بتنفيذها إبراء للذمة وخلوصاً من التبعات.

وشدد كذلك على أنه ينبغي للمسلم الموصي أن يحدد ما يوصي به من عقار أو غيره في حياته حتى يكون ذلك أمراً واضحاً جلياً للورثة لا يقبل التبديد، ولا التغيير، مشيراً إلى أن الصدقة في حياة المرء وإنفاذ الخير في حياته أفضل من الوصية.

وبين سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، أن ينبغي تضمين الوصية لما فيه منفعة للموصي بعد موته مثل إعانة المسلمين على الزواج والإعانة في تحفيظ القرآن، وإعانة المحتاجين وقضاء الدين عن المدينين، وإشراك من يعلم من ورثته في ذلك، فمن عَلِم به خيراً.. فيوصي له بذلك ويجعله ولياً على هذه الوصية، ويعهد إليه بها ويذكره الله والدار الآخرة.

وحذر سماحته الولي على أموال القُصّر وغيرهم من أن تبديل الوصية، أو تغييرها، أو الزيادة فيها أو نقص منها، بل تركها على حالها ما دامت وصيةً شرعية موافقةً للشرع لا إثم ولا عدوان فيها، فالواجب أن تمر على حقيقتها وأن لا يغير شيء منها، وأن لا يزاد ولا ينقص منها، مشيراً إلى أن للموصي أن يغير في وصيته إذا رأى ما هو خير وأنفع فيه، والعلماء يقولون: "للموصي أن يغير من وصيته ما شاء؛ لأن الوصية إنمَّا تكون بعد الموت، أما الوقف المنجز.. فهذا لا يبدل ولا يغير، أما الوصية فللموصي بعد حين إذا فكر ونظر أن هذه الوصية فيها قصور أو فيها إجحاف فعدلها على وفق الشرع، أو ما يرى فيه مصلحة عامة.. فإن له ذلك، ولكن على المسلم أن يتقي الله في وصيته، وأن لا يضار بها، يقول الله جلَّ وعلا: // من بعد وصيةٍ يوصى بها أو دين غير مضارٍ وصيةً من الله والله عليم حليم //. ويقول تعالى: // إنَّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook