الثلاثاء، 07 شوال 1445 ، 16 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

«ماجد العتيبي» يروي بشجاعة قصته: من معلم إلى معاق «مبتور القدمين» (حوار خاص)

الكابتن ماجد العتيبي
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

الرياض - خاص:

مأساة حقيقية تلك التي يجسدها شاب سعودي، تعرض لحادث مروري مروع، فقد على إثره قدميه، ليتحول بعد الحادث إلى قعيد وحبيس كرسيه المتحرك، ولا يمكنه التحرك إلا عبر أرجل صناعية.

اضافة اعلان

ماجد العتيبي روى بكل شجاعة وثبات تجربته المريرة مع الحادث، ومعاناته منذ دخوله في غيبوية لمدة شهر وحتى قراره بمساعدة المصابين وتوجيه المسافرين وقائدي السيارات.

وروى الشاب في مقطع فیديو تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وظهر خلاله بـ "أرجل صناعیة" وعلى كرسي متحرك وأمامه بعض الشباب، تفاصیل إصابته، والتي جاءت أثناء سیره بسرعة نحو 180 كم/ س، حیث اختل توازن السیارة واصطدمت بأحد الجسور ما تسبب في بتر رجلیه.

وتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطع فيديو "مؤثر" بعنوان "مقايضة بمليون ريال"، يظهر فيه الشاب بأرجل صناعية، يجلس على كرسي متحرك بسبب حادث مروري وقع له نتيجة السرعة، ويعرض على الشباب تحدي المليون ريال مقابل أن يعطوه ساقيه وكانت الإجابة "لا.. الصحة لا تُقدَّر بثمن".

"تواصل" التقت صاحب المقطع وهو الشاب الكابتن ماجد العتيبي، الذي روى تفاصيل الحادث الذي تعرض له، وكيف استطاع تجاوزه ويساهم في التوعية بالسلامة المرورية، ويصبح نموذجاً لكثير من الشباب الذين فقدوا الأمل بسبب حوادث مرورية صعبة تعرضوا لها.

مهرجان الجنادرية

يقول "العتيبي" في تصريحات خاصة لـ"تواصل": الفيديو تم تصويره في جناح مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية بمهرجان الجنادرية في نسخته الـ 32، حيث يوجد مختبر التحدي للتحذير من مخاطر السرعة، واستخدام الجوال أثناء القيادة، ويبدأ التحدي بعرض مليون إلى 3 ملايين ريال مقابل أن يعطوني أطرافهم".

وأشار "لم أتوقع أن ينتشر المقطع هذا الانتشار الكبير، لكن إن شاء الله أنه خير والناس يتعظون منه، وهذا هو الهدف أسأل الله أن ينفع به".

وحول ردود الفعل الذي وصلته بعد انتشار المقطع يقول "العتيبي"،: "وصلتني رسائل كثيرة على الخاص في حسابي بـ "سناب شات" و"تويتر" يثنون ويشكرون الجهود، لكن أنا لا أريد الشكر أريد أن يتعظ الناس، والكلام الذي سمعوه في المقطع يطبقونه في الواقع وينشرونه لمن يحتاج إلى توعية".

مخاوف المستقبل

ويروي "العتيبي" تفاصيل الحادث الذي وقع له قائلاً، " قبل 6.5 أعوام كنت أعمل معلماً وكانت المدرسة تبعد عن البيت نحو 150 كيلومتراً، أذهب وأعود بالسيارة يومياً مع الوقت تعودت على السرعة، وصلت إلى 180 و200 كم في الساعة، وتزوجت قبل حادثي بخمسة أشهر".

وعن تفاصيل الحادث، قال"في يوم الحادث خرجت من المدرسة، وكنت أقود سيارتي بسرعة 180 كم في الساعة وعند مطلع الجسر انفجر "بنشر" إطار السيارة، فضربت السياج الخاص بالجسر، وقُطعت رجلاي الاثنتان في الحال، والحمد لله على كل حال، ودخلت بعدها في غيبوبة لمدة شهر كامل".

واستطرد "استيقظت من الغيبوبة وكانت النفسية مدمرة، أفكر في المرحلة الجديدة في مستقبلي والماضي، زوجتي هل ستطلب الانفصال؟ ماذا عن الوظيفة هل سأتركها؟، صحتي التي ذهبت بعد أن كنت أخدم الناس وأساعد والدي، حيث إنني أكبر الأبناء، وكنت أنا مَن يقوم على رعايتهم، الآن أنا من يحتاج المساعدة والحمد لله على كل حال".

بداية الأمل

ويُكمل ماجد العتيبي حديثه قائلاً: "دخلت بعدها مدينة سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية، قضيت فيها من أربعة إلى خمسة أعوام في العلاج، تغيرت عندي بعض المفاهيم، شاهدت أناساً حالتهم أسوأ من حالتي، إصابات في الرأس والحبل الشوكي وجلطات، وأناس أسوأ مني صحيًّا وعندهم أمل ويعيشون حياتهم ومتقبلين إصابتهم، بدأ الأمل يدب في نفسي من جديد".

وتابع "ركبت أطرافاً "هيدرولك"، بعدها ركبت أطرافاً "إلكترونية " ثم ركبت أطراف الجري لأعوض النقص، الذي حدث نتيجة الحادث وتبقى الأطراف مختلفة عن تلك الطبيعية التي خلقها الله عز وجل، رغم أنني حققت نجاحات كثيرة واستطعت المشي بالأطراف الصناعية، وأصبحت أموري طبيعية، ولله الحمد ورزقني الله بأربعة أولاد ".

السلامة المرورية ومساندة المرضى

ويقول العتيبي: "أصبح عندي دافع لأساعد الناس المصابين نتيجة الحوادث المرورية، وهؤلاء الذين يسرعون، ويستخدمون الهاتف المحمول أثناء القيادة، ولا يلتزمون بالقواعد المرورية بحيث يكون لي دور في السلامة المرورية".

وواصل "تقاعدت من التعليم وطلبوني مدينة سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية، منذ نحو ثلاث سنوات للعمل معهم، وعملت مساعد أخصائي علاج تأهيلي ودرست في المدينة دبلوم في العلاج الطبيعي، واكتسبت خبرة وأصبحت داعماً ومحفزاً للمرضى الجدد الذي يدخلون مدينة سلطان، وأنقل تجربتي لهم بأن الحياة لا تقف على إصابة، أو مرض معين فيجب أن تواصل حياتك ويكون عندك أمل".

ووجَّه العتيبي رسالة إلى قائدي السيارات قائلاً" الله سبحانه وتعالى يقول (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، ويقول (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا)، فاعلم أنك في خير ونعمة ومهما فكرت وحاولت لن تشعر بالنعمة، ولن تعرف قيمتها إلاّ إذا فقدتها".

معصية للوالدين

وأردف "أعرف أن هذا كلام الله وأن فعلك السرعة معصية للوالدين وتؤثر عليهم، فأنا يؤنبني ضميري الآن على فترة الشهر حين كنت في غيبوبة، والوالدان يأملان كل يوم أن حالتي تتحسن وهما على أعصابهما، ومتأثرَين ويبكيان، والحين لا يزال بعد ست سنوات ونصف كل ما زرتهما أجدهما متأثرَين، وحتى لو حاولا ما يظهران لي أشاهدهما في تعابير وجههما".

معاناة أولادي

واسترسل "أولادي الأربعة متأثرون يقولن لي: "بابا لماذا لا تلعب معنا، ولا تسابقنا لماذا تنزل أطرافك؟، يريدون إنساناً طبيعياً مثلهم، رجلك مثل أرجلهم، هناك مشاكل كثيرة وصعوبات تواجهها مدى حياتك وتأثر في نفسيتك ونفسية من حولك ونظرة الشفقة في الشارع والمجتمع".

الصعود للقمة لا يحتاج أقداماً

واختتم العتيبي حواره مع "تواصل" بقوله: "كلمةٌ دائماً أقولها لكل مَن فَقَدَ الأملَ بسبب إصابة أو إعاقة، نتيجة حادث أو إنسان صحيح دون إعاقة لكنه يائس من حياته.. صعودك للقمة لا يحتاج إلى أَقْدَام، يحتاج إلى إِقْدَام مع التوكل على الله تعالى".

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook