الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

صفاء بعد صخب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

استيقظ من نومه فما كاد جفناه ينفكان حتى التقط هاتفه المخبئ تحت وسادته ثم انخرط في سباق مع الزمن، وانغماس في التفاصيل. مستغرقا يومه في زخم الاستهلاك: مآكل ومشارب وملابس. وتسارع الأحداث: أخبار وزيارات واجتماعات. وإن مرت به برهة سكون اختنق من الملل وسعى باحثا عن ضوضاء لا يسمع فيها أنين روحه المنهكة فذاب في متع الحياة قبل أن تذوب فيه .

اضافة اعلان

من فضلك توقف لحظة... لحظة توقف فيها عن الجري خلف الملذات، وأنواع الملهيات استرخي قليلا ولملم شتات نفسك المبعثرة، ورتب حياتك المتشظية وتأمل هذا الصخب ... يقود إلى أين؟ ومتى يتوقف؟ تفقد روحك؛ مرتوية أم عطشى؟ متوقدة أم منهكة ؟ متسقة مع جسدها أم متأزمة ؟ ثم بعد ذلك ماذا قدمت لهذه الروح ؟ وبما تداويها ؟ وبما تغذيها؟

تصفية الروح من وعثاء سفر الحياة من المطالب العالية وخير ما تُداوى به الأرواح وترياقها ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، ثم تغذيتها بأطيب زاد : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)، ويضاعف الطمأنينة ترقب ألطاف الله الخفية: (الله لطيف بعباده)، والظفر بولاية الله المستنيرة : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور).

وبعد أن يرفرف النعيم على الروح يأتي دور الجسد الجاثي تخمةً المكبل بأصناف الماديات المختنق بغبار الكماليات فلا أنفع له من الاسترشاد بالوصايا النبوية : (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، والزهد في فضول الكلام والجدال : ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا)، والتخفف من مخالطة الناس ومراقبة حياتهم وتفاصيلها في مواقع التواصل الاجتماعي ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه) .

الحياة في هذا العصر محتفية كثيرا بالجسد على حساب الروح. والموازنة بينهما مؤذنة بمواصلة المسير ولابد لهذا المسير من محطات صفاء مقسطة.

كتبته: ريم بنت محمد الغويري .

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook