الخميس، 09 شوال 1445 ، 18 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

التيه الحضاري!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
    أين موقعنا نحن العرب والمسلمين في هذه اللحظة من عمر الزمن بالنسبة للتدافع والصراع الحضاري؟! عند هذا السؤال توقفنا في مقال سابق بِعُنْوَان: "الصراع والتدافع في بحر الحياة"، والإجابة عنه ربما تكون هي مفتاح لفهم واقع العرب والمسلمين في هذه الحقبة الزمنية شديدة الالتباس والغموض، والتي هي أشبه بالتيه. فالمدقق لن يجد موقفاً واضحاً لكل العرب والمسلمين حيال قضية التدافع والصراع الحضاري؛ إِذْ نستطيع أن نميز بين ثلاث فئات مختلفة حيال هذه القضية الجوهرية التي تتعلق بمصير الأمة ومستقبلها. فالفريق الأول يقف موقفاً معارضاً لفكرة الصراع الحضاري من الأساس، ولا يرى أن هناك دوافعَ أو دواعيَ لِهَذَا الصراع، وإنما ينظر للأمور من خلال الواقع المعاصر وفقط، ويغض الطرف عن كافة الأمور الجوهرية الأُخْرَى، بما فيها ساحات التاريخ وشواهده، منكراً مَا هو معلوم من التاريخ بالضرورة! ويخلص هذا الفريق إلى أن الأمة منكسرة حضارياً، ومتخلفة علمياً، فيما سبق الغرب في المضمار سبقاً رهيباً، لا يمكن اللحوق به أو مجاراته؛ ومِنْ ثَمَّ على الأمة أن تركب قطار الحضارة الغربية، فهو الأجدر على البقاء، والعصي على الفناء! والفريق الثَّانِي، يقف موقفاً حاداً وصريحاً من قضية الصراع والتدافع الحضاري، ويرى أن للأمة سمتها وهديها وسننها وسلوكها، وليس لها أن تقترب من حضارة الغرب إلا على سبيل المقارعة والنزال والصراع. فهو لا يرى غير فسطاطين متناحرين، الأول منهما الأمة وحضارتها التي لا تقبل الأخذ، وإنما هي حضارة عطَّاءة وفقط، ولا سبيل للاستفادة من الحضارات الأُخْرَى بأي وجه، والفسطاط الثَّانِي الحضارة الغربية الَّتِي لا يرى فيها حضارة على وجه التحقيق، وإنما هي بهرج زائف زائل لا محالة وسيهدم على رؤوس أصحابه عمّا قريب. والفريق الثالث، بين هؤلاء وهؤلاء, فهو يرى الحضارة الإسلامية, مرنة بطبيعتها, قابلة للأخذ والعطاء، والحضارة الغربية فيها مَا هو مبهر وجاد وقابل للاقتباس، وفيها مَا هو رديء فاسد، غير قابل للاندماج في حضارات أخرى يعد الدين ركيزتها وعمود فسطاطها. فهو يرى أن الصراع والتدافع سنة كَوْنية قائمة، لكنها سنة لا تمنع من الاستفادة من الحضارات الأُخْرَى؛ نَظَرَاً للطبيعة المرنة في الحضارة الإسلامية من جهة، واتساع رقعة الحضارة الغربية وتفككها بما يسمح بأخذ بعضها من جهة أُخْرَى. ومع كل وقفة لعلنا نلتمس السبيل للخروج من زمن التيه الحضاري.اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook