الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مسألة فاصلة في نجاح التنمية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

العمل الاجتماعي كان سائداً في المجتمعات الإنسانية منذ القدم، وأولاه الإسلامُ عنايةً خاصة، ظهرت في الكثرة المتكاثرة من الآيات والآثار النبوية الحاضّة على حتمية العمل الاجتماعي بأبعاده المختلفة.

اضافة اعلان

فالعمل الاجتماعي يرتبط أساساً بالواقع الاجتماعي أولاً، ثم بالعنصر البشري المستهدف في العمل الاجتماعي ثانياً، وهذا الارتباط ليس هو وليد اللحظة، أو نتيجة تنظيرات فكرية معاصرة، بقدر ما هو منهج أصيل في الثقافة الإسلامية.

ولكن بدايته باعتباره مهنة تركز على تحقيق أهداف محددة كانت في القرن التاسع عشر الميلادي، وكان ظهورها استجابة للمشكلات الاجتماعية التي نتجت عن الثورة الصناعية، وفي أثناء القرن العشرين، بدأت مهنة العمل الاجتماعي تعتمد بشكل أكبر على البحث والممارسة العملية القائمة على مناهج البحث والتجربة كما أنها حاولت تحسين مدى كفاءة وجودة العمل الاجتماعي الذي يتم تقديمه.

ومنذ ذلك الحين لم يعد العمل الاجتماعي عملاً تكميليًّا، بل أصبح جزءاً أساسيًّا في معالجة القضايا التنموية والسياسية والاقتصادية والثقافية ومن أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات، ويستند لتحقيق أهدافه على خطط وبرامج تنموية.

كما أن العمل الاجتماعي شهد تغيرات وتطورات في مفهومه ووسائله ومرتكزاته، سعت به لتحقيق غايات وأهداف أكبر، فلم يعد هدفه الأساسي تقديم الرعاية والصدقة والخدمة للمجتمع وفئاته، فقد تجاوزه لتطوير وتنمية المجتمع بأسره.

ونحن نرى أن مجالات العمل الاجتماعي لابد وأن تتسع لتشمل كافة الأنشطة والفعاليات التي يكون من شأنها الإسهام في ترقية المجتمع والنهوض بأفراده، وهي تنقسم برأينا إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: يعتني بمواجهة المشكلات المزمنة سواء كانت في مجال مكافحة الفقر أو محو الأمية، أو مواجهة البطالة أو القضاء على الأمراض المتوطنة، وغيرها من الإشكاليات والتحديات التقليدية.

القسم الثاني: يعمل في مجال التنمية البشرية، وتحديداً في مجال استغلال طاقات الأفراد وفتح طاقات العمل والإبداع أمامهم بما يسهم في تنمية المجتمع كله، وهو البعد التحديثي الذي ما زال بكراً ولم يحظَ باهتمام كافٍ، من المهتمين بالعمل الاجتماعي.

إن الجمود في المفاهيم والتعامل بمنطق أن الفقر هو فقر المال فقط، لم يعد يتناسب مع التطورات المفاهيمية والعملية ذات الصلة بالعمل الاجتماعي، إذ إن أشد عناصر الفقر تأثيراً هو فقر المهارات والقدرات.

ومن ثم فإن تحسين أحوال الفقراء وتنمية المجتمعات يجب أن يستند على مفهوم جديد، وهو صناعة الإنسان ذي القدرات والإمكانيات، التي يساعد بها نفسه للانعتاق من دائرة الفقر والتخلف بشتى صوره، وهي مسألة فاصلة في نجاح عملية التنمية والتحديث في مجتمعاتنا؛ حيث لا يجب أن يتم التعامل معهم بمنطق الصدقة وفقط.

إنها كلمات تصب في إطار الدعوة لتغير النظرة إلى العمل الاجتماعي باعتباره مجرد جمع تبرعات وبذل صدقات، مع أن العمل الاجتماعي أصبح يمثل عملاً منظماً وعلماً قائماً يهدف إلى تنمية المجتمع ونهضته.

 

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook