الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أبو بكر الصديق.. ثاني اثنين في حياة النبي وخليفة المسلمين الأول

عظامء
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
تواصل ـ فريق التحرير: هو عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وُلد أبو بكر الذي لقبه الرسول الكريم بالصِّدِّيق لكثرة تصديقه له، في مكة بعد عام الفيل بعامين وأشهر، وصفه رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه "عتيق من النار" فغلب عليه اسم "العتيق"، وقيل إنما سُمي بذلك لجمال وجهه، وقيل أيضاً: إنه ما كان يعيش لأُمه ولد، فاستقبلت البيت العتيق وَقَالَت: إن هذا عتيق من الموت فهبه لي، ووصفه الرسول محمد صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْضَاً بالصِّدِّيق عقب حادثة الإسراء والمعراج إذ صدقه حين كذبه المشركون، وكان أبيض الْبَشَرَة، نحيف الجسم، معروق الوجه، قليل الشعر في صفحتي خديه، غائر العينين، بارز الجبهة، جعد الشعر، وكان يخضب شيبه بالحناء والكتم. شهرته اشتهر "الصِّدِّيق" في الجاهلية بحميد الأخلاق، وحسن المعاشرة، وامتناعه عن شرب الخمر، وعلمه بأنساب العرب وأخبارها، واشتهر في الإسلام بسابقته إلى الدين، وجهوده الكبيرة في الدعوة إليه حيث أسلم على يده عدد من كبار الصحابة هم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيدالله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم، وقد صحب النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هجرته إلى المدينة، فنزلت الآية الكريمة: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}. مواقفه من النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشهد الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، المشاهد كلها مع النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يتاجر بالثياب وبلغ رَأْسمَاله حين أسلم أربعين ألف درهم، أنفقها على مصالح الدعوة الإسلامية، وخَاصَّة في عتق رقاب المستضعفين الأرقاء من المسلمين، وحمل بقيتها وهي خمسة آلاف درهم معه حين الهجرة ووضعها تحت تصرف النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقضي في مال أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، كما يقضي الرجل في مال نفسه، وقد بيَّن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مدى إفادة الإسلام من ذلك: "ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر"، وقد بشره رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وترك خوخة داره مشرعة على المسجد دون بقية الصحابة، وولاه الصلاة خلال مرضه، وكان موضع مشورة النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد صاهره بأن تزوج ابنته عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، ورَوى أبوبكر الصِّدِّيق عن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة حديث واثنين وأربعين حديثاً، وقد ظهرت حكمته ورباطة جأشه في مواجهة مصاب الأمة بوفاة النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما ظهرت شخصيته القوية وحنكته السياسية في اجتماع السقيفة، وقد عبر عن تواضع جم وزهد في الخلافة حين رُشح لها مُبَيِّنَاً أن سالم مولى أبي حذيفة أتقى منه، وأن عمر بن الخطاب أقوى منه. خلافته لما تولى الخلافة أظهر، الصِّدِّيق، قدرة فائقة على إدارة شؤون الدولة التي تعرضت للانقسام الخطير؛ بسبب ظهور المرتدين، فأعاد للدولة وحدتها وأمنها، ووجه طاقتها للجهاد وفتح بلاد العراق والشام. وتوضح خطبه ورسائله إلى قادته في العراق والشام تقواه وورعه، وحرصه على نشر الإسلام، وترفعه عن الدنيا، كما تُبيِّن سلاسة أسلوبه وبلاغة تعبيره وبعده عن الإطناب في الكلام والمبالغة في التعبير، فكان من خطباء الصحابة المقدَّمين، وقد أنجز مَشْرُوعَاً عظيماً بجمع القرآن للمرة الأولى ممَا مَنَعَ وقوع الاختلاف فيه، وحقق الوحدة الدينية والثقافية للمسلمين، ومع سعة علمه بالْقُرْآن وَالسُّنَّة، وفهمه الثاقب لمقاصد الشرع وأحكامه وتصدره للفتوى، فإنه كان كثير الاسْتشَارة للصحابة، وكانت الرحمة تغلب على آرائه، فقد أَشَارَ بقبول المفاداة من أسرى بدر، والسكينة تملأ نفسه فقد ثبت الناس في حادثة وفاة النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحزم ومضاء العزيمة عنوان سياسته، كما في موقفه من حركة الردة، ورعاية الآخرين منهج حياته وخَاصَّة الفقراء والمرضى. جهوده الدعوية وحول جهود أبي بكر الصِّدِّيق في الدعوة إلى الإسلام، وقد أسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة، فما تلك الجهود وبما كان يَتَمَيَّز أبو بكر؟ ذكر ابن هشام ـ نَقْلاً عن ابن إسحاق: تحت عنوان: ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصحابة بِدَعْوَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: "قَالَ: فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ ـ فِيمَا بَلَغَنِي ـ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعبدالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، فَجَاءَ بِهِمْ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَجَابُوا لَهُ فَأَسْلَمُوا وَصَلَّوْا". وتقول الرواية الثانية ـ في ابن إسحاق أَيْضَاً ـ التي تدعم صحَّة هذا الخبر، فجاء فيها: "كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مَأْلَفاً لِقَوْمِهِ، مُحَبَّباً سَهْلاً، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ، وَأَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِهَا، وَبِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَكَانَ رَجُلاً تَاجِراً، ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ يَأْتُونَهُ وَيَأْلَفُونَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الأَمْرِ، لِعِلْمِهِ وَتِجَارَتِهِ وَحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إلَى اللهِ وَإِلَى الإِسْلاَمِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ، مِمَّنْ يَغْشَاهُ وَيَجْلِسُ إلَيْهِ"، هذه النصوص وغيرها تُشير إلى الدور الكبير للصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في بناء لبنة الإسلام الأولى، والحقُّ أن الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كان إِيجَابِيّاً بدرجة لا يمكن وصفها أو تخيُّلها، فقد تحرَّك بالرسالة وكأنها أُنزلت عليه هو، فلم تكن الدعوة إلى الله عنده مجرَّد تكاليف من الرسول صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولكنها كانت حماسة ذاتية هائلة، وحبّاً عميقاً للدين، رفعه إلى منزلة لم يصل إليها أحد من الناس، اللهم سوى الأنبياء والمرسلين. وَقَالَ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كلمةً عند موت رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخَّصت فلسفته في العمل للإسلام، وبَيَّنَتِ الدافع وراء حماسته الكبيرة للعمل، ولعل استعراض الموقف الذي قيلت فيه هذه الكلمة يُوَضِّح الفرق بين الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وبقية الناس؛ حينما قَالَ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ محمداً صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ محمداً صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعبد اللهَ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لاً يَمُوتُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاً رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]"، وَقَالَ عبدالله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما راوي الموقف: "وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلاً يَتْلُوهَا". أقواله عن عُمَرَ بْنِ عبداللهِ مَوْلَى غُفْرَةَ قَالَا: نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى طَيْرٍ حِينَ وَقَعَ عَلَى الشَّجَرِ فَقَالَ: (مَا أَنْعَمَكَ يَا طَيْرُ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ وَلَيْسَ عَلَيْكَ حِسَابٌ، يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مِثْلَكَ). وعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (أَي سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللهِ بِرَأْيي)، وعَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق، يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ الْإِيمَان)، وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَهْ، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: (هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ). وعن سلمان الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه أَتَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ؛ فَبَكَى عِنْدَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ؛ أَوْصِنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَاتِحٌ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، فَلَا تَأْخُذَنَّ مِنْهَا إِلَّا بَلَاغاً، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ؛ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ؛ فَلَا تَخْفِرَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذِمَّتِهِ فَيَكُبَّكَ اللهُ عَلَى وَجْهِكَ فِي النَّارِ). وعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ؛ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إذا عَزَّى رَجُلاً؛ قَالَ: (لَيْسَ مَعَ الْعَزَاءِ مُصِيبَةٌ، وَلَا مَعَ الْجَزَعِ فَائِدَةٌ، الْمَوْتُ أَهْوَنُ مَا قَبْلَهُ، وَأَشَدُّ مَا بَعْدَهُ، اذْكُرُوا فَقْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْغُرُ مُصِيبَتُكُمْ، وَأَعْظَمَ اللهُ أُجُورَكُمْ). وفاته تُوفي أبو بكر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وعمره ثلاث وستون سنة، في جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وكانت مدة ولايته سنتين ونصف.اضافة اعلان
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook