الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

{أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ}

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

كم مرة مُدَّ لنا بساط الإنفاق الحسي أو المعنوي من بذل المال، أو الجاه، أو العلم، أو الخلق، أو الابتسامة، أو المرح، أو الإفصاح عن المشاعر، أو الكلمة الطيبة، أو حسن الوصال، أو المدح والثناء، أو التشجيع والتحفيز، أو النصح، أو المشورة، أو المواساة والتعزية، أو.. أو.. أو.... فأشحنا عن ذاك البساط الممدود وكأننا لم نشابه المنافقين في وصفهم: "أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ".

اضافة اعلان

قال السعدي – رحمه الله - في تفسير الآية: "أشحَّة على الخير":( الذي يُراد منهم، وهذا شرُّ ما في الإنسان، أن يكون شحيحاً بما أمر به، شحيحاً بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحاً في بدنه أن يجاهد أعداء الله، أو يدعو إلى سبيل الله، شحيحاً بجاهه، شحيحاً بعلمه، ونصيحته ورأيه).

وقد عد رسولنا صلى الله عليه وسلم (الشح) من أمارات الساعة، فقد بوّب البخاري في صحيحه: باب ظهور الفتن وذكر حديث أبي هريرة المتفق على صحته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل القتل".

قال ابن بطال – رحمه الله - في شرحه للصحيح: (وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عياناً فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وأُلقي الشح في القلوب، وعمت الفتن، وكثر القتل).

قلتُ: ذاك قول ابن بطال -رحمه الله- المتوفى سنة 449هـ، فكيف لو أدرك زماننا ماذا عساه أن يقول؟!

وقد أطنب ابن حجر – رحمه الله - في الفتح في بيان معنى قوله "ويلقى الشح": (فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم حتى يبخل العالم بعلمه فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح لأنه لم يزل موجوداً.... والشح أعم من البخل لأن البخل يختص بمنع المال والشح بكل شيء).

وإن القلوب الكريمة لتسير على أطراف أصابعها خوفاً وإشفاقاً من أن تصاب بوخزات الشح التي تُدميها وتحجبها عن وصف الفلاح وإلى هذا المعنى أشار الطيبي – رحمه الله -: (وأن إزالتها ممكنة بتوفيق الله وتسديده وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} ففي إضافة الشح إلى النفس دلالة على أنه غريزة فيها وفي قوله {ومن يوق} إشارة إلى إمكان إزالة ذلك، ثم رتب الفلاح على ذلك).

فلتهتبل النفوس الفرصة في شهر الخير لتروض على وقاية الشح طمعا في الفلاح، متأسية بقدوتها وإمامها أجود الناس، كما أخبرنا ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة".

2 رمضان 1438

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook