تواصل - صنهات السهلي:
صدمة تنتاب من يزور العاصمة الرياض لأول مرة، عندما يرى نساءً ورجالًا وأطفالًا ينتشرون بكثافة عند إشارات المرور وأمام الأسواق وفي الطرقات للتسول، خاصة في شهر رمضان المبارك.
يستغل المتسولون في ذلك تعاطف الناس وبركة الشهر الكريم، وكذلك التقصير الكبير من مكافحة التسول في القضاء على هذه الظاهرة.
ومع انتهاء شهر رمضان ودخول عيد الفطر، يكثر المتسولون الذين يحصلون على زكاة الفطر، ثم يبيعونها.
وفي هذا الإطار نبه سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مخرجي زكاة الفطر إلى عدم جواز إعطاء من يترصدون للمزكين من المتسولين في الشوارع من غير المستحقين لها، والذين يتحايلون على الناس بأخذها ثم بيعها.
وقال إنه لابد على المزكين أن يتأكدوا من أحقية من يعطونهم، والبحث عن الأسر المحتاجة المتعففة من الأقارب والجيران والفقراء، محذرًا من التكاسل والتساهل في أدائها، وداعيًا إلى إخراجها بنفس مطمئنة وراضية.
ولعل الأحداث تؤكد أن غالبية هؤلاء المتسولين لا يستحقون الزكاة ولا الصدقات، خاصة مع تتابع الأخبار التي تفيد بالقبض على المتسولين من جنسيات عدة وبحوزتهم مبالغ مالية كبيرة، لا يمكن أن تتوفر لذي حاجة.
وعلى الرغم من أن هذه الأسباب ليست مبررًا لانتشار ظاهرة التسول، إلا أن الفقر وقلة الدخل وغلاء الأسعار والشروط التعجيزية لدى بعض الجمعيات الخيرية، ساهمت بشكل أو بآخر في تفشيها.
لا يسألون الناس إلحافاً
على الجانب الآخر يتوارى من تنطبق عليهم الآية الكريمة "لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا"، تعففًا، وينزوون بعيدًا عن المشهد رغم حاجتهم الشديدة لمد يد العون.
"العم أبو محمد" مثال صارخ على ذلك، حيث يقول إنه أب لأسرة كبيرة عدد أفرادها 30 من زوجات وأبناء وبنات، ويسكن في بيت شعبي متهالك مستأجر بـ ١٠ آلاف ريال.
يتحصل الرجل على راتب تقاعدي يتجاوز 4 آلاف ريال بقليل، ومساعدة مقطوعة مقاربة لراتب التقاعد لمدة سنة فقط من الضمان الاجتماعي.
وأكد "أبو محمد" الذي التقته "تواصل"، أن هذا الدخل بالنسبة لعدد أفراد أسرته محدود للغاية، مع ارتفاع المصاريف والاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وصحة للجميع، قائلًا بنفس راضية: "والله يا ابني الأسرة كبيرة والدخل محدود والصرف كبير والله يفرجها".
سألناه هل أنت مسجل في أي جمعية خيرية؟، فجاء رده: "توجهت للجمعية الخيرية للتسجيل والاستفادة من خدماتهم فكان ردهم لي بأن دخلي زائد وهذا السبب يحرمني من الاستفادة من الجمعية".
وأشار "أبو محمد" إلى أن إحدى زوجاته تعيش بكلية واحدة ووضعها الصحي يتطلب زيادة اهتمام وعناية، وما يستلزمه من مصاريف إضافية.
وعن تدبير احتياجاته وأغرض بيته، قال: "من الراتب الشهري وأهل الخير ما يقصرون".
