الثلاثاء، 09 رمضان 1445 ، 19 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

هموم وضغوط الحياة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

عانى النبي صلى الله عليه وسلم ضغوطاً كبيرة في بداية بعثته، حتى حوصر هو وأصحابه وقُتل وعُذِّب عددٌ منهم، وخرج من بلده مطارداً وخلفه بعض أبناء عمومته يريدون قتله، هذه صورة واحدة من صور الضغوط التي مرّت على خير البشرية صلوات ربي وسلامه عليه، تجاوزها عليه الصلاة والسلام باللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه واستشعار معيته، ولا يوجد إنسان بمنأى عن ضغوط الحياة وصعوباتها وهمومها.

اضافة اعلان

في وقتنا تنوعت الهموم والضغوط الحياتية، ولم تعد حكراً على مجتمع دون آخر، ففي أمريكا على سبيل المثال: ما بين 80% إلى 90% من حوادث الصناعة كانت لها علاقة بالمشكلات العاطفية، كما أن الأضرار الناتجة عن الضغط تقف وراء أكثر من 70% من حالات التغيب عن العمل، والخسارة في إجمالي الناتج القومي بسبب هذا الانخفاض في الإنتاجية تقدر بحوالي 10%، فالضغوط علاوة على أنها تعيق الحياة الشخصية والاجتماعية تسبب خسائر مالية فادحة على مستوى الأفراد والدول.

من يريد معالجة الضغوط الحياتية التي تمرّ عليه يحسن به أن يعرف مسببات هذه الضغوط، فهناك مسببات داخلية راجعة لطبيعة شخصية من يعاني الضغط وطبيعة تكوينه وقراءته للمواقف، فقد يحصل حادث معين لعدة أشخاص لكن استجابتهم وردة فعلهم تختلف بحسب تكوينهم الشخصي، فهذا ينهار إذا فقد عزيزاً، والآخر يصبر ويثبت، وذاك ينعزل عن الناس إذا أصيب بمرض، والآخر يخالطهم ويأنس بهم.

كما أن هناك مسببات خارجية قد يكون مصدرها الأسرة أو البيئة أو العمل، فأسرتك وأطفالك قد يشغلون تفكيرك وتعاني بسببهم، وبيئتك التي تعيش فيها قد تكون من المسببات فمثلاً شخص لا يصل إلى مقر عمله إلا بشق الأنفس فهذا ضغط مؤثر، وكذلك العمل قد يكون ضاغطاً بسبب مدير معين أو نظام مقعد، فإذا كان الشخص يعاني من ضغوط هائلة يجب أن يقف مع نفسه ويحدد هذه المسببات حتى يتعامل معها، وبدون تحديدها تستمر الضغوط الحياتية ويتضاعف ضررها.

للتعامل مع ضغوط الحياة عليك أن تعلم أنّ كل همٍّ أتاك فقد زار غيرك ما هو أعظم منه، وأن ما حصل لك من قضاء الله وقدره، وبالصبر والاحتساب يتخفف الضغط وبهما تعظم الأجور في الآخرة، وكذلك اللجوء إلى الله بالدعاء والتضرع ومن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، كما أن هناك وسائل أخرى معرفتها معين على التعامل مع ضغوط، فمن الضغوط ما يمكن إزالة مسببها كمن يعاني من مديره وباستطاعته تغيير الإدارة التي يعمل فيها.

ومن الضغوط ما يمكن تغيير الإدراك حول مسبب الضغط والنظر من نافذة التفاؤل أكثر من التشاؤم، وهناك من الضغوط ما يجب التكيف معها وتخفيف أثرها كالمريض الذي يعاني من مرض معين، عليه أن يتعايش مع المرض ويستمر في حياته متفائلاً طموحاً، أما ترديد عبارات التشاؤم والتأفف تزيد حياته سوءاً، ومثله من يعاني من ضغط عمل وليس لديه خيار التغيير يجب عليه التكيف مع واقعه وكسر دائرة الأرق المصاحبة لذلك عن طريق الغذاء الصحي والرياضة والنوم المبكر وتمارين الاسترخاء، وهناك آليات أخرى كثيرة تعين على التكيف مع ضغوط الحياة.

إذا أتاك الهم، وداهمك الغم، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت، تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وهما مطاردان: "لا تحزن إن الله معنا".

د. تركي بن خالد الظفيري

@turkialdhafiry

 
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook