الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

السعودية تطمئن العالم: سنظل المورد الموثوق به للنفط بكميات ثابتة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل – متابعات: 
بحضور الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة ، ألقى معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي كلمة بعنوان نحن نعيش في زمن التحولات يوم أمس في مؤتمر مستقبل الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في مجمع تشاتام هاوس الفكري بلندن.

وفيما يلى نص الكلمة التي ألقاها معاليه " إننا نعيش أوقاتاً ديناميكية، فالاضطرابات مستمرة في بعض بلدان الشرق الأوسط، والاقتصاد الأوروبي يواجه عامًا آخر من التحديات، وميزان القوة العالمي يزداد ميلا نحو الشرق، كما أن تغيراً ديناميكيًا يحدث داخل صناعة البترول في ظل زيادة الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة وكندا، وسعي البرازيل إلى استخراج احتياطياتها الكبيرة من البترول في المناطق المغمورة، إلى جانب سعي دول مثل العراق وليبيا، إلى زيادة الإنتاج، نحن إذاً في زمن ديناميكي، إلا أنه أيضا زمن الفرص للعديد من الدول، ومن بينها المملكة العربية السعودية".

وتابع معاليه يقول " غير أنني أود في بداية كلمتي أن أصحح أحد المفاهيم أو التصورات الخاطئة عن المملكة العربية السعودية، فيما يتعلق تحديدًا باستهلاك المملكة المحلي للبترول، والأثر الذي قد يتركه على مكانتها كأكبر مصدر للبترول في العالم.

فلا يخفى عليكم أن المملكة تعيش فترة من النمو الاقتصادي الكبير والمتسارع، ويتزايد عدد سكانها من الشباب باضطراد، كما تبلغ نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي نحو 7% في الوقت الحالي، ومع اتساع القاعدة الصناعية، تشهد المملكة توسعات غير مسبوقة في بنيتها التحتية، لذا، فإن الطلب على الطاقة في المملكة يزداد بالفعل استجابة لتلك التوسعات، وهو اتجاه سائد منذ سنوات عدة، ويعد أمراً طبيعيًا لأي اقتصاد متنام. وقد حدث الأمر ذاته في أوروبا ويحدث الآن في الصين. ولكن النمو الاقتصادي المتواصل لا يستمر بمعدلات كبيرة للغاية، كما نراه في أوروبا، والولايات المتحدة، في الوقت الحالي، علمًا بأنهما لا تشهدان زيادة في الطلب على الطاقة.

ولقد أدى عدم تفنيد المخاوف التي راجت العام الماضي، حول وضع صادرات المملكة من البترول في حال استمرار مستويات الاستهلاك المحلي، إلى اعتبار هذه المخاوف حقائق واقعة. غير أننا، في المملكة، لم نترك الاستهلاك المحلي من الطاقة دون معالجة، وأود أن أؤكد هنا أن المملكة ستظل المورد الموثوق به للطاقة إلى دول العالم بكميات ثابتة يمكن الاعتماد عليها، وأن النمو المحلي للمملكة لن يؤثر على الصادرات في الوقت الحالي أو في المستقبل، وأنا على ثقة تامة مما أقول.

واسمحوا لي، أن أوضح لكم أسباب هذه الثقة التي ترتبط بموضوع هذا الملتقى الذي يجمعنا اليوم، فأول هذه الأسباب يتعلق باستثماراتنا المتواصلة في قطاع النفط والغاز. والثاني يتعلق ببعض التدابير الجديدة التي تطبقها المملكة لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة والتي سوف أطلعكم عليها. أما السبب الثالث فيتعلق بالتزامنا تجاه مصادر الطاقة المتجددة.

واسمحوا لي أن أبدأ بالاستثمارات، وبالتحديد استثمارات قطاع النفط والغاز.

في عام 2009، أنجزت المملكة مشروعًا كبيرًا لزيادة طاقة البترول الإنتاجية، وذلك بهدف المحافظة على مكانة المملكة كأكبر مورد للبترول في العالم، ولا تزال الاستثمارات مستمرة، غير أنها لا تتوقف على إنتاج البترول فقط.

فقد قمنا بضخ استثمارات كبيرة لزيادة الطاقة التكريرية على الصعيدين المحلي والدولي، وزيادة التنوع في سلة المنتجات المكررة في المملكة سواء للاستخدام المحلي أو للتصدير.

وبالإضافة إلى البترول، يتم في الوقت الحالي تطوير أربعة حقول رئيسة للغاز في المملكة، كما تم تحديد احتياطيات محتملة من "الغاز غير التقليدي". وهذا التركيز المستمر على صناعة الغاز يعد من الاهتمامات الاقتصادية للمملكة، والتي تهدف إلى زيادة استخدام الغاز محليا.

فالمملكة تمتلك احتياطيات مؤكدة من الغاز تبلغ 286 تريليون قدم مكعبة، وهو رابع أكبر احتياطي في العالم، و يعد اكتشاف احتياطيات إضافية من أهم أولوياتنا. وقد قمنا بزيادة إنتاج الغاز من 1,65 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم في عام 1981 إلى 10,7 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم في عام 2011. ونتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية الإجمالية للغاز نحو 16 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم بحلول عام 2020. وستلبي هذه الزيادة جزءًا كبيرًا من استهلاكنا المحلي للطاقة، كما ستمكننا من تصدير كميات إضافية من البترول.

ومن الطبيعي أن يحدث نقص في المعروض في مكان ما في العالم على المدى القصير، إلا أنني أرى أن العرض لن يكون هو المشكلة في المستقبل القريب، بل الطلب. فأوروبا تواجه أوقاتاً صعبة ومن الواضح أن ما تتعرض له من تصحيح اقتصادي سيؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع والخدمات، وهذا بدوره سيؤثر على الطلب على البترول واستيراده.

لكن أوروبا ليست مبتدأ العالم ولا منتهاه، فأنا أرى إمكانات حقيقية للتقدم والازدهار الاقتصادي والنمو في دول الشرق الأوسط، وآسيا، وأمريكا الجنوبية، وأفريقيا. لذا، فنحن حقا في زمن التقلبات التي قد تكون صعبة على البعض، غير أنه زمن التفاؤل أيضًا.

إن للتعاون والنقاش والشراكة أهمية بالغة في هذه الأوقات المتقلبة، وبالتحديد فيما يتعلق بالنقطة الثانية التي أود تناولها اليوم، وهي كفاءة استخدام الطاقة. فالاستخدام الفعال للطاقة مهم بالنسبة للمملكة شأنها في ذلك شأن جميع البلدان بالرغم مما يتوفر لها من ثروة طبيعية هائلة. كما أن لكفاءة الاستخدام مبرراتها البيئية والاقتصادية كذلك. ولا يمكن للدول أن توجد حلولاً لهذه المشاكل العالمية إلا بتضافر جهودها وعملها وتعاونها مع بعضها البعض.

ولما كان النمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده المملكة يشكل ضغطاً متزايداً على أنظمة الطاقة الحالية، فقد شرعنا في تنفيذ مجموعة من البرامج الطموحة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات الصناعية، والحكومية، والتجارية، والسكنية.

كما نسعى جاهدين إلى زيادة الوعي، خصوصًا لدى الأطفال وطلاب المدارس، بالفوائد الملموسة لترشيد استخدام الطاقة ، وقد استثمرنا الموارد البشرية والعقلية سعيًا لتطوير فكر جديد خاص بكفاءة استخدام الطاقة، وأورد هنا مثالين محددين هما مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية في الرياض الذي نأمل ونتوقع أن يرتقي إلى مصاف المراكز الفكرية الدولية الشهيرة والمرموقة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الواقعة على مقربة من مدينة جدة والتي نتوقع أن تصبح دارًا للحكمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وهي تسير بخطى ثابتة على هذا الطريق.

يقودني ذلك إلى أن أعرج بشكل موجز على مصادر الطاقة المتجددة، وهو الجزء الأخير من كلمتي هذه.

إن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وارتفاع درجة حرارة الأرض، تشكل هاجسًا كبيراً بالنسبة للبشرية، كما أن التوقعات بشأن التغير المناخي تعد حقيقية، ويُنتظر من صناعتنا أن تلعب دورًا رائدًا في هذا الصدد، وهو ما نقوم به في المملكة.

فالواقع هو أن البترول سيظل يضطلع بدور رئيس ضمن مزيج الطاقة لعقود عديدة مقبلة. ومن الواضح أن إيجاد نظام نقل لا يعتمد على البترول لا يزال بعيداً. وبالنظر إلى النطاق الواسع للمنتجات البترولية، بدءًا بزيوت التشحيم ووصولاً إلى الإسفلت، مرورًا بالأدوية، والمواد البلاستيكية، يتجلى واضحًا أن البترول لا يزال يقوم بدور حيوي في ذلك وأنه وجد ليبقى.

ومصادر الطاقة المتجددة، في تصوري، مكملات للمصادر الحالية، حيث تساعد على إطالة فترة تصدير النفط الخام. وهو ما دعانا إلى الاستثمار في الطاقة الشمسية، وهي مصدر آخر من مصادر الطاقة الوفيرة لدينا في المملكة. فالمملكة تتعرض لحوالي 3,000 ساعة من أشعة الشمس في السنة، ينبعث منها نحو 7,000 واط من الطاقة الكهربائية لكل متر مربع. وتوجد في المملكة مساحات صحراوية شاسعة يمكنها استيعاب ألواح الطاقة الشمسية إلى جانب الكميات الهائلة من الرمال النقية التي يمكن استخدامها في تصنيع خلايا السيليكون الكهروضوئية.

إنني أعلم أن عددًا من الدول الأوروبية تستثمر في تقنيات الطاقة الشمسية، إلا أن اقتصاديات تلك الطاقة تجعل مبررات اللجوء إليها أمرًا أكثر صعوبة في هذه الأوقات. وهذا الجانب يتيح إمكانات حقيقية للتعاون والشراكة بين المملكة والشركات الأوروبية، وخلق فرص للعمل .

إن استثماراتنا تتجاوز قطاعي النفط والغاز بكثير، كما تذهب لأبعد من استغلال موارد الطاقة الإضافية. فنحن نستثمر في المناطق والتجمعات الصناعية التي ستساعد على توفير منتجات تضيف القيمة لمواردنا الطبيعية، وتوفر فرص العمل. كما استثمرنا مبالغ ضخمة في مركز الملك عبدالله المالي في الرياض الذي سيصبح المركز المالي للمنطقة، حيث تبلغ مساحته ضعفي مساحة مركز (كناري وارف) المالي في لندن.

ويعد الشباب أهم الموارد لدينا، لا نختلف في ذلك عن أي بلد آخر، بما في ذلك المملكة المتحدة. وندرك أن استخراج البترول من باطن الأرض لا يوجد الوظائف، ولا يعزز روح المبادرة، أو يشحذ القدرات المهمة.

لذا فإن استثماراتنا تركز على إيجاد الوظائف وفرص العمل. ولقد استثمرنا لسنوات عديدة، بلايين الدولارات على تعليم شبابنا، وإنشاء المؤسسات التعليمية في المملكة. واستثمرنا كذلك في البحوث والتطوير. ولا يفوتني أن أضيف بأننا نواصل الاستثمار في جوانب حيوية أخرى، مثل الرعاية الصحية، والبنية التحتية الأساسية.

أرجو أن تكون قد اتضحت لديكم الصورة المستقبلية لاستثماراتنا بوجه عام، ولمستقبل المملكة، ومستقبل استقرار أسواق البترول العالمية بصورة خاصة. لقد كانت استثماراتنا المستمرة وراء تغطية نقص الإمدادات الليبية خلال عام 2011، وستكون سببًا في تغطية أي نقص في الإمدادات يحدث في المستقبل.

لذا أرجو أن تسمحوا لي أن أكرر رسالتي الأساسية لكم اليوم وهي أن المملكة ستواصل القيام بدورها كمورد ثابت للبترول إلى الأسواق العالمية لعقود متعددة. فنحن مستمرون في الاستثمار في صناعة البترول والغاز، ومن ذلك استثماراتنا لزيادة الإنتاج في حقل منيفة النفطي. كما أننا نخطو خطوات حثيثة لتنويع مواردنا الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ونستثمر أيضًا في شبابنا ونوفر لهم الفرص التي يريدونها ليكون لهم دور مهم في ازدهار اقتصادنا، وتنمية بلدنا في المستقبل، كما نتخذ خطوات غير مسبوقة لضمان كفاءة أكبر لاستخدام الطاقة ونستثمر في مصادر الطاقة المتجددة، وفي الطاقة الشمسية بشكل خاص.

الحضور الكرام، لقد تأسست الدولة السعودية الحديثة في عام 1932م، قبل أن أولد ببضع سنوات. وكانت آنذاك واحدة من أفقر دول العالم. أما اليوم فهي عضو في مجموعة العشرين. لقد خطت المملكة خطوات هائلة في وقت قصير، ولا تزال تتقدم بسرعة مذهلة.

وفي هذا الوقت الحافل بالتقلبات في المنطقة، والعالم، وصناعة البترول، تظل المملكة ملتزمة بأداء دورها على الصعيد الدولي. وستواصل القيام بهذا الدور من خلال توفير الطاقة المطلوبة لدعم الازدهار في المنطقة، والعالم.

وأود أن أختتم حديثي إليكم بكلمات للقائد البريطاني العظيم ونستون تشرشل، الذي يصادف اليوم ذكرى مراسم دفنه رسميا قبل 47 عامًا، حيث تلخص كلماته وجهة نظري عندما قال: "المتشائم يرى الصعوبة في كل فرصة، والمتفائل يرى الفرص في الأمور الصعبة.

الحضور الكرام، إنني متفائل. وأقولها مرة أخرى إن في المملكة روحًا ديناميكية رائعة، وأنا على يقين بأن هذا العقد سيكون عقدًا حيويا حافلاً بالتنمية في المنطقة. وبطبيعة الحال، سيواجه العالم عقبات وتحديات عدة خلال هذا العام، إلا أنني واثق - بإذن الله- من أن الحوار والشراكة والثقة كفيلة بتخطي تلك العقبات. كما أنني على يقين بأنه يمكننا، معًا، أن نصنع إرثًا دائمًا من الازدهار لشعب المملكة، والمنطقة، والعالم بأسره".

وقد أعرب معالي وزير البترول والثروة المعدنية عن شكره لمدير تشاتام هاوس الفكري بلندن الدكتور روبن نيبلت على دعوته له للمشاركة في المؤتمر .اضافة اعلان

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook