الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مَن قَتَل هذا الأسبوع؟!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
  قبل كل إجازة دراسية، هناك أسبوع ينازع، يحتضر، ثم يموت! والنتيجة في الأخير أسبوع ميت، لا يُستفاد منه تعليمياً، ولا تربوياً! فمن المتسبب في قتل هذا الأسبوع البريء؟! الأسَر الواعية كثيرة، بل هي الغالبية في مجتمعنا، وتحرص على جودة تعليم أبنائها وبناتها وعلى تعويدهم الجدية والانضباط، ومن ذلك الضغط عليهم حتى لا يتغيبوا عن الدراسة في الأسبوع الأخير قبل الإجازة. يرضخ الأبناء، ويذهبون للمدرسة على مضض. ولكنهم يصدمون بأن ما قيل لهم لم يتحقق على أرض الواقع! على سبيل المثال، يقال لهم: إن المدرسين يحترمون الطلاب الجادين، وسوف يشرحون الدروس ولن يؤخروها بسبب الطلاب الذين تغيبوا! ولكنهم حينما يذهبون إلى المدرسة، تستقبلهم أحياناً وجوهٌ متذمرة، تُعبِّر بصمت، إن لم تنطق صراحةً، عن ضيقها من حضور هؤلاء الطلاب أو الطالبات "الجادين" للمدرسة! أحياناً يفاجأ الأب وهو يوصل ابنه بعودة ابنه سريعاً إليه قائلاً إن أحدهم استقبله عند الباب وقال له ليس هناك دراسة اليوم، فإن كان يستطيع الرجوع للبيت فليفعل! وأحياناً يتلقى الأب بعد أن يصل إلى جهة عمله اتصالاً هاتفياً من ابنه، ربما من جوال أحد المعلمين المتعاونين -رحمة بهذا الطفل أو رغبة في الخروج مبكراً، يقول فيه الابن إنهم قالوا له اتصل بولي أمرك ليحضر لإخراجك من المدرسة؛ فالطلاب قد انصرفوا! سمعنا عن إحدى المعلمات أنها قالت لطالباتها إن أهلكم لا يحبونكم لأنهم يجعلونكم تحضرون للمدرسة في الأيام التي تسبق الإجازة! معلمة أخرى هددت من سوف تحضر بأنها سوف تُجبَر على كَنْس حوش المدرسة! أحد المعلمين قام بتعنيف بعض الطلاب لأنهم حضروا، وهناك قصص أخرى يضيق المقام عن ذكرها، بل قد لا يكون مناسباً. هذه عينات من الفئة السلبية التي تخالف سياسة الوزارة وتعليماتها، وتفسد الجهود التي تهدف إلى زيادة الانضباط، وبالطبع لا تمثل الأغلبية الرائعة من المعلمين والمعلمات! لكن قليلاً من الخل يكفي لإفساد كمية كبيرة من الزيت! تتراكم هذه التجارب، فتفقد الأسر الجادة رغبتها في الانضباط، لأنها رأت أن الانضباط "عقوبة" عليها وعلى أبنائها، بدلاً من كونه ميزة تستحق التقدير على أقل الأحوال! صار الضغط على الأبناء للانضباط في هذا الأسبوع الميت درساً تعليمياً وتربوياً باهتاً! يستطيع الطفل الصغير محاججة والديه بأن ما يريانه ليس صحيحاً ولا واقعياً. وبالتالي، صار موقف الأبناء وكلمتهم هي الأقوى في اتخاذ قرار الغياب من عدمه في الأيام الأخيرة من ذلك الأسبوع الذي تفرق دمه بين القبائل، شئنا ذلك نحن الآباء والأمهات أم أبينا. هناك بعض المعلمين والمعلمات الذين يستحقون التقدير والاحترام، فهم يؤكدون لطلابهم أنهم سوف يشرحون الدرس ولو كان الحاضر شخصاً واحداً فقط! يستحقون الشكر لأنهم أبقوا المعادلة على اتزانها ولم ينجرفوا مع التيار الذي فرض السلوك الخاطئ وجعله الأصل! صار الطلبة المتأخرون أو الغائبون يدركون مع أمثال هؤلاء المعلمين والمعلمات أن للغياب ثمناً، وأن الدرس لن يعاد شرحه لهم! حينها يدرك الطلبة الجادون أنهم مازالوا على الجادة، وأن غيرهم هم الذين انحرفوا عنها. المشكلة أنهم أحيانا يطالبون بالاستسلام للسلوك السلبي ويجبرون على إعادة الشرح، بحجة أن معظم الطلبة كانوا غائبين وقت الشرح الأول! ثم تعود المشكلة إلى المربع الأول، لنبقى نتساءل: مَن قتل هذا الأسبوع؟! د. محمد بن عبد العزيز الشريم @mshraimاضافة اعلان
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook