الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

شبهات وردود حول ولاية وقوامة الرجل على نسائه

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

الله سبحانه وتعالى له الكمال في ذاته وأسمائه وصفاته وشرعه وهذه العقيدة هي يقين عند كل مسلم. لكن تطرأ أسئلة: هل لو حدث خلل من سوء فهم أو ظلم من بعض البشر في تطبيق شرع الله هل نرجع هذا للمخلوق أم للخالق؟ وهل هذا الخلل سبب معقول مقبول لإسقاط شرع الله في هذه القضايا؟ وهل هذا مبرر للمناداة العلنية للإسقاط وتدخل الخارج في هذه القضايا الشرعية الخاصة ببلادنا؟

اضافة اعلان

هذه الأسئلة هي مقدمة ضرورية في ظل الطرح الإعلامي المحموم لشرع الله عن ولاية وقوامة المحارم على نسائهم، وليتهم وضعوا حلولاً عملية نافعة، بل يسعون لإسقاط الحق كله.

أولاً: لماذا هذا التوقيت بالذات؟

لا بد أن ننتبه إلى ارتباط الحملة بحملة منظمة هيومن رايتس ووتش على المرأة السعودية في الولاية وقبلها في القيادة وقبلها في مفهوم المرأة القاصر وغيرها كثير، ولو قرأنا في الأديان الأخرى من يهودية ونصرانية وغيرهما لوجدنا الظلم الفاحش على المرأة، فإن طالبت هؤلاء النسوة بالخروج على أديانهن الوضعية فلا ينطبق ذلك على إسلامنا الشامل الكامل الباقي إلى قيام الساعة.

وكمثال يسير على هذا الظلم الفاحش النظام الاجتماعي التشريعي الذي ما زال شائعاً في منطقة كيناور القَبَلية في الهند حتى الآن وهو تعدد الأزواج للمرأة الواحدة، حتى أنه يصل العدد إلى 5 أزواج ويكونون إخوة ونجد المواقع والصحف والقنوات تتناقل الأمر على أنه حرية وموروث شعبي ونظام اجتماعي متعارف عليه، ولا حق لأحد بالتدخل فيه وأن النساء سعيدات وتصور المرأة الواحدة وخلفها 5 رجال. فأي تكريم لهذه المرأة؟

ثانياً:

من يقول: إن نظام الولاية عندنا نظام مدني نقول لهم: المملكة العربية السعودية لا يوجد بها قوانين مدنية بالمفهوم القانوني الوضعي؛ لأن أنظمتها الموضوعية الشرعية مستمدة من الشريعة الإسلامية نصاً أو اجتهاداً، وأنظمتها الإجرائية هي اجتهادات يقصد منها خدمة المصلحة الشرعية بتحقيق المصلحة الغالبة أو درء المفسدة الغالبة، والمقصود بالأنظمة الموضوعية هي التي تحكم القضايا من الجانب الموضوعي مثل: حكم الشيء جائز أو ممنوع، والأنظمة الإجرائية التي تتعلق بكيفية وآلية تطبيق الحكم والترافع فيه ونحو ذلك.

وتحقيق المصلحة الغالبة ودرء المفسدة الغالبة عند وضع الأنظمة يحكم به أهل الاجتهاد وليس الرعية وعامة الشعب ولا بحملات عبر الصفحات الاجتماعية، وهذه المصلحة المعتبرة شرعاً هي التي تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية من حفظ ضرورات الناس وحاجاتهم وتحسيناتهم، فليس كل ما يسمى مصلحة في اللغة أو العرف، أو يراه الناس أو طوائف منهم مصلحة، يمكن أن يكون مصلحة مقصودة للشارع، تشرع لتحصيلها الأحكام، ويؤمر بها المكلفون. وكذلك الحال بالنسبة للمفسدة التي هي ضد المصلحة. والخروج عن هذا المعيار معناه اتباع الهوى، والهوى باطل لا يصلح لتمييز الصلاح من الفساد، قال الله - تعالى – {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}.

والإجراءات النظامية توضع ليسر تنفيذ الأحكام الشرعية وفيها سعة للموظف الذي يفهم نص النظام وروحه في حفظ الحقوق فإن كان الموظف لا يراعي الحالات الاضطرارية فهذا خطأه ولا يعمم على جميع أهل البلد وقبل ذلك على الشرع. والمصلحة الشرعية هي المحافظة على مقاصد الشارع ولو خالفت مقاصد الناس؛ لأن مقاصد الناس - والحالة هذه - ليست مصالح حقيقية، بل أهواء وشهوات وآراء فاسدة ألبستها العادات والأعراف الباطلة ثوب المصالح.

وولي الأمر واجب عليه شرعاً أن يتخذ ما هو محقق للمصلحة العامة لرعيته وحفظ حقوقها، مثلاً أنظمة المرور ليس فيها نص شرعي، لكنها وضعت لتحقيق المصلحة وغيرها مما لم يرد فيها نص شرعي هي اجتهادات من منطلقات تراعي المصلحة الشرعية العامة، ولولا هذه الأنظمة لصارت البلاد فوضى، فهل نترك كل امرأة متضررة أو غير متضررة أن تفعل ما تريد من غير ضابط شرعي يحفظ لها حقوقها؟ وهل نترك كل رجل متضرر أو غير متضرر من نظام ما أن يفعل ما يشاء؟ ثم إن أي نظام إجرائي له استثناءات – عادة تعطيه مرونة وكون الموظف أو نحوه لم يفعِّل هذه المرونة فهذا خطأ في تطبيق النظام وليس في النظام نفسه، ولو فرض وجود خطأ في النظام الإجرائي فإن من الواجب تعديله ويجب على كل من يتصدر لنقد نظام الدولة أن يحترم هذه الأنظمة التي لا تخالف الشريعة، فالدولة لها جهات رسمية معتمدة يمكن من خلالها تصحيح ما يتطلب تصحيحه كهيئة كبار العلماء.

ثالثاً:

أما أنه لم يرد نص شرعي قطعي الدلالة على قوامة الرجل على المرأة، فتدحضه الأدلة القطعية الثابتة، منها قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَالَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}.

فمن مسوغات أدلة القوامة الشرعية وأسبابها الإنفاق وتحمل الشقاء لأجل ذلك قوله تعالى: {ولا يخرجنكما من الجنة فتشقى} ولم يقل فتشقيا فإذن الشقاء والإنفاق مقابل القوامة على المرأة لترتاح. وقوام: بصيغة مبالغة تعني مبالغ في القيام يعني لا يستريح أبداً، والتفضيل للرجل بالقيام بأعباء شقاء الكسب والإنفاق، والمرأة مفضلة للقيام بأعباء الأسرة وهي شاقة جداً ولا يتحملها إلا هي كأم وبنت وأخت.

ثم لماذا لا نكمل الآية؟ {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وبين الله تعالى من هن الصالحات بوصفين (قانتات، حافظات للغيب) ووصف قانتات بعد صالحات لأن القنوت هو دوام الطاعة وهو الخشوع وهو السكون والاستجابة عن إرادة وتوجه ورغبة ومحبة لا عن قسر وإرغام.

والصالح القانت هو الذي قائم على المهمة التي خلق لأجلها فقانتات مداومات للطاعة التي تلزمها بطاعة الرجل في طاعة الله تؤدي المهمة قانتة خاضعة لله تلتزم منهج الله وأمره فيما حكم به من أن الرجال قوامون على النساء وتخضع في رفع ظلم وليها عنها بطريق الشرع لا بطريق الإثارة والتعبئة الإعلامية.

حافظات للغيب: تدل على سلامة العفة، وأنها حافظة للغيب بمنهج الله لا بمناهج أخرى ولا عادات وتقاليد تضاد الإسلام. ومن حفظت غيبة زوجها فمن باب أولى أن تحفظ دين الله وتقبل به قانتة، وإن حزبها أمر تلجأ للمطالبة بحقوقها من طرقها المشروعة وحفظها للغيب يجعلها حريصة أن تحفظ شرع الله وتلزم به من حولها، وليس فقط للزوجة بل للأم والأخت والابنة وسائر محارم الرجل، ولو كل امرأة منهن تعلمت شرع الله وعلمته لرجال بيتها لرأينا اختلافاً كبيراً وهدماً لعادات لا صلة للإسلام بها.

رابعاً: الاستشهاد بالصحابيات في عدم استئذان أزواجهن:

الدليل الأول: أن زينب رضي الله عنها خرجت تطلب قبول جوارها لزوجها العاص بن الربيع من غير استئذانه.

والرد: بقراءة يسيرة للسيرة نصل للحقيقة، عقلاً هو من استجار بها فأجارته بعد هروبه من سرية للصحابة، وكان قد خرج قبل فتح مكة تاجراً إلى الشام بماله ومال كثير لقريش، فلما رجع لقيته سرية فأصابوا ما معه، وأعجزهم هرباً، فقدموا بما أصابوا، وأقبل هو في الليل حتى دخل على زينب، فاستجار بها فأجارته، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس في صلاة الصبح، صرخت زينب من صفة النساء: أيها الناس، قد أجرت أبا العاص بن الربيع وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السرية الذين أصابوا ماله، فقال: إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أصبتم له مالاً، فإن تحسنوا وتردوه، فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فيء الله; فأنتم أحق به. قالوا: بل نرده. فردوه كله).

فهو كان في بيتها وهي خرجت من عنده لتبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين أنها أجارته حتى لا يتعرضوا له وأيضاً لو كانت تفعل ما تشاء من غير إذنه كيف بقيت في مكة وزوجها خارج في غزوة بدر، وكان كافراً وهو من أذن لها أن تخرج إلى المدينة بعد فكاكه من أسر غزوة بدر لما طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسلها إليه. فعن عائشة رضي الله عنها: قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ لِخَدِيجَةَ، أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا"، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا. وهذا اللفظ في مسند الإمام أحمد وفي رواية أبي داود زيادة: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليه، أو وعده أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار فقال: «كونا ببطن يأجج (وهو مكان قريب من مكة) حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها) فإذا كانت وهي في مكة وهو أسير في المدينة لم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تتركه وتأتي إليه في المدينة وهي لم تترك مكة وتأتي فكيف يقال إنها خرجت من غير إذن زوجها؟

الدليل الثاني: مبايعة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم وأنها تمت من غير إذن أزواجهن.

الرد: كل بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء تمت بحضور أزواجهن ومحارمهم عامة إلا بيعة المهاجرات لأنهن هاجرن فراراً بدينهن من أزواجهن وأهلهن الكفار، وفي كل بيعة لم يصافح امرأة قط بل يقول لهن قد بايعتكن. والبيعة هي العهد الوثيق في الإسلام الذي كان يأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرجال والنساء. وهذه نماذج لبيعته صلى الله عليه وسلم للصحابيات رضي الله عنهن:

1 - بيعة العقبة الثانية في مكة قبل الهجرة مع الأنصار في أيام التشريق وكانت بيعة المؤازرة والنصرة وبايع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذه البيْعة من الأوْس والخزْرج ثلاثةً وسبعين رجُلاً وامرأتين؛ والمرْأتان هما: أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنيَّة - رضِي الله عنْها - وأم منيع أسماء بنت عمرو بن عدي - رضي الله عنْها.

2 - بيعة المهاجرات:

(لما كاتب سهيل بن عمرو في صلح الحديبية يومئذ كان فيما اشترطه على النبي – صلى الله عليه وسلم -: أنه لا يأتيك منا أحد - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه. فكره المؤمنون ذلك وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة، وإن كان مسلماً وجاءت المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ مهاجرة وهي عاتق (يعني بلغت واستحقت التزويج ولم تدخل في السن، وهي الشابة) فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن} إلى {ولا هم يحلون لهن} (صحيح البخاري. وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: (كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُمْتَحَنَّ بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شيئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن: "انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ". ولا والله، ما مسَّت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امرأة قَطُّ، غير أنه بايعهن بالكلام).

وقال ابن عباس: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمراً حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يردوه إليه وكتبوا بذلك كتاباً وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم - وقال مقاتل هو: صيفي بن الراهب - في طلبها وكان كافراً فقال: يا محمد، رد علي امرأتي فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طية الكتاب لم تجف بعد فأنزل الله - عز وجل - : {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} من دار الكفر إلى دار الإسلام {فامتحنوهن} قال ابن عباس: امتحانها: أن تستحلف ما خرجت لبغض زوجها ولا عشقاً لرجل من المسلمين، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا لحدث أحدثته، ولا لالتماس دنيا، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحباً لله ولرسوله. قال فاستحلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فحلفت فلم يردها، وأعطى زوجها مهرها، وما أنفق عليها فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان يرد من جاءه من الرجال، ويحبس من جاءه من النساء، بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن.

3 - البيعة بعد فتح مكة:

من حديث الأسود بن خلف رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح قال فجلس عند قرب دار سمرة قال الأسود: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم جلس فجاءه الناس الصغار والكبار والنساء فبايعوه على الإسلام والشهادة) وجاء عند الإمام أحمد في "المسند" من حديث عائشة بنت قدامة بن مظعون قالتْ: كنتُ أنا مع أمي رائطة بنت سفيان الخزاعية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع النسوة، ويقول: ((أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئاً، ولا تسرقن، ولا تزنين، ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصينني في معروف))، قالت: فأطرقن، فقال لهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قُلْنَ: نعم فيما استطعتن))، فكن يقُلن، وأقول معهن، وأمي تُلَقِّني، قولي أيْ بُنيَّةُ: نعم فيما استطعت، فكنتُ أقول كما يقُلن).

هذه من بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء بحضور أزواجهن وبإذنهن، وإلا كيف عرفت الصحابيات بالبيعة؟ هل كانت هناك وسائل تواصل وإعلانات ونحوها؟ فكيف يقال خرجن من غير إذنهم؟!

وكان صلى الله عليه وسلم يقول لهن عند المبايعة: "فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ، وَأَطَقْتُنَّ"، فيقلن: "اللهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا" فنتأمل رد الصحابيات رضي الله عنهن ونقارنه بما تفعله بعض نساء هذا الزمان. ومما يدل على حرص الصحابيات على طاعة أزواجهن في غير معصية الله أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما لما رحمها الرسول صلى الله عليه وسلم وترك لها مركوبه لتركبه قبل منها اعتذارها بغيرة زوجها، ولم يقل لها لا تستأذنيه. مع إقرارنا جميعاً بأننا لا نرضى بظلم يقع على رجل أو امرأة، ونتفق على وجود قنوات رسمية تتولى ذلك بمرجعية شرعية.

هذه بعض شبهات تنتشر حول ولاية وقوامة الرجل، وعلماؤنا الأجلاء بينوا الفرق بين الولاية والقوامة والوصاية وشروط كل منها.

ونسأل الجميع ممن أوقد نار الحملات الإعلامية: أين أنتم من طرح حلول عملية نافعة شاملة تأخذ ببلادنا للأمام واستنفار الجهود المتناثرة للمساهمة الحقيقية في البناء من غير مساس بالثوابت الشرعية والعلاقات الاجتماعية المتينة؟

غفر الله لنا وعزم لنا على أرشد أمورنا ووقانا شر أنفسنا.

كتبته: د.حياة بنت سعيد باأخضر 1437 هـ

أستاذ مشارك بجامعة أم القرى

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook