الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

صناعة التهريج!!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

من أغرب ما رُوي من أفعال غريبة في التاريخ الإسلامي ما رواه الإمام ابن الجوزي لحادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!! وبالفعل سُجل في التاريخ رمزاً للسخافة.

اضافة اعلان

اليوتيوب كأحد وسائل التواصل الاجتماعي حاضر بقوة في المجتمع السعودي، وقد حلّت السعودية في المرتبة الثالثة عالمياً في عدد مشاهدات يوتيوب في اليوم الواحد، وذلك بعد الولايات المتحدة والبرازيل، ووصل عدد مشاهدات الموقع في المملكة نحو 90 مليوناً في اليوم الواحد".

ومع ذلك فالمعروض في مواقع التواصل الاجتماعي لا يرقى لتقديم بث راقٍ وفي أغلبه مواقف قائمة على التهريج والارتجال، وليس لدى القائمين عليها أي خبرة في مجال الكوميديا أو منطلقاً من مدروسة فنية، فبعد بث التهريج على شبكات التواصل والحصول على إعجابات هنا وهناك يختفي المقطع ليحل بدلاً منه مقطع آخر أشد منه تفاهة وربما وضاعة.. ثم ينطوي في عالم النسيان.

نعم عززت وسائل الإعلام الجديد من الحرية ولكن المرسل استغل هذه الحرية وتجرد من قيمه وتقاليده، والكارثة التي لا يدركها الجمهور العربي ويرقص لها فرحاً؛ الغياب الكامل للتشريعات التي تنظم الصناعات الإعلامية في المنطقة العربية، ونكاد نكون المنطقة الوحيدة في هذه المعمورة التي تغيب عنها الضوابط الأخلاقية التي تنظم الصناعات الإعلامية، رافق هذا الغياب التشريعي انفلات كامل وفوضى عارمة في وسائل التواصل الاجتماعي.

من مساوئ الإعلام الجديد أنه أتاح الفرصة لكل متردية ونطيحة ليصبح مشهوراً، وحتى نتوقف عن صناعة الحمقى والمهرجين، بقصد أو غير قصد، يجب علينا أولاً أن نقاطع تلك المنتجات لمحاصرة المفلسين، الذين جعلوا من سذاجتهم سبباً للارتقاء إلى أبواب الشهرة، وفي هذا فإن العتب الأكبر على الكثير من أفراد المجتمع الذين هللوا لتفاهات هؤلاء وأمثالهم، ونعتوهم بألقاب المدح والتبجيل؛ نتج عنه تماديهم يوماً بعد يوم، وطبعاً زاد عدد المتابعين وزاد عدد الناقلين لهذا التهريج.

أخيراً.. لقد أضحكنا الممثلون المصريون بشخصيات غير بلهاء، ولكن ما يُقدم من مقاطع هزلية في "تويتر"، أو "فيسبوك"، أو "سناب شات" يجعلنا نرفع الصوت عالياً ونقول: لا تجعلوا من الحمقى مشاهيرَ..

باسل النيرب

[email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook