الخميس، 09 شوال 1445 ، 18 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ماذا شاهد العرب في رمضان 1437

Screenshot_2
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تمهيد

يمكن القول وبكل صراحة ومنذ أربع سنوات خلت وخصوصاً في المسلسلات والبرامج التي تُعد لعرضها في شهر رمضان على اعتبار أنه موسم العرض الوحيد في سوق الإنتاج‏ الدرامي العربي، ارتفع شعار اهبط بالمستوى لترفع نسبة المشاهدة، وبات الهدف الأول عند صُناع دراما رمضان تحقيق مكاسب مادية ولفت الأنظار بأي شكل من الأشكال من خلال نشر الفضائح والكلام السوقي والشتائم والسخرية وإظهار الجسد العاري وتعليم فنون تعاطي المخدرات ومدارس لتعليم فنون الرقص الشرقي الفاحش.

اضافة اعلان

هذه المشاهد تعد خصيصاً لعرضها في شهر رمضان وتعاد على مدار العام لتكرار فكرة السوقية والانحلال في اللفظ والشكل لتصبح سمه من سمات العالم العربي، وهي ضمن سلسلة طويلة من الانحرافات الفنية بدأت في مسرحية مدرسة المشاغبين وأثرت بالسلب على الطلاب في مدارسهم وجامعاتهم ومهدت لطريقة جديدة في التعامل مع المعلمين، ثم جاءت الدراما الرمضانية لتعرض مشاهد العنف والانحراف داخل المناطق الشعبية.

حسب تقرير اتحاد إذاعات الدول العربية 2015 فإن (55%) من المحتوى ينحسر في الإنتاج‏ الدرامي والترفيهي والرياضي و14% مخصّص للإنتاج‏ التربوي والثقافي.. تقدم هذه الدراسة حقائق كمية وكيفية سجلت بالعين المجردة ومن خلال ما كتب عنها في الصحف وقدم في برامج فضائية لعدد (40) مسلسلاً درامياً عرض في الفضائيات العربية.

السمات العامة لدراما رمضان المصرية

منذ سنوات وهناك حالة تردٍّ وانحراف متعمد في الدراما الخاصة بشهر رمضان وخاصة تلك التي ظهرت بعد أحداث الربيع العربي 2011 في كل من مصر وسوريا وتونس تحت قاعدة أن الفن مرآة المجتمع وانعكاس لواقعه، وهذا الأمر بحد ذاته يُشكل خطورة بالغة على المجتمعات والأجيال القادمة، خاصة وأن القائمين على الإنتاج‏ الدرامي أغلبهم تجار يقدمون كل سلعة لا تحمل قيمة ومضموناً إيجابياً بدافع مضاعفة هامش الربح، ومتخذين من قصص الشوارع الخلفية وحكايات الفتوة والبلطجة والاتجار بالسلاح والآثار والمخدرات والدعارة نموذجاً لتعميمه على واقع المجتمعات العربية.

في لغة الأرقام قدمت الدراما المصرية في رمضان 33 مسلسلاً، بمبلغ إنفاق 2200 مليون جنيه مصري أي 244 مليون دولار، علماً أن 10 من المهرجين حصلوا على 50 % من المبلغ، كما قدمت الدراما المصرية في رمضان 2016 نموذجاً أكثر من سيئ للجيل العربي المطحون بحكم مشاغل العمل والبطالة والبحث عن الرزق، وصدرت ثقافة الشر والقتل والعنف وأظهرت الحياة المخملية لتجار المخدرات والبلطجي، الذين يلبسون أفخم الملابس ويعيشون في قصور وفيلات وتحيط بهم النساء والخمر والساقطات ويثيرون غرائز الشباب المطحون بهذا الثراء الفاحش الذي جاءهم بسهولة، حتى رجال الشرطة في دراما رمضان إما أنهم منحرفون أو يعملون لصالح تجار المخدرات والسلاح، وكأن هناك مؤامرة لتدمير ما تبقى من وجدان وسلوك الشباب العربي بما تحمله دراما رمضان من ألفاظ ومشاهد عنف وقتل وبصورة بشعة تُعلّم من رغب بأصول وفنون القتل.

بكل صراحة ومنذ أربع سنوات؛ درجت الدراما المصرية المجهزة للعرض في رمضان تحديداً إلى تقديم صورة مقيتة جداً بالغة السواد عن مصر تتضمن قيماً سلبية وعنفاً وتدميراً ورقصاً وملهى ليلياً، صورة غابت عنها الطبيعة المصرية التي نعرفها والقائمة على الاعتزاز بالأسرة والاحترام المتبادل وعمدت إلى نسف كل القيم الأساسية التي يفخر بها المجتمع بما احتوته من مشاهد المسلسلات لحياة الدعارة والكباريهات والبلطجة والشوارع الخلفية.

يقول الكاتب محمود أبو زيد، الذي عمل رقيباً في الدراما والسينما المصرية، وقدم أفلام العار والكيف وحلق حوش وغيرها قال: "شيء مؤسف للغاية ولم أكن أتصور أن تصل الدراما لهذا المستوى وهذه التفاهة والسفالة والانحدار، ألفاظ خارجة ومشاهد قتل وعنف وتجارة محرمات لم تمر علينا من قبل،... إن ما يحدث جعل الفن يتحول لآفة تقضي على ما تبقى من المجتمع وخطراً يهدد الجيل القادم".

والكاتب مجدي صابر، يقول: "للأسف هناك شبه اتفاق هذا العام على ضياع الدراما حيث تصدير ثقافة الشر والقتل وإفساد ما تبقى من هذا الجيل، الدراما هذا العام استسلمت للمنافسة في الشكل على حساب المضمون والقيمة وأخذت في طريقها بدءاً واحداً، وهو استخدام كل المشبهات للمنافسة وقدمت صورة سيئة للواقع بحجة أنه موجود وهذا أسوأ ما تقدمه الدراما ولكن؛ للدراما دورها في تنقيح الواقع وإزالة الشوائب الذي تصيب وجدان الجمهور وليس مطلوباً من الدراما أن تقدم الواقع بكل صورة السلبية والتركيز عليها فقط".

السمات العامة لدراما رمضان السورية

ليس المطلوب من الدراما أن تقدم لنا نموذجاً للمدينة الفاضلة، ولكن من المُعيب أن تختزل هويتنا وقيمنا بالعري والألفاظ النابية وتجارة السلاح والقتل.. في دراما رمضان السورية 2016، تنوعت الموبقات فبعد أن كانت تتناول غرف النوم والخيانات وتعدد العلاقات وقد درجت ومنذ سنتين على تقديم العلاقات المحرمة كوسيلة للترويح عن النفس وجزء من الحرية الشخصية أو كوسيلة لرد الخيانة بخيانة، اليوم كان الأبرز تكريسها لفكرة العصابات والمافيات والإجرام في المجتمع السّوري، وجعلها السّمة الغالبة على الأفراد والجماعات وتكرارها عبر ثلاثين حلقة، بالإضافة إلى دخول ضيف جديد على الدراما السورية وهو تجارة وتعاطي المخدّرات وانتشارها إلى حد هائل في المجتمع السّوري في فئة الشّباب والمراهقين خصوصاً، أما الكحول فقد أظهرت الدراما السورية أنّ المواطن السّوري الذي يطفح الدم ليل نهار، أظهرته أنه لا يحتسي إلا المشروبات الكحولية.

أما جرأة المشاهد الساخنة والعنف، فالجسد المستباح إما قتلاً أو باستعراض مواطن إثارته فقد نال حيزاً كبيراً لاستقطاب أكبر شريحة من المشاهدين، مع إظهار واضح لفساد الطبقة المخملية باستعراض مشاهد إثارة وجرأة تخدش الحياء وتعدد العلاقات النسائية والدخول إلى غرف النوم الخاصة وتصوير الخيانة الزوجية من أحد الطرفين أنها صداقة لجلب متابعة عالية وخصوصاً من جمهور.

إن الخضوع للآداب والذوق العام هو فكرة أساسية، يجب ألا يغفلها الإعلام، فمشاهد الجنس والجريمة والخمر والتدخين، جريمة فكرية يجب أن تتم معاقبة المسؤولين عنها، فإن كانت هذه المشاهد أو الأفكار مرغوبة لدى بعضهم، فهي شاذة وخارجة عن المألوف للكثيرين، لذلك تجب مراعاة الجمهور، والتفكير بجدية بمتطلباتهم، فالمشاهد لا يريد ما يخاطب الغرائز، بل يريد أن يقضي موسماً درامياً يساهم في رسم بسمة خفيفة أو يضفي قيمة جديدة أو قصة قريبة منه، تعكس واقعه وتلبي احتياجاته.

السمات العامة لدراما رمضان التونسية

تحت شعار تعرية الواقع تسير الدراما التونسية ومنذ سنوات أربع في ذات الدائرة المغلقة من عرض حالات لزنى المحارم والاغتصاب والتحرش ضمن وهذا وفق الدراسات النفسية يجعل من مشاهدتها على أرض الواقع أمراً طبيعياً، وللأسف الطبق الرئيسي في أغلب الأعمال الخاصة بدراما التونسية الزطلة – الحشيش- والانحراف والخيانة الزوجية والإرهاب في تكرار ملّه المشاهد وغابت عنه المضامين المتنوعة مع غياب تام للمسلسلات التاريخية أو المسلسلات الاجتماعية التي تعكس حياة العائلات التونسية الأصلية، في مسعى منها لخلق صورة جديدة للإنسان العربي عن نفسه وواقعه برسم أشكال مغايرة لما هو موجود في الواقع اليومي.

السمات العامة لدراما رمضان الخليجية

مع التقلص العددي في المسلسلات الخليجية إلا أن المحتوى ما زال على حالة عموماً مع بعض الفلتات هنا وهناك، فعموماً لا يوجد مسلسل خليجي لا يعاني من إشكاليات تتمثل في الشخصيات الضحلة البعيدة عن العمق، حيث تختفي بشكل واضح بنية النص الدرامي المتصاعد في بناء الأحداث وتطورات الشخصية.

كما يُلاحظ في عموم الدراما الخليجية غياب الخط الزمني للأحدث فالممثل يظهر شاباً من أول المسلسل إلى آخرة وكأن الشخصية والمجتمع جامدان لا يتطوران ولم تحدث أي تحولات أو تطورات.

أما الأحداث فهي دائماً تأخذ منحنى تراجيدياً مأساوياً وكأن الحياة مجموعة من الأحزان المستمرة وكأن المجتمعات لا يوجد بها سوى الحزن، فيعتقد المتابع أنه أمام مجتمعات تتفنن في الحزن؛ مع أن هناك الآن نوعاً خاصاً من الأعمال التلفزيونية الغربية يسمى "Dramedy" وهو خليط من الكوميديا والدراما وهو أقرب إلى الحياة حيث الأحزان والمواقف الخفيفة تتجاور.

كما يؤخذ على الدراما الخليجية أنها جامدة بطيئة التطوير وهذا بدوره يؤدي إلى فشلها في لفت الانتباه لمتابعتها من قبل الجمهور، ومنذ سنوات وهي تراوح مكانها دون تقدم في طرح قضايا ذات مساس بالمجتمع والنهوض بالحركة الفنية الذي يساهم في طرح معالجات لقضايا اجتماعية وسلوكية ملحة تمس المجتمع وإداراته لتنقد المسيء منها وتعزز الإيجابي فيها.

إن ما يقدم اليوم في الدراما الخليجية يدور حول قضايا هامشية وهو في المجمل تكرار ممل لحلقات يشعر من خلالها المشاهد بامتعاض لتناقلها طرح قضايا ومواضيع تجاوزها المواطن الخليجي بكثير، ومع أن الدراسة أثبتت الجرأة في الطرح؛ إلا أن طبيعة تناول الموضوعات والإشكاليات والحبكة الدرامية أفقدتها الكثير من متابعيها.

فهبوط المستوى الفني في الدراما الخليجية يعود بشكل أساسي إلى تكرار المواضيع التي أصابت الجمهور بالملل، والسبب الرئيس ضعف الخبرات واعتمادها على كُتاب ومخرجين إما أنهم هواة لا يعرفون أبجديَّات الكتابة والإخراج؛ أو أنهم قد أفلسوا وقدموا كل ما لديهم، ولا يوجد أي جديد يمكن إضافته.

أما الخلافات بين الجيل القديم وجيل الشباب فهي معروفة ويعبر عنها دائماً بالتراشق الحاد والاتهامات التي تشمل التشكيك في النوايا والأخلاق، بل يعيش الجيلين (القديم والشباب) حالة من الأنانية والخلافات المستمرة مع دخول الطمع المادي على الخط عجل بدوره إلى تفكيك الثنائيات الفنية هذا الأمر أصاب تحديداً الدراما الكويتية والسعودية والتي بدأت بعمليات تصارع وحالات من الانقسام لكثير من ممثليها بل لم ينتهي عند هذا الحد؛ وتجاوزه مما أفقدها الحيوية والبريق الفني لجذب المشاهد.

وفي الجانب الموضوعي أغلب الموضوعات تدور في إطار ضيق خلافات عائلية وزواج وطلاق وعرض مخزٍ لكل مشاكل الأسرة بكل سلبياتها، وتغيب عن قصد القضايا العامة والكبيرة، أما جلسات الحديث الأسرى قائمة على عالم المال والتجارة وقضايا الإرث، وحديث النساء الفارغات شغلهن الشاغل التسوق من أشهر الماركات وبث مشاعر الغيرة القاتلة على الزوج أو من زوجة الابن وظهار الأرملة وكأنها تسعى إلى خراب بيوت صديقاتها المتزوجات.

وفي هذا المجال يدور الحديث منذ الحلقة الأولى وحتى الحلقة الأخيرة بحوارات مكررة وطويلة ومملة علماً أن الساحة الخليجية والعربية مليئة بالأحداث والقضايا والمتغيرات والسلوكيات الاجتماعية المتنوعة ذات الاهتمام الفني التي تكاد تكون مادة دسمة تغطي الكثير من جوانب التمثيل الفني بجميع ألوانه الدرامية.

ويقول الكاتب والناقد السعودي محمد السحيمي: إن هناك تطوراً هائلاً في تدهور الدراما الخليجية، وقال: "منذ أن قامت هذه المحاولات التي لا تمتّ للدراما والفن بصلة وأنا أنتقدها بشدّة، وأرى أن المجتمع سيفيق يوماً ويحكم عليها بالإعدام، ولكن للأسف ما حدث أن المجتمع أدمن هذه الأعمال، لأنه لم يرَ البدائل الجيدة".

وأضاف: "أكثر من 70 % من حلقات سيلفي 2 ومستر كاش وقبلهما طاش ما طاش كانت تعتمد على الإشكاليات مع هيئة الأمر بالمعروف، والآن وبعد التنظيم الجديد للهيئة لن يجدوا ما يكتبونه ويقدّمونه من خلال خلق هذا النوع من الصراع المجتمعي الذي كانوا يلعبون عليه طويلاً. ولماذا يقال إن «سيلفي 2» ناجح؟ لأن الناس أدمنته، وانشغل الجمهور بالأفكار عن العمل الفني، فهذه النوعية من الأعمال تعتمد على إثارة الجمهور لجذبه لمتابعة الفكرة وهو ليس عملاً فنياً، بل إن تلك الأفكار إذا تمّت صياغتها في مقال ستنجح أيضاً لأن الناس تبحث عن الفكرة".

ثلاثية الجنس والبلطجة والمخدرات

بكل وضوح إن مخرجي مسلسلات رمضان يخصصون إنتاجهم لإرضاء جيل عربي لا يعرف من الحياة إلا السهر والمزاج رديء الخُلق.. وصحيح أن مثل هذه المشاهد باتت منتشرة كثيراً في المواسم الماضية، إلا أنها تفشت بكثرة هذا الموسم 2016، إذ لم تخلو حلقة من حلقات دراما رمضان من حقنة مخدرة أو سيجارة حشيش أو عرض لمشهد جنسي جريء تحت شعار المساكنة بين الرجل والمرأة، التي قدمتها العديد من المسلسلات، ناهيك عن العنف الذي أصبح ظاهرة اعتاد على مشاهدتها الجمهور في رمضان.

فمن المشاهد التي رصدت وهي مكررة منذ سنوات مشهد الفتاة التي تنام في منزل شاب أعزب أمر عادي ولا يعاقب عليه لا قانون أو عرف أو شرع، وشرب السجائر بشراهة وكأنها وسيلة للتركيز والتخفيف من الضغط العصبي وخصوصاً في أوقات الأزمات أو بعد قضاء متعة حرام، والخلفيات في كثير من المنازل لزجاجات الخمر بأشكال وألوان زاهية مختلفة تحبب الجمهور بها، كل ما سبق وغيره عند القائمين على صُناع مسلسلات رمضان يكون تحت شعار الضرورة الدرامية، وهنا يأتي السؤال ما هي الضرورة الدرامية التي تدفع هؤلاء الفنانين إلى ممارسة أقذر الوسائل لعرض قضايا وإن كانت موجودة في المجتمع فهي نادرة، وما هي القيمة المضافة لطرح مثل هذه الأفكار؟

صورة المرأة في دراما رمضان قاتمة

ظهرت المرأة في الإعلام العربي وكان دورها وفق دراسات سابقة الترويج للسلع، وكائن مستهلك لا منتج من خلال تعزيز الصورة الاستهلاكية للمرأة، وهي إما ناجحة عملياً، أو ناجحة أسرياً هكذا هي الصورة العامة التي برع في إظهارها الإعلام العربي عموماً حتى في تحليل مضمون الإعلانات.

في دراما رمضان 2016 كما يتضح صُناع دراما رمضان مشغولون بتحرير جسد المرأة أكثر من انشغالهم بتحرير العقول من الجهل وتحولت الفضائيات العربية في سهرات رمضان من منبر لكشف الحقائق إلی منبر لكشف العورات.

لقد أبدع كُتاب المسلسلات في بيان التحرش الجنسي بالمرأة ليس بتقديم الحلول ولكن بشكل مفضوح شهواني قائم على تأجيج الظاهرة، وتداول أنماط سائدة في التعبيرات التي تركز على فاحش القول، لتدور عدسة المخرج وتبحث بين ثنايا الحارات الشعبية والشوارع الخلفية والملاهي الليلة بعدسة مقربة جداً عن تفاصيل الجسد الأنثوي، والنص المصاحب لها وبكل أسف ذو مدلول جنسي شهواني ينطلق من مفردات الغزل الشعبية المتداولة في كثير من تفاصيل حياة المدن العربية هنا وهناك.

حملت دراما رمضان 2016 صورة مقيتة سوداوية للمرأة برزت خلالها صورة المرأة سيئة الخلق تمارس الدعارة، والبلطجة فظهرت حسب دراسة الصندوق القومي للمرأة في مصر أشكال مختلفة للنساء منها المرأة الراقصة وفتاة الليل، والمريضة نفسياً، والمطلقة التي تخطف الزوج من زوجته، والمرأة العاملة غير الناجحة في حياتها الأسرية، وإظهار المشكلات النفسية التي تعاني منها المرأة، والكثير الكثير من مظاهر العنف ضد المرأة، سواء كان مادياً أو معنوياً أو كليهما معاً سواء بالإهانات اللفظية أو بالتعدي بالضرب، كما لوحظ معاناة المرأة من العنف المعنوي والقهر، سواء من الأسرة أو الزوج أو المجتمع.

الإرهاب ضيفاً بحكم الواقع

لأن الدراما لا تنفصل عن الواقع؛ ولأن العالم يعاني من الإرهاب؛ حل الإرهاب ضيفاً على دراما رمضان 2016، حيث ظهر على استحياء ضمن أحداث مسلسلين دراميين، وظهر بشكل كوميدي ساخر في برنامج مقالب.

ففي أحد المسلسلات يقول أحدهم بنبرات قوية: "لقد فتحت بيتك للنصارى وآويتهم وسمحت لليهود بأن يعيشوا بيننا".. وفي مسلسل آخر يتبع شخص إحدى الجماعات التكفيرية في سيناء دون مبرر واضح لوجودهم أصلاً.

وفي برنامج مقالب تطرق إلى قضية الإرهاب بشكل ساخر ويدور حول استدراج الضحايا لإحدى البنايات المهجورة، ليكتشفوا بعدها أنها وكر للإرهابيين ويطلب منهم بعد ذلك الانضمام لداعش والقيام بعمليات إرهابية.

برامج المقالب

برزت في الآونة الأخيرة العديد من البرامج المتخصصة في الترويج لثقافة الرعب علی هيئة برامج يقول القائمون عليها إنها مقالب، وحتى نكون منطقيين فإن هذه البرامج تروج لانتشار ثقافة الرعب في أوساط المجتمع وترسيخها في نفوس الكثير من المتابعين لها، وتمثل دناءة وسذاجة للوسائل الإعلامية التي تروج لها وتتبناها وفي شيء من التفصيل برنامج يحرق ضيوفه، فالأرقام التي انتشرت في وسائل الإعلام عن التكلفة مخيفة، ناهيك عن كل ضيف من هؤلاء الضيوف يسافر بالطائرة ومعه من يرغب من الأهل والأصحاب، وينزل في الفنادق الفاخرة، وكل هذا على حساب البرنامج، وبرنامج يُشهر السلاح في وجه الضيف ويدعوه لإصدار بيان وحوله مقاتلون يرفعون راية تنظيم الدولـــة ويشعر الضيف أنه اقترب من النهاية في حال رفض الأوامر ثم يتبين أنه مقلب وآخر يُدخل على ضيوفه أسداً...

أما إهانة الإنسان وتحقيره تحت شعار لنعرف ردة الفعل وهو أصلاً برنامج مستنسخ من برنامج أمريكي نال حظوة في المتابعة لكونه بدأ بحلقة الأب ومرّ على أصحاب الاحتياجات الخاصة والفقراء ووجد تعاطفاً شعبياً مع مَسس بكرامة الإنسان وخصوصياته.

ماذا شاهد العرب في رمضان 2016

الدراما أصبحت تجارة تلعب على مشاعر الجمهور وتحرك شهواته وصُناع الأعمال الدرامية يبالغون في المشاهد لجذب الجمهور بشكل أكثر، وتوسيع حدود دائرة الفساد القيمي وهذه الحدود تتسع عاماً بعد عام. في رمضان 2016 تم رصد وتحليل (40) مسلسلاً ضمن مسلسلات رمضان، وقد توزعت على النحو التالي:

Screenshot_2

وفيما يلي المخالفات التي تم رصدها... 

إجمالي المخالفات الجنسية في دراما رمضان 2016

Screenshot_3

إجمالي مخالفات المؤثرات العقلية في دراما رمضان 2016

Screenshot_4

إجمالي مخالفات العنف في دراما رمضان 2016

Screenshot_5

إجمالي مخالفات الجريمة في دراما رمضان 2016

Screenshot_6

إجمالي التجاوزات الفكرية والشرعية في دراما رمضان 2016

Screenshot_7

سلطة المشاهد

إن الفن إما أن يرفع من قيمة الدولة أو يعمل على انهيارها وهدم قيمها، والتركيز على السلبيات في الدراما يُعد خطورة كبيرة على جيل كامل ويهدد السلوكيات العامة، خاصة أن المسلسلات تتناول مشاكل المجتمع بصورة سلبية تؤثر عليه وتعطي رسالة سلبية للنشء بأن يأخذ حقه بالسلاح والقتل، فالنموذج المفضل الآن للبطل الشعبي الذي يأخذ حقه بيده ممارساً كل أشكال العنف والبلطجة وبعيداً عن سلطة المجتمع والدولة والقانون، أما الدراما النسائية فهي أيضاً لا تقل وقاحة وتنشر قيماً لا أخلاقية تمجد بائعة الهوى والراقصة أما الخيانة فمنذ سنوات وهي تقدم دروساً متواصلة في أُسس الانحراف.

إن ما يعانيه الإعلام العربي وصُناع الدراما فراغ ثقافي وديني كبير، وبدلاً من أن نملأه بقصص هادفة، نقدم مسلسلات تتضمن حواراً مبتذلاً ومشاهد تؤثر سلباً عليهم من خلال تقديس صورة البطل وإيجاد الذرائع للخيانات المتواصلة التي تقدمها المرأة في الدراما.

وكما اتضح فقد برع كُتاب دراما رمضان 2016 بتقديم نماذج شاذة ليُحتذى بها لتحقيق أعلى معدل مشاهدة وأعلى معدل لبيع الإعلانات دون مراعاة معايير وقواعد المجتمع وهذا بحد ذاته غير هادف بل يهدم القيم المجتمعية التي تربينا عليها، ومنها أيضاً ترسيخ في الأذهان أن المناطق الشعبية ما هي إلا لتجار المخدرات والأسلحة والبلطجية، والمحترم لا يمكن أن ينال حقوقه؛ في حين أن البلطجي يحصل على كافة حقوقه وهذا يؤدي إلى مزيد من التدني الأخلاقي في عقول وسلوكيات الجمهور.

وفق تلك الصورة السوداوية التي تم عرضها لا يبدو أن هناك بصيصاً في حدوث انقلاب في آليات عرض الأعمال الدرامية، وبات الجمهور وفق صُناع الدراما مجرد وعاء يمكن تعبئته بأي شيء، ولا يمتلك لا الإرادة ولا الوعي ولا الذائقة التي تؤهله لرفض ما يقدم له.

إن الحل الذي يمكن أن يقوم به المجتمع أن يضع سؤالاً عند كل مشاهده لأي برنامج ما المردود الفكري والإنساني من وراء المشاهد؟ إن نجح في الإجابة بصدق على هذا السؤال فقد تحققت سلطة المشاهد التي تساهم في تطوير جماليات تلقي الأعمال الدرامية من خلال ارتفاع الوعي الناقد لدى المشاهد، وعلى اعتبار أن مشاهدة المسلسلات لم تعد مجرد محطة للتسلية وتمرير الوقت، بقدر ما صارت ميثاقاً ومنهجاً للتعامل مع منتج يتحكم في وعي ووجدان المشاهد، إذ لا يمكن لمشاهد أن يحيّد خبراته عند مشاهدة عمل ما، والاستسلام الكلي لما يمليه عليه مخرج العمل.

إن تعزيز سلطة المشاهد الواعي يمكن لها أن تحاكم أي عمل فني من خلال الخبرات التراكمية التي اكتسبها من المشاهدة وتحليل النص والصورة والدلالات التي تجمعهما، ثم مراجعتها وفق نسق الأفكار والقيم التي يتضمنها المسلسل من خلال ما هو موجود في المجتمعات والقيم التي تأسس عليها.

 
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook