الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

برامج المقالب في الفضائيات العربية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

الترفيه فن وصنعة قائمة بذاتها، ولكن في الإعلام العربي عندما سيطر على الإعلام عدد من المهرجين الذين أخذوا من السذاجة وسيلة للتعبير عن مكنونات نفسياتهم أصبح ترفيهاً سلبياً مقيتاً.

اضافة اعلان

وفي لمحة حول البرامج التي قدمت خلال الأيام الماضية وتحول شهر رمضان إلى شهر تخمة من كثرة برامج الترفيه والمسلسلات - 170 مسلسلاً - نجد أننا أمام عدد من المشاهد التي يرفضها العقل البشري الطبيعي، فالأمر بسيط لوقف هذا التهريج ويحتاج إلى محامٍ لرفع دعوى وقاضٍ لوقف هذا التهريج في سماء الإعلام العربي، فمثلاً في رامز بيلعب بالنار والذي يقدم فيه تجاوزات عديدة مليئة بالرعب يقول صاحب المقالب: أنا أستمتع بمنظر الناس وهي تحترق؛ أي هم أو إنسانية يحملها هذا البرنامج والوسيلة الناقلة لهذه إلا نشر الخراب؟!

وآخر يسير في الأدغال ثم يخرج علينا أسد بيد أو رجل بشرية، وآخر يطلب من الجمهور القيام بتصرفات لا منطقية لا تراعي الذوق العام كأن يلبس رجل ملابس باليه ويسير في شوارع القاهرة، أما أغربهم فهو محاكاه تصرفات داعش بكل ما حملت من قسوة ودموية ضمن برنامج تلفزيوني، وكأن القتل وتمثيله والرعب في العيون وسيلة للضحك، هذا البرنامج وصفته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أبشع برنامج تلفزيوني في التاريخ.

مثل هذه البرامج التي تقوم على إرهاب الضيف وحبس الأنفاس، مع اختلاف الوسيلة في البر أو البحر أو على طائرة في الجو، كلها تهدف إلى إحداث شرخ وإعادة إنتاج مفردات القتل والدم والرعب بصيغة فكاهية عبر إعادة تكرار الكوابيس، وتمرير الأفكار الساذجة والعنيفة بدءاً من الرعب وحتى القتل على يد داعش بتسطيح الفكر الحاضن لداعش، ليس في عقول الضحايا فقط، وإنما في عقول المشاهدين والنقل المجاني لدمويتهم.

استخدام أساليب ترهب الضيف وتعرضه للخطر المباشر الذي قد يعرض حياته للخطر، ووضعه في أجواء الرعب والموت والعنف يؤثر بشكل مباشر على المشاهد والنقلة السلبية لتلك البرامج من جو طريف يبهج القلب إلى أجواء التعذيب النفسي للإنسان، واستخدام العبارات والأساليب المهينة في جو سخيف دون مراعاة للعواقب في سياقها العام هو ما يجب التنبه له.

وأصحاب الدراسات الاجتماعية والنفسية يؤكدون أن برامج المقالب بالطريقة العنيفة أعلاه "جريمة"، ولها تأثير خطير على الأطفال مقابل آلاف الدولارات وكم شتيمة يتعرض لها المقدم، والغريب أن كل عام تجد عدد المشاركين في هذه البرامج في ازدياد وبعضهم يتكرر في أكثر من برنامج، وكأنه احترف مثل هذه النوعية من البرامج نظراً لارتفاع الميزانيات المخصصة لها.

الأزمة الحقيقية أن هذه النوعية من البرامج بالفعل فقدت صلاحيتها، ولكن الفضائيات مصممة على أن تكون ضمن خطة برامجها رغم الملايين التي تنفق عليها، وهو ما يؤكد أن الفضائيات لم تعد تبحث عن تحقيق متعة للمشاهد بقدر سعيها خلف وكالات الإعلانات الداعم الأكبر لتلك البرامج السطحية.

وأخيراً إن كانت دار الإفتاء المصرية طالبت بوقفها لأن الشريعة الإسلامية نهت عن ترويع الآمنين، حتى ولو كان على سبيل المزاح أو باستخدام أداة تافهة أو بأخذ ما قلَّت قيمتُه، واستشهدت الإفتاء، بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لَا تُرَوِّعُوا الْمُسْلِمَ فَإِنَّ رَوْعَةَ الْمُسْلِمِ ظُلْمٌ عَظِيمٌ”. فلماذا تبث إلى الآن.. وسؤال بسيط لأصحاب الفضائيات العربية والقائمين على ميثاق الشرف الإعلامي العربي في الثلاث سنوات الأخيرة تحولت برامج المقالب من الضحك إلى الطابع السادي المعنف.

باسل النيرب

[email protected]

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook