لا يفصلنا عن إجازة نهاية العام سوى أيام قليلة، بعد عام من الجد والاجتهاد، سيثمر بإذن الله عن تفوق ونجاح لكل مجتهد من الطلاب.
وستبدأ إجازة تعتبر الأطول منذ عشرة أعوام، حيث تقارب الأربعة أشهر من الفراغ التام للطلاب، وهذا ما قد يعود سلباً على شبابنا، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس الصحةُ، والفراغ)، مما يعني بأن كثيراً من الناس يذهب وقته وصحته هباءً إذا لم يُستفد منها بالشكل المناسب.
وهنا تكمن الخطورة على شبابنا في هذا العصر التكنولوجي الذي فاق كل الحدود بمساوئه رغم إيجابياته، وهذا ما يجعل الأسرة في دوامة كبيرة لا تستطيع التحكم في وقت أبنائهم وبناتهم بالطريقة الصحيحة في هذا الميدان ولوحدهم، مما قد يساهم في ضياعهم فكرياً ومعنوياً.
المجتمع ككل مسؤول عن مليونيّ طالب إن ما زادوا عن هذا العدد الذي يعتبر كبيراً جداً، والذي يحتاج مشاركة أسرية ومجتمعية للحيلولة من وقوعهم في متاهات الحياة المختلفة بسبب أوقات فراغهم.
هنا نتساءل، هل ستقدم المؤسسات الاجتماعية بمختلف مسمياتها جهوداً لملء وقت فراغ أبناء هذا الوطن ومستقبله، ببرامج متنوعة، وبشكل مكثف، ومُيسر للاشتراك به؟!، أم سيقف البعض ويُدير ظهره وكأن هذه الطاقة من الشباب لا تعنيه، بالرغم من أن الشباب في هذا الوقت من الفراغ يعيشون وقتاً وفرصة تُتيح لتهيئتهم عملياً وفكرياً ومُجتمعياً لخدمة دينهم ووطنهم، وليستفيدوا أنفسهم مما أتيح لهم من مجتمعهم.
سنقف بلهفة وشوق في انتظار ذلك المجهود من المجتمع ليُبرز كفاءته في إدارة دفة الشباب نحو التسلح بالفكر المعتدل والحفاظ عليهم من مغبات ما يكون دخيلاً عليهم من تلك التكنولوجيا التي قد يقف وراءها أعداءٌ لنا، والتي ستكون لهم بالمرصاد في هذه الأوقات المهمة والخطيرة على شبابنا وعلى مجتمعٍ كامل.
وندعو أنفسنا وكل أسرة مهتمة بأبنائها للوقوف بكل جد لحماية أبنائهم بمساعدتهم في ملء وقت فراغهم بكل مفيد وما قد يعود عليهم بالإيجاب سواء للأسرة نفسها أو لوطنهم.
إنه ينتابني قلقٌ وخوف من أن يتناسى المجتمع أبناءهم وبناتهم في عمق البحار المظلمة وطوفان الفراغ الجامح، الذي قد يكون هلاكاً لا رجعة فيه.
